منبر الثراث
محمد زكريافي جامعة أسيوطالمؤرخ الرسمي تحت ذلك الشعار عقدت ــ مؤرخا ــ ندوة في كلية الآداب بجامعة أسيوط . ولقد حضرها لفيف من الأساتذة والدكاترة والمؤرخين المتخصصين في مختلف نواحي الفترات التاريخية صورة عامة . وكان من بين الحاضرين مؤرخون فرنسيون وإسبان تخصصوا في دراسة التاريخ الإسلامي في الأندلس . المؤرخون والشعراءوالحقيقة أن تلك الندوة العلمية التاريخية أتسمت بالصراحة والجرأة في تناول الكثير من القضايا التي عبرت الحدود الحمراء . فالبعض من الأساتذة والدكاترة من جامعة أسيوط ، والقاهرة ، وعين شمس ، والإسكندرية في ميدان التاريخ شبهوا المؤرخين الرسميين بالشعراء المداحين الذين كانوا يمدحوا ذلك الملك أو السلطان أو الحاكم مقابل ( الأحمر والأبيض ) أي الذهب والفضة . وكان هؤلاء الشعراء يمدحون الحكام بالشجاعة والكرم والحنكة السياسية وكل تلك الصفات ليست فيهم وذلك بهدف الوصول إلى عطاياهم ، مما دفع بكثير من الملوك والسلاطين إلى أن يكونوا مستبدين على شعوبهم المقهورة ، وهم يظنون أنهم يحسنون أعمالا قيمة وجيدة ، وأن نظامهم المستبد والمطلق راضٍ عنه الداني القريب والقاص البعيد في مملكته أوإمارته . فكان هؤلاء الشعراء المداحون وبالا على الشعوب لكونهم كانوا يزيفون الحقيقة ، ويقلبون الأمور رأسا على عقب . يزيفون الحقائقوعلى هذا النسق ، كان المؤرخ أو المؤرخون الرسميون يؤلفون روايات تاريخية للحكام تصورهم بصور باهرة ومشرقة ، وأنهم حكموا شعوبهم بالعدل والإحسان ، والرحمة أو بعبارة أخرى أن العدل والرخاء كانا يسيران في الأرض . والحقيقة أنهم كانوا جبابرة وطغاة ومتعطشين للدماء.وهذا هولاكو المغولي الذي أرجعت كتب التاريخ أنه كان رجلا بلا قلب ،و إن شئت فقل كان شخصية مريضة تبهجها أن ترى الدماء تسيل أمامها ، وتلك بغداد التي شهدت على يديه الدمار والخراب والحريق ، ولقد ذكرت المؤلفات التاريخية أن قرابة ثمانين ألف نفس زهقت عندما دخل التتار أو المغول بغداد تحت قيادته . ولكن نجد مؤرخيه الرسميين يصفون بالمآثر الجليلة و الصفات الحميدة بأنه كان حاكما عادلا ، ورحيما ، وشجاعا ، وكان يمقت الظلم . وبالا على التاريخولقد ذكر عدد من الأساتذة والدكاترة في تلك الندوة الخطيرة والمثيرة في نفس الوقت والتي حملت عنوان أو شعار (( المؤرخ الرسمي )) ــ كما قلنا سابقا ــ أن المؤرخ الرسمي كان وبالا على تاريخ الشعوب المقهورة مثله مثل الحاكم المستبد القمعي الذي زين للحكام أعمالهم القبيحة بأنها أعمال جليلة ورائعة .ويقول البعض من هؤلاء الأساتذة الدكاترة ،أن هؤلاء المؤرخين الرسميين شوهوا الحقائق التاريخية ، وقلبوا الأمور ، والطامة الكبرى أن مؤلفاتهم مازالت تملأ رفوف المكتبات . من توصيات الندوةوكيفما كان الأمر ، فإن الندوة التاريخية خرجت بعدد من التوصيات ، وأهمها هو أعادة النظر في مؤلفات المؤرخين الرسميين والعمل على تحقيقها تحقيقا قوامه منهج البحث التاريخي حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وبذلك نقدم لشعوبنا التاريخ الحقيقي الخالي من التزييف ، فالتاريخ هو الميزان الذي على أساسه يقاس تاريخ السلاطين والأمراء والحكام الذين حكموا شعوبهم في فترة من فترات التاريخ .