أقواس
الشعر في تصويره للحياة العربية القديمة كان ظاهرة إيقاعية وغير ذلك من الفنون الأخرى كالنحت والرسم وغيرها من البنى الفنية القديمة التي أعطت للحضارة العربية أكثر ملامحها تميزاً وإثارة للاعجاب.الآثار الفرعونية، السبئية، الكنعانية، الأشورية، الفينقية، الآرامية، وبصرف النظر عن مدى عبث الاقدار بهذه الآثار وعن مدى تعمد عوامل التعرية للإساءة إليها لكننا نلاحظ ا ن هناك عوامل أخرى تعبث بكل شيء يدل على بقايا ما حفظه الزمن من ذائقة فنية راقية شعراً وفناً ونثراً كان ومازال تأثيرها في ذوقنا الخاص.إنه الفن وطريقة الوصول إلى الجمال المثالي الذي يصنع ويحفظ النحت والرسم معاً وهذا العبث الحاصل بالبنية الفنية القديمة يجعلنا أكثر تمسكاً بها (أوروبا) اليوم تجعلنا نتساءل وهي تعد تصاميمها المصغرة للمجسمات الفرعونية وإمكاناتها أوروبا تحمل في ذاتها مؤهلات فنية حديثة ولكنها لا تستطيع استبدالها بفنوننا لانها تتميز عن غيرها من المصغرات بسمة خاصة تكاد تخص عناصر تخطيطها وخصوصيتها، تكاد تخص طريقة صياغتها بثقة العارف وكأنهم لا يريدون ان يراها غيرهم ولا يعرف حتى الآن سبب اختيارها وصناعتها وقيامها في تلك الأمكنة بأسلوب يتسم بالفرادة، أبو سمبل، أبو الهول، المسلة، الكرنك، الأهرام، بقايا البوابة الجنوبية لسد مأرب، أعمدة عرش بلقيس، الصهاريج، البيبان السبعة أو بمعنى أصح "الأبواب السبعة" في بعلبك، أسود عشتار، رسوم ملحمة جلجامش.انه أمر يثير الجدل لاننا نلاحظ ايضاً ان هذا قد أوقع البعض بتصورات تقول لا ضرورة للفن أو ان الفن من قبيل الترف وهذه دلالات على قمع التخلف الذي يضاف إلى قمع السلطة بمعناها السياسي والاجتماعي والثقافي.إذن لابد ان نختلف مع الحاصل على مستوى الكيفية في الإساءة للحضارة العربية نعم نحن نعيش في مجتمعات قد تتحدث عن الاختلافات في الرأي ولكنها لا تمارسه فتقمع الفن وأهله معاً وبدلاً من ما كنا نسمع ونقرأ ما قاله الشيخ محمد عبده العلامة المستنير وهو صاحب كلمة شهيرة تقول "الشعر فن ناطق والرسم فن صامت" اصبحنا نتحامل على كل شيء جميل ونستعيض عنه بأشياء لا تتناسب مع اسبقيتنا الحضارية، نغتال الأدباء ونعبث بالآثار ونشتم سلسفيل أبو اجداد الفن والفنانين ـ بوصفهم في كل وجوههم أشرار وملاعين. لا نريد ان نقول على حد تعبير الدكتور الناقد جابر عصفور "اننا نسير في اتجاه التآكل وليس التسامح".أمام ذلك نستطيع ان ننظر إلى معنى أعمق ذي سمة شمولية تتصل بحضارتنا برموزنا الفنية والإبداعية التي تشكل ضغطاً له وزنه على الانظمة والاحزاب والسلطات لتكفل للإبداع حرياته وتجعله في موقع من القوة بحيث (لا يرتهن إلى أحد ولا يهادن احد" فيعيد لنا ذلك الشأن صورة الدولة العربية في أوج مجدها وتحديداً في الحقبة العباسية عندما كان الحكام العرب يتنافسون على لقب مثل رجل دولة وعلم!؟* نهله عبدالله