إعداد/ ميسون عدنان الصادقمن باب النصر وعلى مسافة ستمائة متر انتهاءً بالجامع الأموي يمتد شريان مدينة دمشق وقلبها النابض بالحياة والحركة.. حيث ملتقى الفقراء وقبلة عشاق الشام القديمة للتدرج تحت سقف المقبب.سوق الحميدية الشعبي معرض الفنون الدمشقية القديمة وسوق بضائعها المتنوعة ملتقى الشام والمجتمع السوري على اختلاف شرائحه وفئاته مع السياح الوافدين إليه من كافة بقاع العالم يقطع أبناء المحافظات السورية مسافة طويلة للتسوق من الحميدية على رغم توافر مايحتاجون إليه في مناطقهم فقد اعتادوا زيارته لاسيما في مواسم الأعياد ومناسبات الأفراح فأمام إحدى واجهات محلات بيع بدلات وقفت إحدى السائحات القادمة من محافظة (درعا) لاختيار ثوب عرسها فبدلات السهرة هناك أكثر تنوعاً وارخص سعراً على حد قولها وأخذت كل مايتعلق بتجهيزات العرس حتى الزي التقليدي الخاص بمنطقتها متوافر في السوق واشترت كل ماتحتاج إليه من الألبسة والهدايا للأقارب وكان لابد لها أن تتناول البوظة العربية من الكداش وزيارة الجامع الأموي.يقصد الناس سوق الحميدية بهدف (تغيير الجو) وللاطلاع على كل جديد في عالم الألبسة والجلديات والتدرج في أحياء دمشق القديمة والذهاب إلى مقهى النوفرة والاستمتاع إلى الحكواتي وزيارة الجامع الأموي وقبر صلاح الدين.المناخ التاريخيوحين يسأل الزائر الأجنبي القادم إلى دمشق عن مركز المدينة يقال له سوق الحميدية حيث تبدأ الرحلة إلى الجامع الأموي والتنقل في إحياء الشام القديمة هذا ماذكره ساكن "طالب من تركيا" فهو يحب المشي في سوق الحميدية لأنه يذكره بالسوق الكبير في اسطنبول الذي انشأه محمد الفاتح عام 1461م وزيارة الشام القديمة حيث المناخ التاريخي وخصوصية البناء المعماري الإسلامي وشراء الشرقيات والملبوسات الشعبية القديمة من الحميدية بينما يفضل الذهاب إلى أسواق الصالحية والحمراء عن شراء الملابس حيث تتوافر فيها احدث "صرعات" الموضة.سحر الحرف الدمشقيةالشرقيات القديمة والتحف التي باتت من الكماليات صعبة الاقتناء لشريحة واسعة من المجتمع السوري خاصة أصحاب الدخل المحدود الغارقين في تأمين مستلزمات الحياة الأساسية هي ذاتها التي تغري الميسورين والضيوف الأجانب والقادمين من الأقطار العربية المجاورة لزيارة السوق على حد قول( تاجر الشرقيات) حيث خصوصية الحرف الدمشقية القديمة وجمالية كل من الذوق الفني والدقة في الصناعة.إما المنافسات الكلامية التي تحصل في سوق الحميدية فهي عادة ماتكون على السعر النهائي للسلعة بين البائع والمشتري حيث العشوائية في تحديد الأسعار لكن معظمها ينتهي بشكل سلمي ويخرج منها الطرفان راضين إذ يحاول التاجر الايخسر زبائنه لكن الشطارة تكمن في فن التحدث واللباقة في الإقناع التي تحرج الزبون عادة وتجعله يدفع وهو يضحك.لكن قوانين كسر الأسعار المتعارف عليها ليدنا لايفهمها السائح كثيراً فنادرا مايحاول تخفيض السعر خاصة إذا أعجبته القطعة وكان بحاجة إليها لذا فان اعتماد التجار على السياح الأجانب أكثر من أبناء البلد الذين يكسرون السعر ولايتركون لهم سوى هامش بسيط من الربح.إصلاحات ولكنقامت محافظة دمشق بعملية ترميم للسوق بلغت تكلفتها 36 مليون ليرة حيث أزيلت كافة المخالفات عن أعمدتها لتبرز اللافتات والديكورات والتيجان الأثرية وأزيلت الأرصفة عن جانبيه ورصفت الأرضية بحجر مشابه تم إحضاره من جبل الزاوية ومنع عرض البضائع وإبرازها للخارج لكيلايؤثر في معالم السوق الأثرية لكن ظاهرة الباعة الجوالين مازالت موجودة على الدعم من إزالة الأرصفة التي كانوا يستخدمونها لعرض بضائعهم وهذه الظاهرة من الطبيعي وجودها في الأسواق الشعبية وقد لاتزعج زوار السوق بقدر ما تزعج تجاره ويقول تاجر الألبسة بان الباعة الجوالين يشترون ألبستهم من المصادر نفسها التي نشتري منها ولكنهم يبيعونها بأسعار رخيصة جداً إذ لاتوجد عليهم ضرائب مثلنا نحن أصحاب المحلات لذا نضطر الى البيع بخسارة احياناً نتيجة الفوضى في تحديد الأسعار وعملية المكاسرة التي اعتادها الزبون.ومهما اختلف مرتادوه وآراؤهم حوله ليبقى سوق السلطان عبدالحميد الذي شيده خلال الحكم العثماني عام 1963 أشهر وأجمل الأسواق المغطاة في العالم ومازال يعبر عن حضارة يشهد المكان وذاكرته عليها.