عمالة الأطفال بين الحاجة والظلم الاجتماعي
[c1]قهرهم الاجتماعي سيحول دون ان يصبحوا أعضاء ً فاعلين في مجتمعنا[/c]لقاء /نبيلة عبده محمدالكثير من بلدان العالم المتطور تعمل مأمن شأنه الحفاظ على الأطفال، وتوفير مايمكن لهم ليعيشوا طفولتهم بشكل سوي،ومرحلة مراهقتهم في حياة سوية، وينالوا حقهم المشروع من التعليم والعيش بأمان في مجتمعهم ووسط عائلاتهم.. وتلك هي من الحقوق الإنسانية المشروعة لحياة الطفولة ومرحلة المراهقة لان ذلك حسب ما أكدته دراسات علم النفس ينعكس على مستوى وعي الفرد العقلي والسلوكي فيما بعد.. ولأن تلك المجتمعات تدرك أن ذلك الطفل الصغير ليس شيئاً يستهان به وإنما هو في حقيقة الأمر يشكل اللبنة الإنسانية لبناء المجتمع. وبعد حين يصبح الطفل شاباً نافعاً ثم رجلاً مساهماً في بناء المجتمع، فإنه ينصب اهتمامهم في بناء الشخصية الإنسانية السوية البعيدة عن أسباب العقد والمعاناة التي تنعكس فيما بعد في سلوك الإنسان وتصبح خللاً نفسياً خطيراً قد يقود إلى الانحراف أو الانتحار .ونحن في البلدان النامية ومنها بلادنا مازالت حياة الأطفال تعاني من عوامل الظلم الاجتماعي.. وتحت دواعي الحاجة والفاقة يصبح الطفل في بلادنا هو الضحية حيث اتضح ان كثيراً من الناس لم يعيشوا طفولتهم بشكل سوي إذا جبرتهم الظروف الخارجة عن إرادتهم إلى ان ينضجوا مبكرين وتصبح على عاتقهم أعباء ثقيلة .هذا ما اتضح لنا من خلال سؤالنا لبضعة نفر من رجال عاشوا مرحلة ماقبل الثورتين المباركتين، هي مرحلة الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن ومرحلة الحكم الأمامي في شمال الوطن.. حيث عانى فيها اليمنيون أسباب الظلم الاجتماعي والقهر، ولم تكن هناك عناية أو اهتماماً بحياة الطفولة وهي مرحلة قد عفى عليها الزمان بقيام الثورتين المباركتين ولكن في الوقت الحالي حسب اجابانهم ومازال هناك كثير من الظروف.والأسباب التي لم تجد العلاج بعد وتكون سبباً في حرمان الأطفال في بلادنا من حقهم في حياة طفولتهم بسلام ومرحلة المراهقة بصورة سوية وحصولهم على حقهم في التعليم وحقهم في المشاركة والإبداع في العملية التعليمية وحقهم في العيش بين أسرهم عيشة سوية وفي مجتمعهم بشكل سوي هذه الأسباب سنحاول عرضها في تحقيقنا الآتي من خلال لقائنا بعدد من الأطفال القاصرين في السن التي أجبرتهم الظروف القاهرة على حرمانهم من عيش طفولتهم بشكل سوي.. بل أصبح منهم من هو رب أسرة ومنهم من اجبر على أن يكون ربه نفسه ويعيلها ومنهم مشردون يتوسلون للعمل في المطاعم والمقاهي والمخابز والأفران ومسح السيارات والبناء وبيع الخضرة أو في البقالات أو في البلدية مقابل حفنة من الريالات لاتسمن ولاتغني في جوع، بل أن بعضنا مهم أصبح عرضة للاستغلال من بعض أرباب العمل فيعطوهم اجوراً متدنية، أو يتركوهم يعملون مقابل لقمة عيشهم فقط!!هذه الظاهرة الاجتماعية سنعرفها في تحقيقناً الآتي من خلال لقائنا بعدد ممن تسن لنا اللقاء بهم، وكانوا حريصين على عدم اخذ صور لهم خشية من ان يتعرضوا للعدوان او الفصل والاستغناء من أعمالهم التي يرونها مصدر دخل لحياتهم، وشيئاً أفضل من حياة التشرد والتسكع مع الحيوانات الضالة وحياة الضياع الذين أصبحوا يشعرون ويحسون إنهم يعانون منه فإلى هذا التحقيق لعكس الصورة وبيان الحلول والمعالجات لهذه الظاهرة.[c1]* تركت قريتي وجئت لاتعيش[/c]أصبح معتاداً لدى الكثير أن يرى اطفالاً في مقتبل العمر يعملون في المشارب والمقاهي والمخابز والبناء رغم صغر سنهم فان على وجوههم تظهر علامات الشيخوخة والكبر ومن ذلك رأينا احد الأطفال الذي اتضح فيما بعد انه درس إلى الصف الرابع الابتدائي فقط ولم يكمل نتيجة لظروف اجتماعية صعبة سبتها حالة الطلاق والانفصال بين أبويه حيث تركهم أبوه وتزوج بأخرى وأصبح الطفل محمود القدسي رب الأسرة ومعيل لأمه وأخت وطفل في السنة الثانية رأيناه يمسح طاولات المخبازة والعرق يتساقط من جبينه وبضعة أطفال يشتغلون معه في أعمار متفاوتة من ألسنه الثانية عشرة حتى الخامسة عشرة منهم من يسمح الطاولات ومنهم من يغسل الصحون والأكواب ومنهم من يقدم الطعام للزبائن.. فالتقينا بأصغرهم سناً وهو محمد سعد الذي قال: جئت من قريتي في قدس من شان أتعيش واطلب الله وأوفر لقمة عيش كريمه لأمي وأخواتي رغم إني صغير ومادرست إلا إلى الصف الرابع فقط ولكني أحسن إني كبير واهم المصاريف، اشتغل في هذه المجنازة لي شهرين وماحول الله من صاحب العمل ارسلة للوالدة ويقطع منه مصروفي واكلي في المجنازة.[c1]سألناه... متى تبدأ العمل وتنتهي منه؟! [/c]أجاب: أبدأ من صبح الله حتى الساعة الثالثة والنصف لما تخلص النوبة وبعد يناوبوا آخرين إلى الساعة عشر مساءاً.[c1]*كم يعطيك صاحب العمل اجر مقابل عملك..؟[/c]تردد ولم يجيب ثم أضاف زيما أصحابي هو صاحب العمل وإحنا نرضى ولانخرج ومافيش إعمال يالله إني حصلته.ولكن من سؤالنا لاحد أصحابة بعد تعهدنا بعدم كشف اتضح أن صاحب العمل (المخبازة) يعطيه(ثمانية) إلف ريال يقطع منها(ثلاثة) إلف ريال يقول مصاريف ويسلم له خمسة إلف ريال.. علماً انه فيما بعد.اتضح انه أصبح وهو في هذا السن يتعاطى القات والشمة ويدخن سجائر.[c1]سألناه: لماذا ذلك وأنت مازالت صغير السن .[/c]أجاب: من شان أنشط وأتقوى على العمل إما الطفل سعيد عبدا لله في السنة الثالثة عشرة من العمر رأيناه يعمل في غسل الأكواب والصحون في احد المطاعم وحبات العرق تتساقط من جبينه وقد أصبح نحيلاً وغابت على محياه طراوة وبراءة الطفولة وحلت محلها السمرة والنحافة الشديدة.. شعره أجعد منفوش وعليه اثر الصابون وثيابه متسخة..[c1]سألناه: من أين جاء وكيف أصبح؟[/c]أجاب: إنا درست إلى صف ثالث ورسبت ثلاث مرات قلبي أعمى أهلي ضربوني.. وبعد ما عجزوا قال لي أبي : اشتغل على بطنك ، طردني وماكان معي إلا أسافر واشتغل مع عمي في هذا المطعم الذي اعمل فيه.[c1]سألناه: متى يبدأ دوام العمل ومتى ينتهي؟[/c]أجاب: من بعد صلاة الفجر نبدأ نجهز المطعم إلى الساعة ثلاث أو أربع العصر.. كل هذا وإنا داخل اغسل القلاصات والصحون والملاعق.. الخ وإذا خلصت امسح الامياز.المهم شغل واصل وفي نهاية اليوم أروح إلى الغرفة الذي أعيش فيها .. اسقط وأنام مثل الميت من التعب .[c1]سألناه: كم يعطيك عمل أجره؟![/c]أجاب: عمي حذرني بان لا اخبر احدأ.. عن الراتب المهم انه يعطيني فلوس اجزع حالي فيها..[c1]إما الطفل مراد عبده في السن الحادي عشر يعمل عامل بناء؟[/c]وعند مرورنا لإحدى العمارات التي تبنئ رأينا طفلاً متسخ الثياب مجدول الشعر في شدة حر الصيف يسمح العرق وبيده دلو فيه آثار اسمنت واخبرنا ان اسمه احمد علي درس الى الصف الثالث ورسب مرتين وأصبح المعيل للأسرة لان أبوه تقاعد وانه اشتغل ( بالجوكيير) يحمل صيد من القارب الى مكان الصيد وكان يبدأ العمل الساعة أربع صباحاً حتى وقت الظهر واخبره بحالة وأصبح يشتغل في حمل الاسمنت او البردين.. المهم حسبما ذكر شغل يبدأ الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة الثانية ظهراً، واخبرنا انه يلاقي أجره باليومي .. لكنه يقول انه يمشي حالة فيها.. ولم يوضح لنا كم مقدار مايلاقية من الاجره .ومما أجرينا تحقيقاً فيه وهي ظاهرة عمالة الأطفال في بلادنا اتضح أنهم يعانوا من الاستغلال والظلم في حقوقهم بعيش طفولتهم بأمان وسلام وأحقهم في إيجاد أسباب المناخ المناسب والملائم للتعليم اوباستغلال قوة عملهم بالرغم أنهم مازالوا قاصرين