صنعاء / سبأ: سعيد الحاجكثرت في الآونة الأخيرة تذمرات المستهلكين والتجار على حد سواء بسبب تنامي نفوذ السلع المغشوشة والمقلدة التي تغطي الأسواق اليمنية بحيث أصبحت تشكل 9 بالمائة من حجم التجارة العالمية .ورغم إدراك المستهلك بالنتائج السلبية لهذه السلع كونها لا تؤدي بشكل كافٍ الغرض المطلوب منها إضافة إلى قصر عمرها إلا أنه يلجأ لها في أغلب الأحيان لرخصها وتماشي أسعارها مع ما يمتلكه من سيولة إلا أن هذه الظاهرة تكون لها أضرارا أكثر على الشركات العالمية المنتجة للسلع الأصلية ، الأمر الذي أستدعى إنفاق ملايين الدولارات من أجل التصدي للظاهرة وحماية حقوق الملكية الفكرية.وتشير تقارير دولية إلى أن الصين ودول شرق آسيا تقف في مقدمة الدول المنتجة والمصدرة لمثل هذه السلع التي تلقى رواجا خاصة في أسواق الدول النامية ومنها اليمن .حيث شجع تدني مستوى الدخل لدى قطاع واسع من المستهلكين وإرتفاع اسعار السلع والخدمات ذات الجودة العالية ، على خلق أسواق منافسة للأسواق العادية حوت أنواعا من هذه السلع الرخيصة ، إضافة إلى سلع مهربة ذات العلامات التجارية المغشوشة والمقلدة والمنتهية الصلاحية والمجهولة المنشأ وجميعها يشكل خطرا مباشرا على صحة الفرد والاقتصادونتيجة لظاهرة التهريب أغرقت السوق المحلية بأنواع السلع الغذائية والمواد المنتهية الصلاحية التي لم تقتصر على سلعة دون غيره بل شملت مواد البناء وقطع الغيار والتحاليل الطبية والمواد الصناعية المدمرة لصحة الإنسان وأدوات المكياج والتجميل المصنعة وبعض المواد البترولية الضارة ولعب الأطفال المسببة للتسمم نتيجة المواد البلاستيكية التي تحويها .وأرجع ياسين التميمي أمين عام جمعية حماية المستهلك إقبال المستهلكين على السلع المغشوشة والمقلدة إلى الرغبة في شراء ما يقتنيه غيرهم من المستهلكين ذوي الدخول المرتفعة التي لم تقتصر على الضروريات بل أمتدت رغباتهم للحصول على الكماليات مثل الهواتف النقالة والحواسيب وأجهزة استقبال بث القنوات الفضائية وقائمة طويلة من السلع الأساسية والترفيهية الأخرى .مشيرا إلى أن ظاهرة التقليد والغش التجاري هي جزء من ظاهرة عالمية، تطال الكثير من البلدان والأقاليم ، حيث تكشف الأرقام عن حقيقة قاتمة تفيد بأن حجم السلع المقلدة والمغشوشة في الأقليم الذي ننتمي إليه يصل إلى أربعة مليارات دولار .إلى ذلك يؤكد عبدالسلام محمد السماوي مدير الشؤون القانونية بالغرفة الصناعية والتجارية بأمانة العاصمة أن الغرفة تلقت خلال الآونة الأخيرة عددا من الشكاوى المتعلقة بتقليد علامات تجارية وآخرها تعرض علامة شاي أبو ولد للتقليد في شهر مارس الجاري وكذا تقليد علامة جوكي الخاصة بمكائن الخياطة التابعة لمحلات الطير الأزرق وهي شركة يابانية مشهورة . ويضيف السماوي :" أن الغرفة تلقت بلاغا بوجود علب مياه معدنية بداخلها رواسب وقاذورات وطحالب ، كما تلقت بلاغات بوجود معلبات لبعض المشروبات الغازية وبها مواد متحجرة غير صالحة للأستخدام الآدامي وأبلغت بدورها وزارة الصناعة والتجارة بضرورة حماية قانون الوكالة وتفعيل الرقابة على السلع وضبط المخالفين ". من جانبه يؤكد مقبل أحمد الرفاعي القائم بأعمال الإدارة العامة للملكية الفكرية بوزارة الصناعة والتجارة أن الوزارة تلقت خلال العام 2005م /56/ شكوى تعدي على علامات مسجلة تقدم بها ملاك العلامات التجارية او وكلاؤهم .ويوضح أن تلك الشكاوى تمثلت بوجود منتجات داخل الأسواق المحلية أوالمنافذ الجمركية تحمل علامات تجارية مقلدة لعلاماتهم التجارية المسجلة شملت مجموعة من السلع كالمواد الغذائية والاستهلاكية واجهزة كهربائية منزلية وعطورات ومستحضرات تجميل وملابس واحذية , وقطع غيار سيارات وبذور ومبيدات .. مشيرا إلى أن إدارة تسجيل العلامات تقوم بتحرير مذكرات للجهات المختصة بالعمل على حماية العلامات المسجلة وفقاً للقانون وإحالة الموضوع للقضاء.. كما ان هناك عدد من حالات التعدي يتجه لمتضرر مباشرة الى المحاكم المختصة للنظر فيها .فيما يرى مدير الشؤون القانونية بالغرفة الصناعية والتجارية بأمانة العاصمة أن سبب تفشي ظاهرة السلع الفاسدة والمقلدة بالأسواق المحلية يرجع إلى أن الجهاز التنفيذي للحكومة لا يؤدي دوره على الوجه الأكمل ولم يطبق القوانيين ذات الصلة ، منوها أن هذه السلع تدخل الأسواق عبر التجار أنفسهم . ويشير السماوي إلى أن عدم وجود آلية تكاملية وعمل مشترك بين مصلحة الجمارك ووزارة الصناعة والتجارة وجمعية حماية المستهلك والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والغرف التجارية أدى إلى تعاظم المشكلة، لافتا إلى أن هذه الأجهزة لا تبدو أكثر من ظاهرة صوتية لها كيان وقانون وقيادة تديرها لكنها في حقيقة الأمر أشبه بلا أسنان تمكنها من تمزيق الغش وإيقاف النزيف المستمر . يطالب بتفعيل قانون الملكية الفكرية رقم 19 لسنة 1995م بشأن الملكية الفكرية الذي تنص المادة رقم 114 منه أن كل من قلد أو زور اسم أو نموذج أو علامة مسجلة أو أستعمل رسما أو نموذجا أو علامة مسجلة جرى تقليدها أو تزويرها مع علمه بذلك ، أو وضع على منتوجاته أوقرن خدماته برسم أو نموذج أو علامة مسجلة للغير مع علمه بذلك أو باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتوجات عليها رسم أو نموذج أو علامة مسجلة جرى تقليدها أو تزويرها أو وضعها بغير حق مع عمله بذلك ، يعتبر مخلا بالحماية القانونية المقررة للرسم والنماذج والعلامات الصناعية والتجارية .ويشيد القائم بأعمال مدير عام الملكية الفكرية بوزارة الصناعة والتجارة بدور جمعية حماية المستهلك التوعوي من خلال تعريف المستهلك بما يحتاجه من السلع والخدمات المميزة بعلامات تجارية أو نماذج صناعية مسجلة تتمتع بالحماية القانونية ، الأمر الذي يجعل المستهلك يختار ما يناسبه من السلع والخدمات بسهولة ويسر بعيدا عن التضليل والغش ، إضافة إلى أعمال ضبط الجودة وتكثيف حملاتها على المنافذ الجمركية .. مشيرا إلى أنه لن يتم القضاء على الظاهرة إلا بالتعاون بين الجهات الحكومية والتجار أنفسهم ووكلاء الشركات والغرفة التجارية وجمعية حماية المستهلك التي لها دور كبير فيما يخص تقليد العلامات التجارية والسلع المغشوشة والرديئة التي تضر بمصلحة المستهلك . ويقول مقبل الرفاعي :" عمل الوزارة إداري فقط من خلال تحرير مذكرات إلى الجهات المختصة التي تنظر في القضايا المرفوعة إليها وذلك بالتعاون مع مكاتب الوزارة والنيابة والجمارك والمنافذ الجمركية والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وغيرها ومن ثم يتم الرفع إلى القضاء الذي له حق الفصل في هذه المواضيع ". ويلفت إلى أن القضاء على ظاهرة الغش تستدعي تعاون القطاع الخاص والتجار الذين لا يتعاونون بشكل كافي إما لعدم الوعي بخطورة المشكلة أو لجهلهم بالقوانين، منوها بأن عدم الإسراع بالفصل في القضايا المرفوعة إليها سبب في تساهل التجار تجاه عملية التهريب والتقليد تنفيذا للقانون . وقد كثرت فيه عملية التعدي على العلامات التجارية من خلال اصطناع علامة مزيفة مطابقة او مشابهة للعلامة الاصلية من حيث الشكل والألوان الامر الذي يفضي إلي أنخداع المستهلك وعجزه عن إدراك حقيقة التقليد وهناك نوع آخر من التقليد يتطابق مع العلامة الاصلية متضمناً احياناً البيانات الخاصة بمالك العلامة الاصلية واسمه .غير أن المشكلة تتعاظم حدتها بالنظر إلى جهل المستهلك بحقوقه وعدم درايته بخطورة تلك المواد السامة وعدم درايته إلى أين يلجأ عندما يقع ضحية الجشع والغش والخداع الأمر الذي يوجب على جمعية حماية المستهلك توفير السلع الجيدة والرخيصة التي تتوافق مع قدرته الشرائية. يقول مقبل الرفاعي أن ما يساعد على انتشار التقليد في الأونة الاخيرة التقدم التكنولوجي وقيام مراكز الطباعة والتغليف والتعبئة والتجميع بدور نشط في مجال التقليد ، لافتا إلى غياب التعاون من أصحاب العلامات ووكلائهم وتساهلهم في حقوقهم او جهلهم بالقوانين .فيما يرى أمين عام جمعية حماية المستهلك أن الإشكالية لا تكمن فقط في غياب الآلية المناسبة للإبلاغ عن تلك المخالفات، ولكنها تكمن أيضاً في قصور رد الفعل المناسبة لدى المستهلك الذي يقدم على شراء سلع مقلدة أو مغشوشة رغم علمه بالسعر الحقيقي لهذه السلع الأصلية تحت إغراء السعر المنخفض. ضيف أن الجانب الثاني من الإشكالية يتمثل في تواطؤ باعة التجزئة الذين يقبلون على شراء سلع من موزعين ليس لهم علاقة بالوكلاء الرسميين لمنتجات الشركات المصنعة لهذه السلع ، فيما يكمن الجانب الثالث من الإشكالية في قصور المتابعة المفترضة من قبل الجهات المعنية ، إضافة إلى المستوى المتطور من أساليب الغش والتقليد التي لا تترك فرصة للمستهلكين وحتى لبائعي الجملة والتجزئة لكي يميزوا بين السلعة الأصلية والمقلدة خصوصاً إذا كانت هذه السلعة توزع من أكثر من طرف يعد من أهم أسباب تفشي ظاهرة السلع المغشوشة والمقلدة.ويبرز من بين اهم الجهود للحد من ظاهرة التقليد مساعي إدارة الملكية الفكرية بالوزارة إلى إدخال أنظمة الحاسوب في جميع مراحل سير الإجراءات ، إضافة إلى إنشاء مكتبة متخصصة تحوي كافة المعلومات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وكذا الوثائق المتلقة ببراءات الإختراع التي تخدم القطاع الإنتاجي والصناعي والمؤسسات التعليمية والبحثية .يؤكد مقبل الرفاعي القائم بأعمال مدير عام الملكية الفكرية أن وزارة الصناعة والتجارة أحدثت نقلة كبيرة في عملية تطوير الشبكة الإلكترونية التابعة لمكتب الملكية الفكرية واستحدثت إدارتين للنشر وإستقبال الطلبات وتسهيل إجراءات المعاملات من شركات ورجال أعمال ..ويشير الرفاعي إلى أن عملية الربط الإلكتروني ستسهل عملية الإيداع وستوفر الوقت والجهد من خلال القيام بعلمية إيداع العلامات التجارية وتسجيها عبر مكاتب التسجيل أو مالكي العلامات التجارية أو وكلائهم عبر موقع الإدارة العامة للملكية الفكرية ، منوها أن تدشين العمل وفق تلك الآلية يتطلب وجود الريال الإلكتروني .ورغم تزايد أهمية رأس المال الفكري أوالأصول غير المادية مثل حق المؤلف براءة الإختراع والأسرار التجارية وتصميم المنتج وكذا العلامات التجارية في تنمية جوانب الإبداع والإبتكار وإحداث نهضة تنموية حقيقية في المجال الاقتصادي ..فإن كثير من رجال الأعمال وأصحاب الشركات في اليمن لايزالون يجهلون أهمية كل ذلك.واللافت في هذا الجانب أن عملية الحصول على العلامة التجارية شهدت خلال المراحل الأخيرة تزايدا ملحوظا ، حيث يشير تقرير صادر عن مكتب الملكية الفكرية لوزارة الصناعة والتجارة إلى أن عدد العلامات التجارية المسجلة منذ العام 1981م حتى 1995م بلغ /5430/ علامة , فيما بلغت العلامات المسجلة خلال الفترة 1996- 2000م /7179/ علامة ، وبلغ عدد العلامات التجارية المسجلة خلال الفترة 2001-2005م /8351/ .وبين التقرير أن عدد العلامات التجارية المسجلة بالوزارة بلغت حتى نهاية العام 2005م /26721/ علامة ، فيما وصل عدد طلبات إيداع وتسجيل براءات الإختراع للفترة بين 1998م - 2004م أكثر من 190 طلبا وعدد تسجيلات براءات الإختراع 99 براءة إختراع .فيما يصل عدد طلبات تسجيل العلامات المقدمة خلال العام 2005م /2590/ طلبا احتلت الطلبات المحلية الجزء الاكبر منها , بـ /1312/ طلبا بالمقارنة مع /1278/ طلبا غير محلي .وتوزعت طلبات الايداع على مختلف المنتجات والخدمات متدرجة حسب الاهمية بالنسبة للسوق المحلية , واحتلت المواد الغذائية المرتبة الأولى لطلبات الايداع ثم المواد الاستهلاكية فالكيميائية ثم الأدوية والمستلزمات الطبية تليها الخدمات العامة بكافة فئاتها.وشهدت طلبات الإيداع على السلع والاجهزة الالكترونية ارتفاعا ملحوظاً حيث تلقت الإدارة خلال العام 2005م /265/ طلبا مقارنة مع /159/ طلبا قدمت العام 2004م بنسبة زيادة بلغت 67 بالمائة .وتجسيدا لتنامي الوعي لدى رجال المال والاعمال اليمنيين ، تقوم الإدارة العامة لحماية الملكية الفكرية بعملية تطوير العمل وزيادة تنمية الوعي في مجال الملكية الفكرية بإعتباره واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية التي تعمل على تهيئة المناخ العام أمام المستثمرين الأمر الذي يوفر بيئة مناسبة لتنمية الإبداع والإبتكار،سيماوقد أصبحت أصول الملكية الفكرية تمثل أصولا مادية وجزاء من رأس المال لكل منشأة تجارية أو صناعية أو خدمية .ورغم الجهود المبذولة لمواجهة قراصنة العلامات التجارية والمهربين وغيرهم من المتلاعبين باحتياجات المستهلك في السوق اليمنية ، إلا انها تظل في نظر المراقبين بحاجة إلى المزيد من الفاعلية والانضباط ويطالبون بضرورة إعداد قائمة سوداء بالتجار الذين يمارسون الغش والتدليس وتقليد العلامات التجارية ، إضافة إلى إعداد قائمة بيضاء تضم التجار الملتزمين بحقوق المستهلك ، والاهم ما يقترحونه حول ضرورة إعداد تصور لميثاق شرف بين التجار والمستهلكين للحفاظ على حقوق التاجر والمستهلك على حد سواء .
بزنس السلع المقلدة يهدد الأسواق .. وناشطون يطالبون بميثاق شرف بين المنتج والمستهلك
أخبار متعلقة