إعداد/ فراس فاروق ناصر اليافعي :تحتفل المملكة العربية السعودية الشقيقة بالذكرى الـ 80 لليوم الوطني المجيد في 23 سبتمبر الجاري. ففي مثل هذا اليوم من عام 1351هـ 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م.وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.80عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة التي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه البررة المسيرة من بعده واستكمال البنيان .[c1]توحيد المملكة العربية السعودية:[/c]وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو “المملكة العربية السعودية” وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز “ملك المملكة العربية السعودية”، واختار جلالته يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ يوماً لإعلان توحيد المملكة العربية السعودية وهو اليوم الوطني للمملكة.واختارت الدولة السعودية في عهد الملك عبدالعزيز شعار الدولة الحالي “سيفان متقاطعان بينهما نخلة” أما العلم فأصبح لونه أخضر مستطيل الشكل تتوسطه شهادة التوحيد “لا إله إلا الله محمد رسول الله” باللون الأبيض وتحتها سيف باللون الأبيض.ونظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل وكان ذلك عام 1344هـ/1926م، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى، وفي 19 شعبان 1350هـ الموافق 30 ديسمبر 1931م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم الملك عبدالعزيز كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365هـ 1945/م كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة.[c1]المملكة في عهد ملك الإنسانية خمسة أعوام من النماء[/c]
الرياض
وشهدت المملكة منذ مبايعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26 / 6 / 1426هـ المزيد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحاتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة تشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته مما يضعها في رقم جديد في خارطة دول العالم المتقدمة.وتجاوزت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين في مجال التنمية السقف المعتمد لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها إعلان الألفية للأمم المتحدة عام 2000 كما أنها على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة.ودخلت المملكة ضمن العشرين دولة الكبرى في العالم، حيث شاركت في قمتي العشرين اللتين عقدتا في واشنطن ولندن.وحافظت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على الثوابت الإسلامية واستمرت على نهج جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - فصاغت نهضتها الحضارية ووازنت بين تطورها التنموي والتمسك بقيمها الدينية السمحة والأخلاقية النبيلة.وتحقق لشعب المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود خلال خمسة أعوام مضت العديد من الإنجازات المهمة، منها تضاعف أعداد جامعات المملكة من ثماني جامعات إلى ما يقارب ثلاثين جامعة، وافتتاح الكليات والمعاهد التقنية والصحية وكليات تعليم البنات، وافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وإنشاء العديد من المدن الاقتصادية، منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، ومدينة جازان الاقتصادية، ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض.واتسم عهد خادم الحرمين الشريفين بسمات حضارية رائدة جسدت ما اتصف به رعاه الله من صفات متميزة، أبرزها تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه في كل شأن، وفى كل بقعة داخل الوطن، إضافة إلى حرصه الدائم على سن الأنظمة في شتى المجالات مع توسع في التطبيقات.ولم تقف معطيات قائد هذه البلاد عند المنجزات الشاملة التي تم تحقيقها،فهو - أيده الله - يواصل مسيرة التنمية والتخطيط لها في عمل دائب يتلمس من خلاله كل ما يوفر المزيد من الخير والازدهار لهذا البلد وأبنائه.في المجال السياسي حافظت المملكة على منهجها الذي انتهجته منذ عهد مؤسسها الراحل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه القائم على سياسة الاعتدال والاتزان والحكمة وبعد النظر على الصعد كافة ومنها الصعيد الخارجي حيث تعمل المملكة على خدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم ونصرتهم ومد يد العون والدعم لهم في ظل نظرة متوازنة مع مقتضيات العصر وظروف المجتمع الدولي وأسس العلاقات الدولية المرعية والمعمول بها بين دول العالم كافة منطلقة من القاعدة الأساس التي أرساها المؤسس الباني وهي العقيدة الإسلامية الصحيحة.وفي المجال الاقتصادي أثمرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين نحو الإصلاح الاقتصادي الشامل وتكثيف الجهود من أجل تحسين بيئة الأعمال في البلاد وإطلاق برنامج شامل لحل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية بالتعاون بين جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة ، حصول المملكة العربية السعودية على جائزة تقديرية من البنك الدولي تقديراً للخطوات المتسارعة التي اتخذتها مؤخراً في مجال الإصلاح الاقتصادي، ودخول المملكة ضمن قائمة أفضل عشر دول أجرت إصلاحات اقتصادية انعكست بصورة إيجابية على تصنيفها في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي حيث صنفت المملكة عام 2009م في المركز الثالث عشر بين مئة وثلاث وثمانين دولة تصنف أفضل بيئة استثمارية في العالم.ومثل انتخاب المملكة لعضوية مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لدورتين متتاليتين إقرارا صريحاً بما تحظى به حقوق الإنسان في المملكة من اهتمام القيادة الرشيدة، وتقديراً دولياً لجهود ومبادرات خادم الحرمين الشريفين في حماية هذه الحقوق.كما مثل صدور الموافقة السامية الكريمة على نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص وعلى إستراتيجية نشر ثقافة حقوق الإنسان، إضافتين كبيرتين لما تقدمه الدولة من أجل إرساء هذه الحقوق..[c1]العلاقات اليمنية السعودية [/c]شهدت العلاقات اليمنية - السعودية تطور مطردا على كافة الاصعدة نحو الشراكة الكاملة، فمنذ تأسيس مجلس التنسيق اليمني-السعودي دخلت العلاقات بين الدولتين مرحلة جديدة وكان للمملكة العربية السعودية بصماتها الواضحة في دفع عجلة التنمية اليمنية. حيث بلغ الدعم السعودي التنموي لما كان يعرف بـ”الجمهورية العربية اليمنية” خلال الفترة “1975 - 1987” حوالي مليار وربع المليار ريال سعودي، شملت العديد من المجالات المختلفة.وأخذت العلاقات الثنائية بين البلدين تتعزز منذ عام 1995م، بفضل الدور الشخصي للدبلوماسية اليمنية، إذ مثلت خطوة التوقيع على مذكرة التفاهم بين الدولتين في فبراير 1995م، وما تلاها من زيارة الرئيس علي عبدالله صالح في يونيو من نفس العام، بناءً على دعوة وجهها له المغفور له خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز”1922 - 2005” ووصولاً إلى توقيع اتفاقية جدة في يونيو 2000، انتصارًا للدبلوماسية السعودية التي نشطت بشكل مكثف لاستعادة دورها إزاء اليمن. ويمكن القول انه منذ توقيع اتفاقية جدة والعلاقات بين الدولتين تتجه إلى آفاق رحبة جديدة ومتطورة في مجال التعاون والتضامن والتكامل، واصبحت الزيارات المتبادلة بين القيادات السياسية وكبار المسؤولين في البلدين امرًا معهودًا وواردًا لتبادل وجهات النظر والتنسيق في مصالحهما وقضاياهما المشتركة.لقد ادركت القيادة السياسية السعودية وثمنت الجهود المتواصلة والسعي الحثيث الذي بذلته القيادة السياسية اليمنية بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح لعودة العلاقات اليمنية - السعودية إلى حالتها الطبيعية بعد ما اعتراها من فتور جراء حرب الخليج الثانية عام 1990م، ولم تتردد في منح هذه الشخصية العظيمة قلادة الملك عبدالعزيز آل سعود من الدرجة الأولى وهي ارفع وسام في السعودية تقديرًا منها للرئيس صالح وما حققه من انجازات ومكاسب لليمن واليمنيين. كما ادركت القيادة السعودية الأهمية القصوى التي بلغتها التكتلات السياسية والاقتصادية في هذا العصر، التي اصبحت في نظر الكثيرين الأداة المثلى لمقاومة تيارات العولمة الجارفة، حيث تبنت دوراً رئيسا في نتائج قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في مسقط عام 2001، واصبح اليمن بموجب ذلك القرار مرتبطًا بالمجلس مؤسسيا واستراتيجيا كعضو مشارك، واردفتها سياسات واجراءات مكملة، إيمانا منها بأن اليمن جزء من إقليم الجزيرة العربية والخليج.ولقد أكد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله حينها على ضرورة تأهيل اليمن للانضمام إلى دول الخليج وتوجيه الصناديق الخليجية لدعم برامج التنمية في اليمن وتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في اقتصاديات دول الخليج مما يعني ان تخطي اليمن للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها سوف يجعل من اليمن عضوًا فاعلاً في المنظومة الخليجية، ويسهم بشكل إيجابي على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي فيها.وقد جسدت المملكة العربية السعودية تلك الخطوة من خلال تفعيل اجتماعات مجلس التنسيق اليمني-السعودي الذي شلت حركته ابان عقد التسعينات من القرن الماضي-وبشكل دوري وكل ستة اشهر بدلاً من عام، ليعمل على تسريع الخطى في اختصار عامل الزمن لتحقيق الانضمام الكامل لليمن بموجب تقرير الشراكة بين الدولتين وفتح العديد من مجالات التعاون في قطاعات التنمية والاستثمار واتخاذ الخطوات الجادة في البناء ومن المؤشرات التي تؤكد توثيق علاقة البلدين وسيرها في خط تطوري متنامٍ ومستمر، تلك الزيارات المتبادلة المطَّردة بين القيادات السياسية وكبار المسؤولين السياسين بين الجانبين لتبادل وجهات النظر في القضايا العامة والخاصة وتطوير علاقة البلدين كما استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ان ينقل العلاقات اليمنية- السعودية نقلة نوعية من خلال سياساته الهادئة والمتزنة التي يبديها تجاه اليمن خاصة، إيمانا منه بأن الروابط التاريخية والثقافية والجغرافية التي تربط اليمن بالسعودية تجعل من الدور السعودي تجاه اليمن مسؤولية تاريخية قبل ان تكون غاية إنسانية ولعل ذلك واضح في التصريح الذي ادلى به في مؤتمر صحفي عقد في الرياض بتاريخ 16 /5 /2006م، والذي عبر فيه بقوله:”ما من شك شئنا أم أبينا أن اليمن جزء من الأمة العربية والإسلامية وجزء من الخليج. واليمن اصل العرب وهذا امر ليس فيه كلام، وهو الرحم الذي خرج منه العرب”.ويمكن القول ان ما وصلت إليه العلاقات اليمنية-السعودية من تقدم وتنام في كافة الميادين يعود الفضل فيه للروابط الاخوية والتوجهات الصادقة للقيادتين السياسيتين اليمنية والسعودية اللتين استطاعتا ان تسهما بشكل جاد في ايصال العلاقات بين الدولتين إلى عهدها الذهبي وان تحقق نجاحا ملحوظًا في توسيع دوائر تلك العلاقة ترسيخا لجذورها واطرها في اتجاه تحقيق تطلعات آمال شعبيهما.