مسيرة الإصلاحات الشاملة .. إنجازات سابقة ومتطلبات مستقبلية
صنعاء/سبأ: ظلت قضية التطور الاقتصادي في اليمن وإحداث تنمية مستدامة تفضي إلى إيجاد مجتمع قادر على توظيف طاقاته الإنتاجية وموارده الاقتصادية المتاحة والتصدي لقضايا الفقر والبطالة ومكافحة الجريمة، محور اهتمام الحكومات المتعاقبة.لذا فقد حرصت الدولة ومنذ العام 1990 م على حسم إشكاليات الاقتصاد الشطري بالرغم من تشابه الأوضاع الاقتصادية في كلا الشطرين قبل إعادة تحقيق الوحدة إعلان دولة الجمهورية اليمنية إلى حدٍ كبير من حيث مسار النمو الاقتصادي والذي اتسم بعدم القابلية للاستمرار، وكذلك من حيث ضيق قاعدة الدخل الوطني وظهور الاختلالات الاقتصادية الأمر الذي فرض على الدولة إعادة النظر في أسس ومنطلقات البناء الاقتصادي ومراجعة أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل شروط وأوضاع محلية وإقليمية ودولية غير مواتية في أحيان كثيرة. والبنك الدوليين, ومجتمع المانحين الأمر الذي شكل دافعاً نحو النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلي، وتحرير التجارة والأسعار بالإضافة إلى الخصخصة.ووفقاً لبرنامج الإصلاح المالي والإداري الشامل فقد تضمنت برامج الحكومات المتعاقبة خلال الفترة 1990-2003 العديد من النقاط الرئيسية والتي تمثلت في إعادة البناء المؤسسي والعمل على تحديث وتطوير أجهزة الإدارة العامة و تطوير الهياكل التنظيمية والوظيفية وتوصيف الوظائف وإلغاء الازدواجية والتكرار والاهتمام بالكفاءة الإنتاجية وتعزيز وتوسيع دور القطاع العام في تقديم الخدمات الاجتماعية وتقليص دوره في مجالات الإنتاج والتوزيع والخدمات ليتولاها القطاع الخاص، وإعطاء صلاحيات أكبر للسلطات المحلية من خلال المشاركة الشعبية، إلى جانب تعزيز الديمقراطية والتعددية السياسية وإصلاح السلطة القضائية والعمل على استقلال أجهزتها وفرض احترام سيادة القانون.كما استهدف برنامج الإصلاح المالي والإداري ، تحقيق معدلات نمو حقيقية للقطاعات الاقتصادية ، وتخفيض معدلات التضخم والبطالة وتحقيق استقرار سعر الصرف وإحداث توازن مستقر في ميزان المدفوعات وفي الموازنة العامة ، إضافة إلى توفير مناخ جاذب للاستثمارات عن طريق الإصلاحات الهيكلية ، وتعزيز دور القطاع الخاص ، وتحقيق مزيد من الانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي .ومن ضمن النتائج أيضا تحول فائض الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغ 1ر6 بالمائة و 8ر2 بالمائة على التوالي عامي 2000 و2001 إلى عجز ارتفع من 5ر0 بالمائة عام 2002 إلى حوالي 2ر5 بالمائة في العام التالي لينخفض بعد ذلك إلى 2ر2 بالمائة و8ر1 بالمائة على التوالي في عامي 2004 و 2005 .. وأرجعت أسباب ذلك إلى تزايد النفقات العامة بمعدل نمو سنوي بلغ 9ر18 بالمائة مقابل 14 بالمائة للإيرادات العامة خلال هذه الفترة.كما زادت الإيرادات العامة بمتوسط سنوي 0ر14 بالمائة والذي تجاوز النمو المستهدف البالغ 7ر6 بالمائة الأمر الذي ساهم في رفع نسبة الإيرادات العامة في المتوسط 3ر33 بالمائة في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الفترة.وعلى ضوء ما حققته المرحلة الثانية من البرنامج من نتائج جيده على صعيد المؤشرات الكلية للاقتصاد الوطني في إطار الخطة الخمسية الثانية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2005-2001) وإستراتجية التخفيف من الفقر (2003-2005) فقد حرصت الحكومة على مواصلة برنامج الإصلاح في إطار خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة (2010-2006) والتي أكدت أهمية توسيع مسار الإصلاحات لتشمل كافة المجالات الاقتصادية والإدارية والمؤسسية لتحقيق نتائج ملموسة ومعالجة الاختلالات والتشوهات المزمنة، إضافة إلى التلازم والتكامل بين تلك الأبعاد المختلفة للإصلاحات وترابطها باعتبارها حزمة واحدة، لتشمل جوانب عديدة من أهمها تعميق الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والتي تستهدف تعزيز الإصلاحات المالية والمصرفية وتوفير بيئة استثمارية مواتية، من خلال تنفيذ حزمة من السياسات والإجراءات.ومنذ مطلع العام 2006 والحكومة تتبنى تنفيذ إجراءات إصلاح شاملة لمختلف المجالات ،ففي مجال تعزيز الشفافية ومكافحة الفسـاد صادقت اليمن على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والجريمة المنظمة (اتفاقية ميريدا) وقامت بصياغة قانون لمكافحة الفساد الذي شكل بدوره لجنة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد ذات صلاحيات واسعة .وفي يونيو 2006م، استهلت الحكومة حملة التوعية الوطنية لمكافحة الفساد وصادق مجلس النواب على قانون الذمة المالية في يوليو 2006م كجزء من عملية وضع التشريعات الوطنية للالتزام باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما تمت المصادقة من قبل مجلس الوزراء في إبريل من نفس العام على دليل المشتريات والوثائق الأساسية للمناقصات.وفي المجال القضائي تم تعديل نص مادة رئيسية في قانون السلطة القضائية لاستبدال صفة رئيس الجمهورية كرئيس لمجلس القضاء الأعلى وبالتالي تم تعزيز الاستقلال القضائي، وكسبت الإصلاحات في السلطة القضائية زخماً كبيراً ، كما جرى إعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى ليصبح برئاسة رئيس المحكمة العليا، وإضافة إلى ذلك فقد بدأ قبول النساء في المعهد العالي للقضاء خلال عام 2006م للمرة الأولى على الإطلاق، حيث تقدمت 12 مرشحة من العنصر النسائي من إجمالي عدد 152 مرشحاً وتم قبول 91 منهم 5 إناث.وعلى صعيد المؤشرات الكلية للاقتصاد فقد أظهرت بيانات النمو الاقتصادي أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي حقق خلال عامي 2006 و 2007 معدل نمو سنوي بلغ 2ر3 في المائة و 6ر3 في المائة على التوالي و ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 8ر3 تريليون ريال خلال العام 2006م مقارنة بــ 2ر3 تريليون ريال عام 2005م بزيادة قدرها 653 مليار ريال بعد ان كان نموه سالبا في بعض السنوات ولم يتعدى في أحسن الأحوال 1إلى 2 بالمائة قبل تنفيذ برنامج الإصلاحات وتحديدا خلال الفترة من 91 - 1994م ، كما حقق الاقتصاد نموا بنسبة 5ر5 بالمائة مقابل 6ر4 بالمائة خلال نفس الفترة بزيادة 1ر1 بالمائة.