نافذة
بدأت الدراسة قديماً بالكتاتيب وهي عبارة عن حجرة صغيرة ومتواضعة وهي جزءٌ من بيت المُعلم ويجلسون على ما يسمى بالقاعودة المصنوعة ُ من الحصير وكربُ النخيل ويقوم ذلك المُعلم بتعليم هؤلاء الناشئة الحساب والبسملة والخط والإملاء والقرآن الكريم وتجويده ،. وكان دوامهم منذ بزوغ الشمس حتى صلاة العصر يتخللها فترة ٌ قصيرة للراحة لأداء الصلاة والغذاء في بيوتهم مع ذويهم، كان التعليم قديما متواضعا جدا وبسيطا لكن كانت توجد ألفة ٌ كبيرة بين التلميذ ومُعلمه وكان ذلك المُعلم يفرضُ احترامهُ وشخصيتهُ القوية على طلابه كنا نخشى المُعلم ونهابُه ونحترمه وترتعد فرائصنا عندما نراه ونحُبه في آن ٍ واحد.وكان المُعلمُ يحببّنا في المدرسة بشخصيته القوية وحُبه للعلم والعلماء، كان ذلك المُعلم يحملُ أفكاراً تربوية في الجانب المَعرفي والإنساني وكان يعطي الطالب فرصاً للنقاش وإبداء الرأي والإصغاء إليه والتعامل معه كرجل وكان همه تأسيس وصنع السلوك الأفضل وزرع الآمال والأحلام والمسؤولية في نفس الطالب، وكان المعلم في جيلنا القديم قبل حوالي(20) عاما يحيط به ُطلابهُ في الفصل كأبنائه وهو يصّحح الدفاتر والواجبات اليومية ويعاتبنا على أخطائنا بشكل ٍ مُهذب ويعلمنا الصواب من الخطأ.كنا نجدهُ في أعيننا الأب الثاني والمرّبي الفاضل العطوف والقدوة ُ الحسنة كان يشرحُ ذلك الدرس فعلا ً من ضمير وإخلاص وحب ٍ للمهنة وكان يسعى إلى تغيير السلوكيات السلبية والبحث عن التشجيع والتفاؤل لدى الطلاب كنا نجد الابتسامة دائمة على وجهه ولا يلجأ للغلظة والقسوة بل كان يستخدم باب الحُب والتفاني وأسلوب التعاون وكنا نقلدّه في بعض الأحيان من حبنا له و كان يملؤنا المرح والسعادة ُ المُفتقدة حاليا في المدارس وكنا نتسابق على مسح السُبورة ولا نعرفُ التقاعس والكسل ونتنافس على إلقاء أفضل أنشودة في إذاعة المدرسة ٍ، كانت البساطة والتواضع أجمل شيء الكلُ يخافُ على الآخر، كنا نجدُ السعادة الكبيرة عندما نهتمُ بتنظيف الفصل الدراسي أو الصف بمعنى اصح ونغسله ونسعى إلى ترتيبه في نهاية الأسبوع بتعاون ومشاركة المعلم وتوجيهاته ونبتعد عن التكلف ولا نعتمد على فراش المدرسة وعمال النظافة، كنا نضرب في بعض الأحيان الضرب التأديبي البسيط غير المُبرح لعدم حل الواجب مثلا ً أو المشاغبة في الفصل أو لعدم الإنضباط والتأخير وغيرها لكن تعلمنا كيف نحترم ذلك المُعلم ولا نجهل حقوقه ونكن له كل ود ٍ وخضوع، كنا إذا دخل علينا المعلم نقف جميعنا إجلالا ً واحتراماً له كما قال الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا.