قبل يومين اتصلت بصديقي خالد وهبي مدير عام مديرية صيرة ورئيس مجلسها المحلي أسأله: ماذا جرى لمشروع إنارة قلعة صيرة والطريق التي تتلوى على الجبل الذي كان جزيرة ذات يوم؟ فأكد لي ان جماعة من السلفيين قد دمروا جزءاً كبيراً من المشروع بعد أن ألقى احد المتطرفين محاضرة في أحد مساجد كريتر حرض فيها على تدمير «الأوثان».. وكنت قبل نحو عام قد نبهت إلى ضرورة توافر حماية أمنية لصيرة، ولكن «لا يطاع لقصير أمر»، وها هم أعداء الحياة يستغلون عدم توافر الحراسة ويشنون غزوة مفاجئة تحت راية تدمير الأوثان كما يزعمون، جريا على ما فعلته «طالبان» مع آثار وادي بانيان. صيرة كتلة ضخمة من التاريخ.. أقدم المعالم الآثارية في عدن.. وقلعتها رمز للأنفة والشموخ والصمود أمام الغزاة عبر التاريخ.. أكل منها الدهر كثيراً، ولكن رد الاعتبار إليها من خلال مشروع إعادة التأهيل الذي كلف أكثر من (700) ألف دولار ونفذه برنامج تطوير مدن الموانئ بتمويل خارجي.. وفعلاً أعيد للقلعة وجهها المشرق فصارت قبلة للسياح، لكن أصحاب الوجوه القبيحة «شرقوا» عند رؤية الجمال والبهاء. قال لي خالد وهبي إن هناك لجنة تعنى بحصر الأضرار التي ألحقها الغزاة السلفيون بالقلعة.. لكن بالنسبة للمواطنين وأنا احدهم يهمنا أن نرى الفاعلين خلف القضبان .. فلا ينفعنا الدعوة عليهم بكسر أيديهم، أو قصف أعمارهم. ونقول لوزير الداخلية وللعميد قيران اقبضوا على غرمائنا وأحيلوهم إلى القضاء ليقول فيهم كلمته.. فهذا الذي فعلوه سلوك خطير والتساهل معه سيجعل آخرين يتمادون ويكررونه في معالم آثارية أخرى.. فهم كما أشرنا من قبل يستلهمون تجربة حركة طالبان الأفغانية وهي تجربة مشهورة.كيف نريد سياحة وفي الوقت نفسه نسمح للجهيمانيين والإرهابيين بتدمير مقومات السياحة؟ هذا أمر لا يستقيم حتى لو حدث في الجوف، فما بالك عندما يحدث في عدن، وعلى صيرة أب وأم الآثار في هذه المدينة التي كانت ولاتزال رائعة. إن ما حدث ينبغي أن يولد لدينا الإزعاج العام.. ويتعين أن نتضافر ضد المزعجين أكانوا متزمتين أو جهيمانيين أو إرهابيين.. ويكفي الخطايا التي وقعت في عدن من قبل وسكتنا عنها، وذلك عندما دمرت معابد وكنائس ومساجد وبنيت على أنقاضها عمارات إسمنتية بدعوى الاستثمار.. نكرر مطالبتنا لوزير الداخلية.. اقبضوا على غرمائنا.. خاصة وأنهم غير مجهولين.. اليوم فعلوها في صيرة وغداً قد (يمسونا) أو (يصبحونا) بغزوة لهدم الفنار أو نسف المتحف.. ولن يعدموا الذرائع، ومعروف أن هؤلاء لا يأبهون بأي اضطراب يترتب على أفعالهم .. عندما كانت قلعة صيرة وجبالها مهملين لم يتحرك هؤلاء، تحركوا فقط بعد أن صار هذا الحصن أو المعلم التاريخي مفيداً للناس ومصدر إيراد للسلطة المحلية.. فلاحظوا كم هم قبيحون ومصدر أذى وفتن!.
أخبار متعلقة