القطاع الصحي خلال سنوات الوحدة المباركة
متابعة / زكريا السعديشهدت الجمهورية اليمنية تطوراً ملحوظاً في الارتقاء بالخدمات الصحية للمواطن، وذلك من خلال زيادة عدد المستشفيات والوحدات الصحية والمراكز الصحية وعدد الأسرة والكوادر الطبية. هذا إلى جانب التوسع في إنشاء المراكز الوقائية والعلاجية، إضافةً إلى انتشار الخدمات الصحية، وبرامج التحصين ،ومكافحة الأمراض. وبالرغم من توجه الدولة نحو تطوير وتحسين قطاع الصحة ورفع مستوى الخدمات التي يقدمها هذه القطاع والتحسن الملموس في بعض المؤشرات الصحية - إلا أن اليمن لا يزال في مصاف الدول التي تعاني كثيراً من المشاكل والأمراض الصحية؛ كون هذا القطاع لا يزال يواجه الكثير من التحديات أهمها: تدني نصيب الصحة من الإنفاق العام والذي يتراوح بين (3 - 4)% تقريباً مما جعل الكثير من المراكز الصحية تعاني نقصاً في تجهيزاتها وفي مواردها المالية وكوادرها الفنية والطبية إضافةً إلى محدودية انتشار الخدمات الصحية.التطورات التي شهدها القطاع الصحي في المجالات التالية:حظي قطاع الصحة باهتمام الدولة وخصوصاً بعد قيام الوحدة المباركة في عام 1990م، حيث شهد هذا القطاع خلال عقد التسعينات تطورات ملموسة، كان أهمها السماح للقطاع الخاص بالاستثمار فيه، مما ساعد في حلٍ كثيرٍ من المشكلات الصحية والتخفيف من الضغط افي أعداد المرضى على المستشفيات الحكومية، إضافة إلى التخفيف من السفر إلى الخارج لغرض العلاج، ومن خلال استعراضنا للمؤشرات الصحية لوحظ بأنّ هناك تطورات شملت البُنية الأساسية لهذا القطاع والخدمات الطبية المقدمة وزيادة الكوادر المؤهلة وافتتاح مراكز طبية متخصصة وتوسع نشاط البرامج والمشاريع الصحية المختلفة وبصورة سريعة حيث تشير البيانات بأنّ هناك تطورات شهدها القطاع في كثيرٍ من المجالات الرئيسية وهي كالتالي :[c1]1. مجال المنشآت الصحية: [/c]تزايد عدد المستشفيات العامة والخاصة ووصلت إلى 268 مستشفى عام وخاص في نهاية عام 2004م مقارنة بـ 75مستشفى في العام 1992م كما تحقق إنشاء العديد من المراكز الوقائية والعلاجية مثل المركز الوطني للرصد الوبائي، والمركز الوطني لدحر الملاريا، والمركز الوطني للطوارئ والإسعافات، ومركز الكلي الصناعية ومركز القلب ومركز السرطان الذي افتتح مؤخراً في المستشفى الجمهوري بصنعاء. أما بالنسبة للمراكز الصحية فقد تزايدت من 370 مركزاً في العام 1992م إلى أن وصل إلى 1261 مركزاً في العام 2004م . وتزايدت الوحدات الصحية من 940 وحدة صحية في العام 1992م إلى 2048 وحدة صحية في العام 2004م. وتزايد عدد الأسرة بما فيها أسرة القطاع الخاص من 8150 في العام 1992م إلى 23350 سريراً في العام 2004م.[c1]2. مجال الخدمات الصحية: [/c]شهدت الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية هي الأخرى تطورات ملموسة حيث تشير البيانات بأن نسبة الأطفال الذين تم تحصينهم ضد السل في العام 2004م 67 % مقارنة 59.1 % في العام 1992م. وبالمثل بالنسبة للأطفال الذين تم تحصينهم ضد الشلل في العام 2004م، 66 % مقارنه بـ44 % في العام 1992م. وبلغ نسبة الأطفال الذين تم تحصينهم ضد الثلاثي في العام 2004م ، 66 % مقارنة بـ44 % في العام 1992م. كما بلغ نسبة الأطفال الذين تم تحصينهم ضد الحصبة في العام 2004م بـ66 % مقارنة بــ46 % في العام 1992م، وارتفعت نسبة الأطفال الذين تم تحصينهم ضد الكبد البائي خلال العام 2004م بـ42 %. وبالنسبة للخدمات العلاجية فقد تم إدخال تخصصات نادرة مثل أمراض وجراحة القلب وافتتاح مركز القلب في مستشفى الثورة العام بصنعاء وعلاج الفشل الكلوي بطريقة الغسيل وزراعة الكلى. إضافة إلى إنشاء المركز الأول لعلاج السرطان بالأشعة الذي تم تجهيزه في المستشفى الجمهوري بأحدث الأجهزة والمعدات. أما بالنسبة للخدمات الطبية والعلاجية فقد حققت قفزة نوعية حيث بلغ إجمالي الشركات والجهات الخاصة المستوردة للأدوية والمستلزمات الطبية أكثر من 261 شركة خلال العام2001م ، استوردت ماقيمته13مليار ريال، بينما ما تم وصوله خلال العام من قيمة أدوية للمشاريع الصحية والمنظمات والبعثات الدولية العاملة في اليمن بمبلغ 2,147,010 دولار، أما بالنسبة لقيمة المستلزمات التي تم وصولها لتلك المشاريع فقد وصلت خلال نفس العام 5,079,743 دولار. [c1]3. مجال صحة الأمهات والأطفال: [/c]فيما يتعلق بصحة الأمهات والأطفال فقد تزايد معدل الوعي لدى الأمهات بأهمية استخدام الوسائل الحديثة في تنظيم الأسرة حيث تبين المؤشرات بأن نسبة الأمهات اللواتي استخدمن وسائل تنظيم الأسرة في العام2004م 13.4 % مقارنة 6.1 ٪ في العام 1992م. كما ارتفعت نسبة النساء الحوامل التي تم تحصينهن ضد الكزاز 31 % في العام 2004م مقارنة 24.7 % في العام 1992م. أما بالنسبة للأطفال المصابين بنقص الوزن والتقزم والهزال لا تزال نفس المؤشرات في العام 2004م مقارنة بالعام 1992م. [c1]4. مجال القوى العاملة : [/c]شهدت القوى العاملة في قطاع الصحة هي الأخرى تطورات متزايدة بسبب نمو أعداد المنشآت الطبية والمرافق الصحية وتوسع خدماتها ، حيث تزايد عدد أطباء العموم من 2315 طبيب في العام 1992م إلى 3198 طبيب في العام 2004م. وبلغ عدد أختصاصيي المهن الطبية في العام 2004م 972 أختصاصياً ، وتزايد عدد الصيادلة من 233 صيدلياً في العام 1992م ليصل إلى 1005 صيادلة في العام 2004م. كما تزايد عدد الممرضين من 5033 ممرضاً في العام 1992م إلى 8789 ممرضاً في العام 2004م وارتفع عدد القابلات من 479 قابلة في العام 1992م إلى 2393 قابلة في العام 2004م.[c1]النتائج المترتبة على التطورات التي شهدها قطاع الصحة :[/c]بالرغم من التطورات التي شهدها قطاع الصحة سواء في مجال تزايد المنشآت الطبية أو في مجال القوى العاملة أو في تحسين وتوسع برامج التحصين أو مجال تطور وتحسين الخدمات الطبية الوقائية والعلاجية..إلا أن اليمن لا يزال في مصاف الدول التي تعاني كثيراً من مشاكل صحية. هذا إلى جانب أن توزيع وإنفاق الموارد المتاحة لقطاع الصحة لا تحقق العائد المستهدف منها. كما أن الخدمات الطبية المقدمة لا تزال محدودة ولا تحقق رضا المستفيدين. ومن أهم النتائج التي تم تحقيقها من خلال هذه التطورات ما يلي: *تخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية وانخفاض عدد حالات المرضى التي يتم السفر بها إلى خارج الوطن وذلك بسبب توسع المنشآت الحكومية وإنشاء مراكز متخصصة مثل: مركز القلب، والسرطان وغيرها...وتوسع استثمار القطاع الخاص في القطاع الصحي وتطور الأجهزة الحديثة واستقطاب كوارد طبية أجنبية. - انخفاض حالات الإصابة بالملاريا ونجاح حملات مكافحة السل وشلل الأطفال وبالتالي انخفاض نسبة الوفيات بين الأطفال.- تراجع حالات الإصابة بأمراض الحصبة والإسهالات. - انخفاض معدلات الخصوبة. - تراجع وفيات الأمهات. [c1]الإنفاق في قطاع الصحة: [/c]أعطت الدولة قطاع الصحة اهتماماً خاصاً وعملت على تمويله حيث بلغ الإنفاق على قطاع الصحة في العام 97 بـ 3 % من إجمالي الإنفاق العام وبنسبة 1.2 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ3.7 % من إجمالي الإنفاق العام ونسبة 1.3 % من إجمالي الناتج المحلي في العام 2003م كما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الإنفاق على الصحة من 608 ريالات في العام 1997م إلى 1536ريال في العام 2003 م. ومع ذلك فإن حجم الإنفاق في هذا القطاع مازال لا يلبي التزايد المطرد في مستوى ونوعية الطلب على الخدمات الصحية للمواطن اليمني. [c1]استثمار القطاع الخاص في قطاع الصحة:[/c]شهد استثمار القطاع الخاص في قطاع الصحة تطوراً ملموساً بعد قيام الوحدة المباركة في العام 1990م حيث تشير الإحصاءات بأن عدد المنشآت الطبية الخاصة وصلت إلى 4000 منشأة في العام 2004م منها: 94مستشفى، 345 مستوصف، 100مركز طبي، 615مختبر، 276مركزاً وعيادات للأسنان، 1164عيادة طبية، 1288عيادة إسعاف أولية، 62 مركزاً .وقد انتشر الاستثمار وكان للقطاع الخاص دوراً فاعلاً فيه تمكن معه من تقديم العديد من الخدمات الصحية وفتح أقسام ذات تخصصات مختلفة مما خفف على المستشفيات الحكومية من ضغوط حالات المرضى المتزايدة، إضافةً إلى تخفيف عبء السفر إلى الخارج نظراً لتوفير الإمكانيات في هذا القطاع . [c1]البرامج والأنشطة الصحية: [/c]تنتشر في اليمن العديد من برامج الخدمات الصحية التي تقدم خدماتها للمواطن اليمني ومن أهم هذه البرامج ما يلي :1 - برنامج التحصين الموسع: يهدف هذا البرنامج إلى الحد من الإصابة بمرض الحصبة بنسبة 90% وحماية حوالي 3000 طفل سنوياً من الإصابة بمرض الكزاز الوليدي، واستئصال شلل الأطفال. 2 - برنامج الصحة الإنجابية: ويهدف البرنامج إلى تخفيض وفيات الأمهات بما لا يقل عن 15% عن الوضع الحالي ،إضافةً إلى زيادة استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلى 35% وزيادة معدل الرضاعة الطبيعية بنسبة 20% سنوياً. 3 - برنامج مكافحة البلهارسيا: ويهدف البرنامج إلى خفض نسبة الإصابة بهذا المرض بـ50%.4 - برنامج التخلص من الجذام. 5 - برنامج الصحة المدرسية: ويهدف البرنامج إلى تحسين خدمة الصحة المدرسية ورفع نسبة تغطيتها إلى 80% من التلاميذ والطلاب. 6 - برنامج مكافحة السل. 7 - برنامج الصحة النفسية،خفض معدل الإصابة بالأمراض النفسية بنسبة 30%. 8 - برنامج المحاجر الصحية: ويهدف إلى تحسين وتوسيع خدمات الصحة لتغطي كافة المنافذ الدولية. 9 - برنامج مكافحة أمراض العيون. 10 - البرنامج الوطني للرصد الوبائي: يهدف إلى توفير المعلومات عن الأمراض المعدية. 11 - برنامج مكافحة الملاريا: ويهدف إلى تخفيض نسبة وفيات الملاريا بنسبة 16% سنوياً. 12 - برنامج صحة الطفل: ويهدف إلى خفض وفيات الأطفال دون الخامسة بنسبة10%وحماية الأطفال من الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي. 13 - برنامج مكافحة الأمراض المنقولة جنسياً: ويهدف البرنامج إلى محاصرة الأمراض المنقولة جنسياً. برنامج السياسة الدوائية: ويهدف البرنامج إلى توفير وسهولة الحصول على الأدوية. [c1]أهم التحديات التي تواجه قطاع الصحة :[/c]1 ـ عدم توافر نظم معلومات وقواعد بيانات لإدارة الخدمات الطبية سواء بما يتعلق بالخدمات الطبية والمنشآت الصحية وتوزيعها الجغرافي أو الاحتياجات المختلفة للمواطنين.2 ـ ضعف الرقابة والمتابعة لدى القطاع الصحي.3 ـ عدم كفاية برامج التأهيل والتدريب المستمر لبناء القدرات والمهارات لدى الكوادر الطبية.4 ـ عدم وجود سياسة واضحة تنظم القطاع الصحي.5 ـ انخفاض مستوى الوعي الصحي لدى المواطنين وبالتالي تعرضهم للأمراض والأوبئة.7 ـ انخفاض أجور القوى العاملة في القطاع الصحي بما لا يتناسب مع طموحاتهم ودفعهم للعمل وبالتالي جعلهم يبحثون عن أعمال أخرى، مما يؤثر سلباً على جودة الخدمات الطبية المقدمة.8 ـ سوء توزيع مقدمي الخدمات الطبية وافتقار المناطق النائية والريفية إلى مقدمي الخدمات بمن فيهم الأطباء. وعادة ما يتوافر الأطباء في المناطق النائية والريفية قليلي الخبرة وحديثي التخرج.9 ـ انتشار الأمراض وظهور أمراض جديدة.10 ـ تدني نصيب قطاع الصحة من الإنفاق.11 ـ عدم كفاءة وتوزيع الوحدات والمستشفيات على مستوى المحافظات والمديريات.12 ـ الافتقار إلى المواد الخام المحلية اللازمة لصناعة الأدوية.[c1] السياسات المقترحة لمواجهة التحديات التي يواجهها قطاع الصحة :[/c]1 ـ رفع مستوى الوعي الصحي لدى المواطنين.2 ـ ضرورة توفير موارد مالية وبشرية تحقق الأهداف الرئيسة لتحسين القطاع الصحي.3 ـ تقديم التسهيلات الخاصة بخدمات الرعاية الصحة الإنجابية، وذلك من خلال تحسين أنظمة الطوارئ التوليدية وتوفير التجهيزات الطبية اللازمة.4 ـ تحسين وضع الكوادر الطبية من خلال إعادة النظر في الأجور والحواجز والمكافآت المقدمة لهم.5 ـ العمل على تخفيض معدلات الأمراض المعدية.6 ـ إعادة النظر في أوليات الإنفاق على قطاع الصحة وإعادة هيكلة الدعم الحكومي.7 ـ إعادة النظر في سياسة العلاج على نفقة الدولة وأولوياته.8 ـ استمرار الدولة في تمويل البرامج الوقائية.9 ـ بناء خريطة معلوماتية وقواعد بيانات للقوة البشرية العاملة في قطاع الصحة.10 ـ رفع مستوى جودة الخدمات الطبية.11 ـ الارتقاء بدور الدولة كمنظم ومراقب لقطاع الصحة وصناعة الدواء ووضع معايير للجودة.12 ـ تقديم التسهيلات للقطاع الخاص في الاستثمار في مجال صناعة الأدوية.13 ـ تطوير برامج تأهيل وتدريب الكوادر الطبية.14 ـ العمل على نشر التوعية الخاصة بالصحة الإنجابية وتحسين صحة الأمومة.