يخطئ من يظن أن الحوثيين أو الحراك الجنوبي أو حتى تنظيم القاعدة يشكلون خطراً على مستقبل اليمن أو توحده أو تفككه فهناك ماهو أخطر على اليمن من التوقعات أو الخلافات السياسية التي بالإمكان حلها في أقرب فرصة توافق لتسوية الملعب السياسي بالشكل المطلوب بين مختلف الأطراف ألا وهي أزمة المياه .وأبدو في هذا الإطار متوافقا مع من ذهب إلى التحذير من هذه المخاطر عميقة التأثير كارثية النتائج ، في الوقت الذي تنشغل فيه معظم القوى السياسية في مجالات بعيدة عنها كتلك السياسية التي تتحين فرصة التسوية المشار إليها ، غير عابئة بما تعنيه خطورة شحة المياه أو خطورة ضعف الأمن الغذائي على اليمنيين .إن الخوف الأكبر يكمن تحت الأرض حيث حوض صنعاء على حافة النفاد خلال 10 إلى 15 سنة ويجري حاليا استغلال أحد مكامن المياه الجوفية العميقة للغاية في حوض صنعاء ما يتطلب حفر آبار يصل عمقها إلى 1000 متر - كما هو حال كثير من المناطق الجبلية اليمنية - ومنها تعز وإب التي ستصبح في وقت قياسي تتمنى شربة ماء في ظل عجز اقتصادي لن يقدر على إيجاد البدائل المتمثلة في تحلية مياه البحر أو نقل المياه الجوفية لمسافة كبيرة تتراوح بين 100 إلى 700 كم.وتقول المعلومات إن المستهلكين في صنعاء لا يتلقون المياه من شبكة الأنابيب المحلية إلا مرة واحدة كل أسبوعين ، وفي تعز لا يتم التزويد بالمياه سوى مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أسابيع ، ومن نسبة المياه المستخدمة لأغراض الري والتي تبلغ 90 % فإن نسبة كبيرة جدا تذهب لزراعة القات ، الذي قال عنه وزير الزراعة الدكتور منصور الحوشبي إن اليمن ستسمح باستيراده ، أي القات ، من الخارج - وبالذات من الحبشة - شاءت ذلك أم أبت مؤكدا أن الحكومة بصدد اتخاذ قرار بمنع التوسع في زراعته . (مجلة «محطات» اليمنية, ع 2, مارس 2010) .فمشكلة المياه لن تحلها تسوية سياسية ، وإن كانت مطلوبة ، ولا اقتسام كعكة المصالح . وهي صرخة نطلقها قبل مرور عجلة الزمن التي لا تعرف الدوران إلى الخلف ، كما أنها صرخة أتمنى أن تدوي في عمق الضمير الإنساني اليمني في ترشيد السلوك نحو الشعور بخطر من هذا النوع يبدو في حاجة ماسة إلى توعية العقلية المجتمعية للمساهمة في إيجاد الحلول الضامنة لتفادي مآسٍ غير متوقعة .ومن هذا المنطلق ، فإن على اليمنيين ، وعلى الحكومة اليمنية تحديدا التفكير جيدا في تأمين الأمن المائي إضافة إلى الأمن الغذائي ، حيث تواجه اليمن شحة المياه وقرب نفادها النهائي وتمدد زراعة القات على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى إضافة إلى الاستهلاك العظيم الذي تتطلبه شجرة القات من أجل أشداق عشرة ملايين يمني مخزن ، على أقل تقدير . وكما قال جبران خليل جبران “ ويل لأمة تأكل مما لا تزرع.. وتلبس مما لا تصنع “ !! .[c1][email protected]
أخبار متعلقة