الاسلام وقضايا المرأة
أول الأسس المطلوبة لبناء أسرة سعيدة هو أن يكون الزواج بناء على الرغبة المتبادلة والاختيار المطلق والرضا الكامل حتى يمكن أن تكون هناك حياة مستقرة يأنس كل طرف فيها إلى شريك حياته ورفيق عمره، وإذا كان الرجل يتمتع إلى حد كبير بحرية اختيار شريكة حياته فإن المرأة كانت ولاتزال في بعض المناطق تحرم من هذا الحق، فهي واقعة تحت رحمة أبيها أو ولي أمرها في أهم قضية تخص حياتها ومستقبلها، السؤال الذي يطرح نفسه هل للمرأة الحق في الشريعة الاسلامية في اختيار شريك حياتها؟ وهل للأب سلطة أن يزوج ابنته البالغه بمن لا تريده وما حكم الشرع في ذلك؟ هذا ما سنوضحه في السطور اللاحقة:إن الآثار النبوية في هذا المجال تدل أن الأب لا يملك اجبار البكر البالغة على النكاح، وهو ما ذهب اليه وأكده كثير من الصحابة والتابعين والأئمة، منهم عمر وابن عباس وأبى موسى وأبى هريرة وجابر وابن عمر ومالك وغيرهم (روى عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وأذنها صمتها) اخرجه احمد.فالنبي أمر بالاستئمار وجعل سكوتها اذنا منها، فمن جوز نكاحها من غير استئمار منها ولا أذن فقد خالف النص. فالنبي بسنته قد اكد الادلة الصحيحة الصريحة القولية والفعلية حق المرأة في اختيار شريك حياتها وأبطل سلطة الأب في اجبار ابنته على الزواج ورد الأمر اليها حتى بعد ان تم زواجها، لان الزواج القائم على الاكراه يعتبر باطلا في نظر الشريعة الاسلامية. وقد وصل الامر في عهد النبي إلى ابعد من ذلك إذ لم يعد من حق المرأة ان ترفض أو تقبل من يختار لها ابوها زوجا فحسب بل اصبح من حقها ان تختار الرجل الصالح الكفء وتعرض نفسها عليه إذا رغبت فيه دون أن يكون في تصرفها هذا ادنى استنكار من رسول الله ومن اتباعه وممن فهموا رسالة الاسلام بعد ذلك، رغم أن النظرة العامة لازالت اليوم تعتبر أن ذلك لا يليق بالمرأة نتيجة للعادات والتقاليد وليس لتعاليم الاسلام .