منذ بداية السبعينات ومجتمع البحرين يشهد متغيرات متسارعة وبخاصة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية، وجاءت هذه المتغيرات في إطار رؤية استراتيجية تبتغي بناء مرتكزات تتميز بفاعليتها في إحداث تحولات أساسية في توجهات المجتمع وتطلعاته المستقبلية، الأمر الذي أدى إلى إحداث تطور في بنيته وهيكليته.ولو تفحصنا قليلا التطور الذي حدث في مملكة البحرين، لوجدنا أن للمرأة فيه نصيب كبير، نتيجة لظروف متعددة، والتي كانت من أبرزها الفرص التعليمية المتميزة التي أتحيت للمرأة في البحرين منذ فترة طويلة، مقارنة بقريناتها في الدول العربية الأخرى، إضافة إلى ما شكله الوعي السياسي والاجتماعي لمكونات المجتمع حتى قبل فترة الاستقلال، وما صاحبه من صراع سياسي لنيل حقوق محددة المعالم، كان للمرأة البحرينية فيها نصيب واضح ودور بارز.ثم بدأت جهود المرأة البحرينية تؤتي ثمارها من خلال التحول والاحتواء الذي حدث لهذه الجهود واحتضانها في إطار مؤسسي، من قبل مؤسسات المجتمع المدنية والأهلية، إضافة إلى المؤسسات الرسمية الحكومية.فتم إشهار العديد من الجمعيات النسائية، والمؤسسات المجتمعية التي قامت برعاية الأنشطة والجهود النسائية، وكذلك تم تأسيس مؤسسات رسمية حكومية ساهمت في تقنين هذه الجهود من خلال وضع استراتيجية وطنية شاملة لدعم أنشطة المرأة في مملكة البحرين برعاية من المجلس الأعلى للمرأة، والذي ترأسه صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة حرم جلالة الملك. وقد عملت هذه المؤسسات المجتمعية منها والرسمية بمساعدة المرأة لتعب دورا رئيسا في بناء أسرتها ومجتمعها. ومن هذا المنطلق جاء اهتمام هذه المؤسسات بدعم مشاريع الأسر المنتجة، والتي تعد من المشاريع الهامة في مملكة البحرين لكونها ساهمت في دعم العديد من الأسر للتحول من أسر معالة إلى أسر منتجة، وبالتالي ساهمت في دعم العملية التنموية الاقتصادية والاجتماعية.[c1]البعد التاريخي للأسرة البحرينية لفترة ما قبل النفط[/c]حينما نقف ونسلط الضوء على تاريخ الأسرة البحرينية في فترة ما قبل النفط من بعدها الانتاجي، نجد أنها كانت تعكس الخصائص الجغرافية لمنطقة الخليج العربي. فكون مملكة البحرين جزيرة تقع في منطقة الخليج العربي، أدى هذا الموقع إلى جعل المواطنين يعتمدون بشكل رئيسي على البحر، وما يتطلبه الاستفادة القصوى منه من مواد وآليات واحتياجات، يتم توفيرها وتصنيفها من خلال أعمال يدوية وصناعات تقليدية.كما أن البحرين كانت ولفترة طويلة تمتلك أراضي زراعية خصبة، حتى تم إطلاق اسم بلد " المليون نخلة " عليها، الأمر الذي جعله الكثير من أفراد المجتمع، يتجه إلى الاستفادة من المنتوجات الزراعية وغيرها في الصناعات التقليدية واليدوية.فنشأت صناعات مختلفة، مثل تصنيع ماء اللقاح والذي يتم استخراجه من شجر النخيل، وصناعات السلال والصناديق التقليدية وصناعة منتجات الخوص وغيرها.ونتيجة للظروف الاقتصادية التي لم تكن تتميز بالرخاء والوفرة، شارك جميع أفراد الأسرة في الأعمال الانتاجية والتنموية، وبالتأكيد كان للمرأة أدوارا متعددة، فهي أم وعليها واجبات رعاية الأبناء، إضافة إلى ذلك ونتيجة للظروف الاقتصادية التي لم تكن تتميز بالرخاء والوفرة، شارك جميع أفراد الأسرة في الأعمال الانتاجية والتنموية، وبالتأكيد كان للمرأة أدوارا متعددة، فهي أم وعليها واجبات رعاية الأبناء، إضافة إلى مساهماتها في أعمال تدبير المنزل، وكذلك المساهمة في الأعمال التي توفر مصدر رزق لأسرتها.[c1]التحولات الاجتماعية والاقتصادية وأثرها على الأسرة البحرينية[/c]لقد شكل اكتشاف النفط في البحرين في يونيو من عام 1932م، ليمثل أول نفط يتم اكتشافه في المنطقة، نقطة تحول استراتيجي في البناء التنموي للدول الحديثة. فكانت هناك متغيرات إجتماعية واقتصادية متعددة، إنعكست بشكل رئيس على نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية في المجتمع البحريني. ومن أبرز هذه المتغيرات ما حدث للمهن التي اعتمدت في الماضي على موارد غير نفطية في تشغيلها، أما اليوم فأصبحت المهن تأخذ شكلا آخرا، معتمدة على ما وفرته الثروة النفطية من وفرة مالية كبيرة، استثمرتها الحكومات المتعاقبة للمساهمة التنموية للمجتمع البحريني.ولم تغب المرأة عن هذه التحولات، بل كانت في قلب الأحداث، حيث امتهنت المرأة البحرينية، أيضا مهن جديدة ارتبطت بالنمو الاقتصادي والتحولات الاجتماعية.كما أن الاكتشافات النفطية، وما نتج عنها من توفر ثروة مالية، أدت إلى إحداث تغيرات جذرية في بنية المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وديموغرافيا، والتي منها اعتماد الأفراد على الدولة بشكل رئيس في تأمين الحاجات والخدمات، الأمر أدى إلى حدوث حالة تضخم في البناء المؤسساتي للدولة، وكذلك تزايد أعداد العاطلين الذين أصبح الحصول على وظيفة في الجهاز الرسمي هو أملهم المنشود كذلك فقد تقلصت الأنشطة والجهود التي اعتمدت على الصناعات التقليدية واليدوية، مما نتج عنه حالة تدهور لهذه الصناعات، وهجرة الناس عنها لعدم تمكنها من توفير موارد مالية تكفي للقائمين عليها لسد احتياجاتهم الرئيسية، وتحولت في معظمها إلى نوع من التراث الذي نبكي عليه ولا نتبنى موقفا لحمايته والذود عنه من المخاطر التي تهدده.[c1]دور المؤسسات الرسمية والأهلية في دعم مشاريع الأسر المنتجة [/c]الأسر المنتجة هي أسرة تقوم بإنتاج منتج ما، أو عمل ما، بالتعاون مع جميع أو بعض فرادها، بهدف تحقيق دخل يتناسب مع طموحاتها، إعتمادا في ذلك على ذاتها ومواردها، وعادة ما يتم تنفيذ هذا المشروع إنطلاقا من منزل الأسرة، وبرأس مال صغير، وتهدف هذه المشاريع بتحقيق ما يلي:تعمل على تحويل الأسرة المعالة إلى أسرة منتجة، وبالتالي تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع. تعمل على تطوير الحرف والصناعات المنزلية والمصنعات التقليدية والتراثية وتزيد من قدرتها التنافسية مع المنتجات الأخرى المماثلة.ظهرت فكرة مشروع الأسرة البحرينية المنتجة في بداية السبعينات، وذلك من خلال إنشاء مراكز التنمية الاجتماعية، والتي جاء إنشاؤها في ذلك الوقت، بهدف مساعدة الأسر المحتاجة على تحسين مستوى دخلها المادي.وقد تبنت بعد ذلك وزارة العمل والشئون الاجتماعية ( آنذاك ) هذا المشروع ووفرت للأسر المستفيدة فرص التدريب على صناعات منزلية متعددة كما وفرت لهم كذلك الحصول على الخامات والمعدات اللازمة بأسعار مناسبة، كما أتاح المشروع لبعض الأسر غير القادرة الحصول على قروض لشراء الخامات والمعدات اللازمة للإنتاج، كما ساهم المشروع في دعم منتجات هذه الأسرة, من خلال دعم تسويقها عن طريق ما يقام من معارض لبيع هذه المنتجات في الداخل والخارج.ثم مع تأسيس وزارة الشئون الاجتماعية مؤخرا، تم إعطاء زخم إعلامي لهذه المشاريع، وكذلك تضمينها ضمن مشروع الاستراتيجية الوطنية لدعم الأسر المحتاجة في مملكة البحرين.كذلك فقد ساهم المجلس الأعلى للمرأة بدعم مشاريع الأسر المنتجة من خلال العمل الجاد لتحويل الأسر المعالة إلى إسر منتجة، تعتمد على نفسها في سد احتياجاتها الحياتية، وتساهم بشكل متميز في البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع البحريني بصورة إيجابية.وبالاضافة إلى مراكز التنمية الاجتماعية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والدور الكبير الذي تقوم به في احتضان ودعم مشاريع الأسر المنتجة، فإن هناك العديد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي ساهمت في دعم هذه المشاريع من خلال تبني برامج وفعاليات طموحة. ومن أبرز هذه المؤسسات جمعية رعاية الطفل والأمومة، فهي أول جمعية تبنت مشروع إقراض الأسر المنتجة من خلال صندوق دعم المشاريع المتناهية الصغر، والمدعوم من منظمة ( أكفن )، إضافة إلى جمعية أوال النسائية, وكذلك جمعية الإصلاح, والصناديق الخيرية والجمعيات النسائية, والاجتماعية المتعددة.وتوافقا مع هذه الجهود المقدرة وغيرها، فقد ظهرت في الساحة المحلية، مؤسسة بحرين بازار الاجتماعية التنموية، والتي تخصصت في مجال دعم الأسر المنتجة من خلال ترويج منتجاتها، كون القائمون على أمر هذه المؤسسة هم من أفراد الأسر المنتجة الذين تدرجوا في مراحل التنمية الاقتصادية.وكان للمرأة دور كبير في تأسيس هذه المؤسسة، كون مؤسِسَتها ورئيسة مجلس إدارتها هي امرأة ساهمت بقدر كبير وبجهد متواصل في تأطير وتقنين عمل الأسر المنتجة، بالتنسيق والتعاون وبدعم من وزارة الشئون الاجتماعية، حتى أصبحت هذه المؤسسة وخلال فترة قصيرة ظاهرة تستحق التوقف عندها.
دور المرأة البحرينية في التنمية الاقتصادية
أخبار متعلقة