يعود تاريخ الرحلات الاوروبيه الى جزيرة العرب الى الاعوام (1476-1490م) عندما زار الرحاله كابوت مكه
سوق الهفوف عام 1917م
نجمي عبدالمجيدتاريخ الرحلات الاوروبية الى جزيرة العرب يعود الى الاعوام 1476 و1490م عندما زار الرحالة كابوت مكة ، وكان ملك البرتغال جان قد أرسل الى الجزيرة العربية عام 1476م بدور دي كوفيلهما والذي كان يجيد التحدث بالعربية بهدف التحقق من إمكانية العبور الى الهند عبر البحر الاحمر وقد مر بعدة مناطق حتى وصل الى عدن ومنها الى بلاد الهند ، أما رحلة نيبور التي كانت عام 1761م الى بلاد العرب فقد اعتمدت كأول رحلة علمية تصل الى هذه البلادوبعدها جاءت رحلة الألماني ستيزن والذي أدعى الاسلام وحج عام 1810م ورسم أول مخطط للمدينة المنورة وفي عام 1806م جاء الرحالة الأسباني دومنغو بادليا والذي عرف باسم الحاج علي بك العباسي وشاهد موكب الامام سعود بن عبدالعزيز في مكة أما بركهارت السويسري مؤلف كتابي "رحلة الى بلاد العرب" و " ملاحظات عن البدو" قد زار الحجاز عام 1814م.[c1]جورج أغوست وآلن [/c]هو رحالة ومستشرق فنلندي ويعد من الرواد الذين جابوا شمال الجزيرة العربية وكان ذلك في القرن التاسع عشر الميلادي وقد عمل على تسجيل الكثير من الاشياء التي شاهدها في عدة مناطق من جزيرة العرب ، وكان أكثر الرحالة علمية وموضوعية بمادون .وقال عنه الاستاذ ديفيد جورج وهو أحد الذين تخصصوا بجزيرة العرب :( مهما كانت دوافعه فإن والن كان أحد أقدر الاوروبيين الذين وطئوا أرض الجزيرة وكان مؤهلاً لمهمته .. كما يعترف له الانسان وربما لأول مرة في تاريخ اكتشاف الجزيرة العربية بأنه مكتشف علمي من الطراز الحديث فقد كان معداً بشكل كامل وعاقداً العزم على ألاّ يترك شيئاً لأي أحد يمكن أن يأتي بعده).كان ميلاده عام 1811م في جزيرة أولاند الفنلندية حيث عمل أبوه في محكمتها وفي عام 1817م دخل مدرسة الكنيسة وبعد أن أنهى دراسته الثانوية دخل جامعة هلنسكي عام 1829م وحصل على الدكتوراة متخصصاً باللغات الشرقية وذلك في عام 1839م وكان موضوع بحثه الفارق بين اللغة العربية الفصحى والعامية ، وفي خريف عام 1841م تقدم بطلب الى جامعة هلسنكي من أجل حصوله علي منحة دراسية لمدة خمسة سنوات للقيام برحلة الى مصر والجزيرة العربية ، وبتاريخ 28 يوليو 1843م غادر هلسنكي وذهب الى هامبورغ وباريس ومرسيليا واستانبول ، ووصل الى الاسكندرية بتاريخ 15 ديسمبر1843م وغادر الى القاهرة يوم 29يناير 1844م وغادر القاهرة يوم 12/4/1845م مع مرشد بدوي عبر سيناء نحو نجد وأول منطقة وصل إليها في شمال الجزيرة العربية هي الجوف وكان ذلك بتاريخ 25/5/1845م وأقام فيها حتى تاريخ 30/8/1845م وبعد ذلك سافر الى حائل عبر النفوذ والتي وصل إليها يوم 20/9/1945م وبقي فيها مايقارب من 60 يوماً وكان ضيفاً لمدة ستة أيام على الامير عبدالله بن رشيد وبعد تلك الفترة الزمنية التي قضاها في حائل غادر مع قافلة حج الى المدنية المنورة وزار قبر الرسول ( ص) ومكة وادى فريضة الحج ثم عاد الى مصر ليضع خططه للعودة من جديد الى الصحراء العربية وفي القاهرة قضى بعض الوقت يتبادل الرسائل مع جامعته من أجل أن تدفع له بعض المال لأكمال مشروعه ، والاستعداد لرحلة أخرى الى نجد واليمن وقد زار سيناء والقدس خلال تلك الفترة.عام 1847م عاد الى جزيرة العرب في ثاني رحلة له إليها باسم عبدالمولى وفي تلك الرحلة زار مويلح وهي تقع على البحر الاحمر وتبوك وتيماء وحائر التي قضى بها شهراً وبعدها غادر الى العراق وإيران ثم سافر الى لندن وألقى بعض المحاضرات حول رحلاته وساعد في رسم وتعديل عدة خرائط في الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية وعاد الى بلاده عام 1850م ومن أعمال في هذا المجال محاضرته الاولى في 22 ابريل عام 1850م عن رحلته الثانية الى جزيرة العرب وكان عنوانها "ملاحظات حول رحلة عبر جزء من شمال الجزيرة في 1848م " غير أنها نشرت في عام 1852م في دورية الجمعية وما كتب عن الرحلة الاولى فقد ألقى بتاريخ 26 ابريل عام 1852م ونشر في نفس الدورية عام 1854م كما نشرت له تلك الدورية " قصة رحلة من القاهرة الى القدس عبر جبل سيناء " في سنة 1855م وكان قد كتب هذه الرحلة في عام1851م وصدرت أعماله الكاملة في خمسة مجلدات باللغة السويدية وتعد مؤلفاته من المراجع الهامة في معرفة بلاد العرب بماجاء بها من ملعومات عن عدة مناطق مثل صحراء النفوذ الرملية الواسعة والتي تقع في الجزء الشمالي من السعودية بين منطقة الجوف من الشمال ومنطقة حائل من الجنوب بين دائرتي عرض 27.05 درجة مئوية و 29.40 درجة مئوية وتصل مساحتها الى 64630 ميلاً مربعاً ويبلغ أقصى إمتداد لها من الشرق للغرب حوالي 342 ميلاً أما من الشمال الى الجنوب فيصل الى حوالي 572 ميلاً ويقل إتساعها عند الاتجاه نحو الشرق حيث لايتعدى 128 ميلاً عند نهايتها الشرقية وصحراء الدهناء الرملية والتي تقع على شكل قوس يصل الى مسافة 1200 ميلاً وتربط بين صحراء النفوذ شمالاً بصحراء الربع الخالي جنوباً ووادي السرحان وهو رئيسي في شمال الجزيرة العربية وبدايته من حوران جنوب سورية وينتهي في الجوف ويبلغ طوله حوالي 340 ميلاً ويصل عرضه مابين35ميلاً و 50 ميل وقد رحل عن عالمنا هذا الرحالة بتاريخ 32/ أكتوبر 1825م .
[c1]كارستن ينبور وبلاد العرب [/c]بالرغم ماكتب عن الرحلات الاوروبية الى بلاد العرب في القرون الماضية تظل رحلة كارستن ينبور هي الخطوة الاولى في مجال الدراسة العلمية للجزيرة العربية وكان ذلك عندما وصلت البعثة التي أرسلها ملك الدنمارك الى ميناء القنفذة بتاريخ 29 أكتوبر من عام 1762م وكان هو من طاقم البعثة بصفة مهندس مهامه تدوين المعلومات الجغرافية وقد نشرت قصص رحلاته باللغة الالمانية عام1772وبالفرنسية عام 1773وفي عام1779م ظهرت طبعة مراجعة ومنفتحة وظهرت ترجمة لها بالانجليزية عام 1792م وصدرت طبعة نهائية بالالمانية عام 1838م ونشر نيبور ملاحظات فورسكال احد افراد بعثته والمكلف بتدوين الملاحظات الخاصة بعلم الحيوان وأنواع النباتات على حدة في عام 1775م وتقول الكاتبة جاكلين بيرين عن ماكتب ينبور عن الجزيرة العربية :( عندما يقرأ الانسان وصف نيبور لشبه الجزيرة العربية يطلع علي الكثير من شؤون العرب ، طبقاتهم الاجتماعية وسلاسل الانساب وطبقة الاشراف والدين والخلافات المذهبية القائمة بين الفرق الاسلامية المختلفة : السنية ، والشيعية ، والزيدية ، والثأر للدم ، والاجراءات القانونية الصحيحة للثأر الذي يسبب الكثير من النزاع الدامي بين العشائر ويطلع على عادات المأكل ، والمسكن والاستقبال والتحية والملبس والزواج والخصاء والختان وعلى سير الشعراء والخطباء ذوي الشأن العظيم لدى العرب ويحصل على معلومات عن المدارس والجامعات القرآنية وعلم تاريخ الاحداث عند العرب والفلك وعلوم السحر والتنجيم وعن عادات الدراويش الشديدة الغرابة ، والطب والامراض وقد استعمل الملاحظات التي دونها زملاؤه فبحث في منتوجات الجزيرة العربية والمعادن والحجارة الكريمة وفي الاشجار والنباتات والزراعة والحيوانات .وبما أن مخطوطات عربية عرضت فقد أهتم بوضع لائحة مقارنة بين مختلف أنواع الخطوط وأهتم بإظهار جميع الكتابات التي شاهدها على الحجارة بالخط الكوفي ناقلاً عنها صورة طبق الأصل وكذلك فعل بالنسبة الى النقود .على أن مهمته الاساسية كانت الجغرافية ومن البديهي أنه لم يستطع رسم خارطة كاملة لشبه الجزيرة العربية إذ أنه لم يتجول فيها كلها مستعملاً أدوات القياس ولكنه رسم خرائط خاصة بكل منطقة زارها أدخلت تحسيناً كلياً علي المعلومات التي كانت قد جمعت حتى ذلك الحين علي الرغم من أنه لم يصحح كل الاخطاء التي وردت في خارطة دانقيل[c1]قلب الجزيرة العربيةهاري سانت جون فيلبي [/c]هذه الرحلة أقرب إلينا تاريخياً حيث تعود بدايتها الى تاريخ 14 نوفمبر عام1917م من ميناء في خليج البحرين تم سيراً نحو الاطراف الواسعة من المملكة العربية السعودية ويعد هذا الكتاب من المؤلفات التي حفظت عدة معلومات في مجالات مثل الجغرافيا والاقتصاد والانساب والزراعة وأحوال الناس في تلك الحقب الماضية من تاريخ الجزيرة العربية ومؤلفات فيلبي والذي يعود تاريخ دخوله الى بلاد العرب " الجزيرة العربية " الى 29/10/1917م ثم تواصلت بعد ذلك رحلاته الى هذا المكان من العالم العربي تاركاً بعد وفاته في عام 1960م العديد من المراجع والتي مازالت حتى اليوم تعد ذاكرة لفترات هامة من تاريخ الجزيرة العربية .يقدم لنا الكاتب في مؤلفه هذا قيمة موضوعية لمكانة الجغرافية في تحديد هوية المكان وعبر مسافات تمتد من الصحراء الى القرى والمدن خطوات فوق الرمال ورحيل بين الوديان والجبال والمناطق الخضراء والمراعي والوصول الى أرض تصلب سطحها بعد أن غاب عنها ماء المطر لفترات موحشة من الزمن وبين عادات الناس وحكم القبائل ومكانة الملك عبدالعزيز آل سعود ودوره في تأسيس المملكة ، سفر من أحداث التاريخ ودور الرجال في صياغة الواقع والرحلة هنا لاتنطلق من زاوية الملاحظة لشكل المكان او تدوين ماجرى بقدر ماتكون أهميتها في معرفة روح هذا الموقع وكيف يفكر العقل فيه .
جانب من مرافقي (فيلبي) ممتطين جمالهم في جده عام 1917م
[c1]السهل الداخلي[/c]يقول قيلبي عن جزيرة العرب في هذا الفصل: ( كم هو مخيف الحاجز المتجهم الذي يحمي لب الجزيرة العربية من الآفة المهلكة التي تسمى التدخل الاجنبي والنفوذ الاجنبي ترتفع طبقة تتلوها طبقة من المحيط في الشرق حتى الهضبة الوسطى الذي يرتفع بعد مسافة خمسين ميلاً من سطح البحر الي إرتفاع يبلغ 350 قدماً وبعده الصمان التي تعلو متدرجة ولكن بإنتظام لارتفاع إضافي يبلغ 900 قدم على إمتداد مسافة 90ميلاً وبعدها الدهناء التي تصعد في مسافة 25 ميلاً لارتافع بين 1200 الى 1500 قدماً فوق سطح البحر ثم تبقت هناك على البعد القلعة نفسها خلف آخر خطوط دفاعها من السهل المتدرج .إن الممر الجسرة الحجري المرتفع في الشرق مايقابله في الغرب وهو الجاري الذي دخلناه الآن وهو شريط طيني يغطيه بكثرة ثمام خشن وحرمل طري ويدخل في كثبان المربخ مثل الاسفين وعندما تقدمنا تحولت الرمال على جانبي الجاري فجأة الي منحدر لطيف تغطيه الحجارة وصار الشريط منخفضاً بعرض ميل واحد ، وأرتفع جانباه ليكونا تلالاً خفيفة بينما أنتشر نحو الشمال والجنوب سهل العرمة الممتد الى ما لانهاية لينتهي في أقصى الغرب في حافة خفيفة تأخذ أطرافها لون الشمس الجانحة للغروب .لم نزل بعيد عن الماء وكانت فرصتنا بلوغ الآبار قبل حلول الظلام ضعيفة ورغم هذا واصلنا سيرنا بأقصى سرعة لهذه الحيوانات المنهكة أن تبلغها .قطعت مسارنا غزالة منفردة كانت الاولى التي نراها في الصحراء رغم إننا رأينا عدداً لايحصى من آثارها في الدهناء وطاردها عدد من البدو دون جدوى، عطشى ولكن قلوبهم شجاعة وبعد قليل مررنا بدو سري يقود قطيعاً صغيراً من الضآن ويتجه نحو الاحساء ليبيعها هناك يوم الخميس القادم في سوقها الكبير وصحنا بوهن طالبين منه الوقوف لنبتاع منه لحماً للعشاء وباتفاق الجميع قررنا ألا نتقدم أكثر لدينا اللحم رأسان من الضآن الجيد اشتريناهما بعد مساومات كثيرة بعشرة دولارات للرأس ولكن لم نكن نملك الماء الذي نطبخ به هذه الوجبة) .يواصل هاري سانت جون فيلبي وصف تفاصيل تلك الرحلة الى قلب الجزيرة العربية فهو يتحدث عنها بأنها غنية بالاماكن المقفرة الواسعة وبها تركيبات جغرافية مثل الجزء الشمالي من الصمان والذي يسميه سكان تلك المناطق الدحول ، وهي إشارة الى ظاهرة طبيعية غربية تتميز عن الجزء الجنوبي وهذا المكان مسافات تصل الى عدة أميال من كل الجهات مليئاً بالثقوب من جراء شبكة من ممرات تجري تحت الارض يمكن الدخول إليها من مواقع عديدة ومتفرقة بفتحات علي شكل فوهات آبار غير أنها شقوق طبيعية على السطح تغور في باطن الارض لمسافات تصل مابين 20 و 30 قدماً ولفظ تلك الكلمة دحل وتجمع دحول وينطبق على تلك الفتحات العمودية حيث تتجمع في قاعها .ويذكر معلومات عن نبع وهي سلسلة تلال منخفضة كثيرة الكتل وتكون الجانب الايسر للسيل الصغير وتبلغ ارتفاع قمتها مابين 100 الى 150 قدماً فوق مستوى قاع مجرى السيول .وعن مرتفعات نجد يوضح العديد من معالم تلك الاماكن ويسطر قلم فيلبي هذه الكلمات :( يمتد أمامنا علي مد البصر سهل حدبا قذلة المنبسط الفسيح بين الشمال والجنوب بين الخطين المتوازيين خط نفوذ دلقان من خلفنا جبل العرض المنخفض الممتد أمامنا وتعلو فوق هذا الاخير قمتا " إذ في شمال " المزدوجتين نحو الجنوب قليلاً من إتجاه الغرب والى الشمال كانت سلسلة من التلال المسننة تمتد حتى يفقد أثرها في الغمام البعيد والى الجنوب كان سهل الحجارة الجيرية الفسيح العاري يورث الملل.[c1]المراجع : [/c]1- الرحالة الاوروبيون في شمال وسط الجزيرة العربية .ترجمة الدكتور : عوض الباري ، دار برزان للنشر - لبنان - الطبعة الاولى - 2004م .2- إكتشاف جزيرة العرب .ترجمة : قدري قلعجي دار الكاتب العربي - بيروت - عام 1963م.3- قلب الجزيرة العربية - الجزء الاول تأليف : هاري سانت جون فيلبي مكتبة العبيكان الطبعة الاولى عام 2002م تعريب الدكتور : صلاح علي محجوب .