يتزاوج الناس بهدف التكاتر، والابقاء على النوع البشري، وهكذا يجري الأمر مع الحيوانات والنباتات، وتقوم هذه العلاقة الثنائية بحد أدنى من الميول الطبيعية لبعضهما البعض بما يسمى "الحب"، والزواج يعني تكوين أسرة أو عائلة وفقاً للإمكانيات المتوفرة عند البشر، وهنا يخضع الزواج في عالم العقلاء من بني البشر إلى اشتراطات السكن والآثاث المنزلية وتغطية تكاليف مراسيم الزواج،وضمان الزواج السعيد والطويل المدى، بخلاف ما يحصل في عالم الحيوانات والنباتات.ولكن الزواج المثالي يقتضي لاستمراره وديمومته أن يتوفر قدر من التماثل والتناظر والتكافؤ بين الزوجين من حيث المستوى التعليمي، وان يكون لكل منهما عمل ودخل مضمون ومستمر، وان يحددا عدد الاطفال وفقاً لمستوى دخلهما، ليوفرا لهم السعادة والاستقرار بصورة افضل والا يتعرضا إلى خلافات قد توصل إلى الطلاق، ويخلفا وراءهما مآسي للاطفال لاذنب لهم فيها، وحياتنا مليئة بهذا النوع من المآسي.وقد يقول أحدكم ان أصحاب رأس المال الكبير والثروات الكبيرة هم الاكثر سلامة في مشاريعهم الزواجية والعائلية.قد يكون ذلك صحيحاً إلى حد ما في بعض جوانب الحياة، ولكن ما ذنب الغالبية العظمى الذين لايملكون ثروات تضمن مستقبلهم ومستقبل اطفالهم، فهذا يعود إلى طبيعة النظام الاجتماعي السائد حتى الآن في عالمنا كله، ومع هذا هناك عائلات تشكلت وتكونت واستمرت تحت أبسط الشروط والظروف وعاشت الحب والسعادة حتى المنتهى، رغم محدودية مثل هذه الحالات التي تحدث في كل المجتمعات، لان مثل ها النمط من الأسر استطاعت ان توفر الحرية للرجل والمرأة على حد سواء، وتوفر لهما التعليم والعمل ، ووفر التعليم المختلط حرية الاختيار لهما، وتزواجا وعاشا بتكاليف حياة بسيطة، بعيداً عن المقامرات والتنافسات الزائفة في الملابس وحلي الذهب، وبقناعة، وليس زهداً في هذه الاشياء.والتنافس الحقيقي في الأسرة المثالية يكون في الانتاج وليس في الانفاق الترفي والعبثي "للمنجهة الفاضية" فقيمة الانسان ليس فيما يلبسه ولكن فيما يمتلئ قلبه به من حب وافر وعقل رصين وحكيم، ومن ثقة بالنفس واعتزاز بها و"ياعيني على البساطة" والتواضع، وعلى قدر ما توفره الحياة المعيشية خارج المنزل من وجبات نظيفة وباسعار معقولة، ستخفف الاعباء على الزوجين في المطبخ وغيره من الاعمال، فالبيوت اليوم صارت مكاتب عمل وليس فقط غرف نوم ومطابخ، وتوفير قيمة سيارة لكل أسرة أهم من شراء ثوب زفاف بـ "100" ألف ريال سواءً كان جديداً أو ملبوساً يعاد بيعه من قبل سماسرة التجارة.وإذا تزايدت اعداد الاسر المثالية كقدوة ومثال، وأصبحت أنموذجاً يحتذى به سيقل عدد حالات الطلاق وسيعزف الرجال عن الزواج باخريات حتى ولو كانوا ممن يملكون نقوداً كثيرة، ولكن بعد أن تكف بعض النساء عن التعويض عن السعادة بهوس اقتناء اغلى الملبوسات وليس افضلها، ومراكمة المصوغات الذهبية، فهذا وحده لايزيد من الاعجاب ولايأتي بالحب ولايجدده، فالحب والجمال ابقى من كل تلك الاشياء الزائلة، والاخلاص والوفاء بين افراد الاسرة، هو رأسمالها الحقيقي، وبدونه تتفكك الاسر والعائلات ، وللأسف فقد تزايد في عصرنا عدد العزاب من الرجال وعدد العوانس من النساء، وسمعنا بالزواج فرند، والزواج المسيار وزواج الصفقات .. الخ.
الزواج المثالي
أخبار متعلقة