كيف سيغير العلم حياتنا في القرن الواحد والعشرين؟!
محمد علي صالح:مطالعة وجه التقدم العلمي.. وكيف سيغير العلم حياتنا في المئوية الأولى من الألفية الميلادية الثالثة بحزمة "رؤى مستقبلية" من نافذة العلم كانت حاضرة في القراءة الجادة التي استغرقت من حامل (نوبل) المؤسس "لنظرية الأوتار الفائقة الدقة"..عالم الفيزياء الأمريكي :"ميتشيو كالو" أكثر من عشر سنوات من العمل المتواصل في حقول وميادين العلم والمعرفة " مختبراتها .. أبحاثها .. تجاربها استطاع خلالها التحدث إلى واستقراء رؤى أكثر من 150 عالماً حول المستقبل تلك المطالعة والقراءة والرؤى قدمها عالم الفيزياء (ميتشيو كالو) للقارئ بأسلوب بسيط وشائق – في كتاب – ليضعه أمام جملة من حقائق ومجريات واحتمالات التطور التي سيسلكها التقدم – من نبعها العلمي – خلال القرن الـ (21)..!!.التقدم الذي يسلكه العلم لمئة عام حدد عالم الفيزياء ملامحه في وجه الثورات الثلاث المتعاهدة على بعضها البعض! في الكمبيوتر والجينات والذرات واعتبرها مصدر انطلاقة لعمله العلمي الموسوم برؤى مستقبلية الذي يقع في (464) صفحة وأربعة أجزاء موزعة على (16) فصلاً ومقدمة وخاتمة .. حرصت سلسلة عالم المعرفة على تقديم نسخة مترجمة منه للقارئ العربي حملت الرقم (270) من سلسلة كُتبها الشهرية وبتوقيع "سعد الدين خرفان" ومراجعة محمد يونس رأث النور في منتصف العام الأول من العقد الأول من القرن الحالي الـ (21).يسرنا في هذه التناولة تسليط الضوء على بُعد الأهمية الذي حملة ذلك العمل العلمي للقارئ وللمستقبل وللفكر الإنساني وخاصة أن الحقبة التي تتكشف معالمها اليوم هي من أكثر العصور إثارة وسوف يسمح عصر الاكتشاف في العلم للبشرية بأن تقطف ثمار ألفي عام .. ويمكنها من الذهاب إلى آفاق عصر جديد للسيطرة على الطبيعة..!!بعد الأهمية الذي تقدم إليه: عالم الفيزياء الأمريكي جاء من أطراف الإنجازات الهائلة التي تحققت في حياة البشرية في القرن الماضي ومن أرضية التقدم الذي أطلقة العلم في مجالات الهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي وجزيئات الزمن الذري..!!الإنجاز العلمي الذي تقدم إليه من أطراف زمن اليوم المجر بأجنحة الضوء للإمساك "برؤى مستقبلية" من نافذة العلم المتصل بكامل الخبرة والمعرفة التي تعود إلى ماقبل خمسة آلاف عام من عمر التاريخ المدون... كان التقدم إليه مهيباً وتشبيهاً بالمغامرة الاقتحامية غير محمودة العواقب .. ومرادف لمصاعب شتى والعجز المركب لاعتبارات عديدة .. إلا أن إدراكه لأهمية الذهاب إلى اقتطاف ماتيسر من الرؤى الذي أنطلق من أرضية الاقتحام لأسوار الماضي والحاضر.. والإلمام بحقائق التطور .. والارتسام في بعد اللحظة المتحركة بشفافية .. وفي معطيات الإجابة عن سؤال المستقبل.أستوجب منه قبل ذلك الانطلاق إلى سبرغور الحقيقية التي تعود جذورها إلى أكثر من عشرة بلايين سنة وامتداداتها إلى ما يزيد على تريليوني سنة مجرة ومئات الملايين من الأنجم في درب اللبانة ليس إلا.. سبرغور الحقيقية التي يريد إنسان اليوم اختزالها بمسعى تدميري للقضاء على الحياة البشرية حيث تعني عليه – في ذلك الانطلاق – الاستعانة بسجل حافل من الاختراعات والاكتشافات العلمية الهامة لفيزيائي القرن العشرين للإجابة عن سؤال المستقبل التي بدأت من اختراع الترانستور، والراديو، والليزر، والتلفزيون، والكمبيوتر، والنظم الاتصالية الحاملة لثورة المعلومات وأطوال الموجات إلى فك الشفرات الوراثية الجينية المتحكمة بالحياة الإنسانية..ولايسعنا في حضرة ذلك المعطى إلا أن نقول بأنه رغماً عن ذلك السجل الحافل بالاكتشافات العلمية إلا أن الإجابة عن سؤال التطور والمستقبل ما تزال تراوح في دائرة العجز غير قادرة على بلورة رؤية حقيقة لسؤال الغد!!زد على ذلك أن تكدس المعرفة الذي يزداد في حياتنا بمتوالية ضوئية لم يستطع حتى اللحظة توصيل إنسان اليوم بكامل الخبرة الإنسانية التي يعود تاريخها بالألفي عام الماضية فقط..!![c1]العلماءنافذة الرؤى .. وحكمة وفراسة[/c]من نافذة البداية (للرؤى) يطالعنا المؤلف بنظرة إلى المستقبل غير المحدد للعلم والتكنولوجيا .. إلى مئة عام ومابعدها .. وحرص على التأكيد فيها بأن عملاً بمجال مناسب وعمق ودقة لازمني لتلخيص التقدم العالمي السريع والمثير لايمكن أن يكتب دون حكمة وفراسة العلماء.ومن نافذة البداية ذهب ليحدثنا عن آفاق المستقبل بحزمة رؤى تناولها على ثلاثة أجزاء .. ناقشت في الجزء الأول المهمة التي تنتظرنا من ثورة الكمبيوتر التي بدأت منذ مدة تغير شكل الأعمال والاتصالات وأساليب حياتنا .. وتوجهت في الجزء الثاني إلى الثورة التي يشهدها علم البيولوجيا الجزئية التي ستعطينا في النهاية القدرة على تعديل وتخليق أشكال جديدة للحياة وصنع أدوية ومعالجات جديدة.وركزت في الجزء الثالث والأخير على الثورة الكمونية التي ربما كانت في نظره من اكبر الثورات الثلاث عمقاً والتي ستعطي التحكم بالمادة ذاتها.[c1]ثورة الكمبيوتر[/c]البداية:-لم يكن بمقدور أحد –حينذاك الوقت –أن يتخيل أن تلك الأفكار التي استعارتها شركة (آبل) من معهد "بالو" للأبحاث ستؤدي إلى صناعة كمبيوتر (ماكنتوش) .. والتي تلك الطفرة في صناعة تكنولوجيا الكمبيوتر وأن تلك الأفكار ستتبنى مرة أخرى من قبل مؤسسة (مايكروسوفت) في برامج النوافذ.. تلك الطفرة التي قادت مؤسسات عملاقة في صناعة الكمبيوتر إلى مغادرة القمة مثل "آي . بي .أم" و "يجيال" .. والتخلي عن دورها الريادي .. بعد أن تذوقت طعم مرارات الإفلاس .. مفسحة المجال أمام مؤسسات أخرى صعدت إلى قمة النجاح في سرعة البرق .. وتظهر المفارقة بجلاء في وضعي حجم "كلارك" البليونير المؤسس لشركة (ينتسكيب) الذي ارتقى إلى قمة النجاح في (18) شهراً من تأسيس شركته.. بينما تطلب ذلك من (بيل غيتس) الشريك المؤسس لشركة (مايكروسوفت) الوصول إلى وضع البليونير (12) عاماً.!!وصناعة الكمبيوتر التي عرفت تصنيع أول كمبيوتر شخصي عام 1972م أي قبل ثلاثين عاماً الذي بنى في معامل (بالو التو) للأبحاث التابع لشركة (زيروكس) الأمريكية لم تستأثر باهتمام الناس إلا في أواخر الثمانينات وبعد انتهاء حقبة الحرب الباردة حيث استغرقت فكرة التصنيع من النشأة وحتى دخولها السوق حوالي خمسة عشر عاماً.صناعة الكمبيوتر التي أصبح الإبحار فيها رحلة ممتعة ومثيرة من الاكتشاف يتوقع بأن تحمل للإنسانية قدرة خارقة من التنبؤ بمستقبل يتوقع بأن تكون صناعة الكمبيوتر كلية الانتشار بحلول 2010م ومهيمنة كلياً على حياتنا بحلول عام 2020م.وفي هذه المرحلة من مراحل تطور صناعة الكمبيوتر يمكن تسميتها بمرحلة إدخال الذكاء الاصطناعي في أنظمة الكمبيوتر والتي ستكون فيها القدرة الحاسوبية مجانية ولا حدود لها.. وسوف يكون في هذه المرحلة بوسع الأجهزة الخفية الإحساس بالعامل من حولها بالصوت والطيف الكهرومغناطيسي.ويمكن لنا التفاعل معها باستخدام إشاراتنا وأصواتنا وحرارة أجسادنا وحركتها وحقولها الكهربائية.. وسوف يكون بإمكان أبناء هذه الحقبة الكمبيوترية ليس العيش في مكتب ومنزل المستقبل الذكيين .. وإنما مشاهدة العالم من خلال شاشة نظارة حاسوبية أتقنها مختبر الوسائط (ماساشوسس) للتكنولوجيا .. تلك المرحلة التي يقول /جرشنقيلد/ إنه يمكن فيها للأحذية أن تفكر في المستقبل .. "في الماضي أمكن للأحذية أن تتعفن .. وفي الحاضر أمكن لها أن تلمع .. أما في المستقبل فأنه يمكن للأحذية أن تفكر".المرحلة التي قيل أنها تشبه فيلم (لوالت ديزني) – (الجميلة والوحش) الذي تتكلم فيه الأشياء مع بعضها ..!!وإجمالاً فإن الثورة الكمبيوترية ستصل كل أفرادها بشبكة اتصالات عالمية واقتصادية قوية.. أجهزتها ذات القدرة المطلقة .. ستضع الذكاء الاصطناعي في متناول اليد وأهم ملامح هذه الثورة أنها بدأت تغير شكل وأساليب حياة البشرية!!ومن نافذة الكمبيوتر أطلت الانترنت في سماء الكون .. التي ستصبح جزءاً لايستغنى عنه من الحضارة الحديثة وضرورة لابد منها وهي (الانترنت) أشبه ببندقية مصوبة باتجاه الوسطاء القائمين بأعمال التأمينات والعاملين في المصارف الاستثمارية ووكلاء السفر ومجال التوكيلات المختلفة .. إنها ستصيب الجميع!!أما تأثيرها فإنه يمكن مقارنته بتأثير أحرف الطباعة المتحركة لـ (جوتنبرغ) عام 1450م وفوائدها أنها بمثابة القوة الديمقراطية لامركزية التي استطاعت أن تضعف روابط الدكتاتوريات والأنظمة المستبدة وزادت من حرية التعبير والوصول إلى المعلومات..!!وقد وصل عام 2005 انتشارها بحجم شبكة الهاتف اليوم وإذا كان قبل ستة أعوام يمكن للمرء أن يصل إلى 70 مليون صفحة فقط على الانترنت فإن البشرية اليوم قد أصبحت على مرمى حجر من اتصالها عبر الانترنت بكامل الخبرة الإنسانية –لمعرفة والحكمة اللتان تراكمتا على مدى خمسة آلاف عام من التاريخ المدون.[c1]الثورة البيوجزئية[/c]فصل الثورة البيوجزئية يقدم للقارئ وصفاً جينياً كاملاً لكل .. الكائنات الحية .. ومن خلال هذه الثورة سيكون بوسع الإنسان التزود بالمعرفة اللازمة لمعالجة الأمراض وتغذية السكان وستقود المعرفة إلى تعديل وتخليق أشكال جديدة في الحياة ووضع أدوية معالجات جديدة. وفي حقل البيولوجيا الجزئية.يطالعنا العالم برؤى مستقبلية حول : شفرات (د.ن.أ) الشخصية .. وقهر السرطان جينياً .. والطب الجزئي والصلة بين العقل والجسم والعيش إلى الأبد وكيفية استنساخ وتصميم الأطفال .. وجينات عالم جديد وشجاع..!!وبهذا الصدد يقول (جيمس واطسون): لقد تعودنا على التفكير بأن مستقبلنا في النجوم ولكننا نعلم الآن أنه كائن في جيناتنا" ولهذا الغرض.فإننا نجد أن مشروع الجينوم البشري أخذ نصيب الأسد من الميزانية السنوية لشبكة المختبرات الحديثة التابعة لأكبر مجمع طبي في العالم بولاية (ميريلاند) الأمريكية حيث تبلغ ميزانيته السنوية، أكثر من (11) بليون دولار.. أخذ مشروع الجينوم منها ثلاثة بلايين دولار وهو يعتبر من أكثر المشاريع العلمية طموحاً في تاريخ الطب ويهدف إلى معرفة وتحديد كل الجينات داخل جسم الإنسان بحوالي 2005م ويعكف فريق البحث اليوم على رسم خريطة بـ 100 ألف حين مستترة ضمن 22 زوجاً من الصبغيات في خلايا الإنسان حتى عام 2005م .. ونتيجة لتقدم والعمل في مجال الجينات فإنه أصبح اليوم من الممكن إعطاء تقديرات جيدة لعدد الجينات التي تشترك في كل عضو رئيسي من جسم الإنسان على سبيل المثال ربما يتطلب العقل البشري 3195 جيناً والقلب 1195 جيناً والعين 547 جيناً.ويعمل العلماء على عدة جبهات لفك سلسلة الـ (D.N.A) لأنواع مختلفة من الكائنات الحية .. ويتوقع أن تعلن اكتشافات لكائنات حية أكثر تعقيداً من الديدان الشريطية والفئران وفي المحصلة النهائية الإنسان بعد أن أعلنوا عن اكتشاف الجينوم للبكتيريا التي تحتوي على 4.638.858 زوجاً قاعدياً.ويشترك الإنسان مع أقرب قريب جيني له وهو الشمبانزي لـ 98.4 %من الجينات ودرجة التشابه في الجينات تصل إلى 75 %مع الفأر و 95 %مع البقرة و99.9 %مع غير الأقارب ولـ 99.95 %مع الأقارب هي التي قادت إلى إمكانية معرفتنا لشجرة عائلة أجدادنا بكاملها وإلى اكتشافات أخرى لمعرفة التواريخ التي ابتعدت فيها فروع مفقودة من شجرة عائلتنا عن فروع أخرى منذ آلاف السنين قبل السجلات الأولى للكتابة.ومن خلال التمكن لحساب المسافة الجينية بين شخصين بفرضية أن الجينات تبتعد بمعدل %2-4 كل مليون عام تستطيع إعادة إنشاء الملامح العريضة لشجرة عائلة التطور البشري الذي ذهب العلماء –وفقاً لهذه الفرضية- إلى أن البشر ربما تفرعوا من جد واحد مشترك في مرحلة140- -290 ألف سنة والجينوم الذي يعكف العلماء على فك شفرته وفهم وظائفه (D.N.A) يتألف من وحدات أصغر تجعل الأحماض النووية التي يوجد منها أربعة أنواع تصنف على أنها (G.C.T.A) والترتيب الدقيق للأحماض النووية التي توجد على طول اللولب المزدوج بشكل ثنائي (زوج قاعدي).وطول سلسلة (D.N.A) يؤلف الشفرة الوراثية ويتألف (الجين) من آلاف الأزواج القاعدية ويقوم كل الأزواج بإنجاز عمله الساحر المتمثل في تخليق نسخة من ذاته.. الذي يدور يحتوي على الشفرة اللازمة لصنع جزيء بروتيني جيد .. وكل جيني ينتج بروتين واحد بدوره في الجسم للقيام بوظيفة محددة.[c1]يتبع[/c]