المنامه / متابعات: اختتمات في البحرين أعمال المؤتمر الأول لمعهد التنمية السياسية الذي يقام تحت عنوان ( الهوية في الخليج العربي .. التنوع ووحدة الانتماء ) حيث أناب عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة وزير ديوانه الشيخ خالد بن احمد آل خليفة وزير الديوان الملكي لافتتاح المؤتمر الذي تحضره شخصيات عربية وخليجية بارزة تناقش فيه أزمة الهوية في الخليج العربي.إلى ذلك حذر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن العطية من تصاعد الهويات الطائفية أو العرقية سياسياً على حساب الهوية الوطنية الجامعة، قائلاً أن هذا التصعيد السياسي للهويات الطائفية “ من اخطر مظاهر أزمة الهوية في الدول العربية”، ولفت العطية في كلمته قائلاً:”إن صعود هذه الهويات الفرعية يعني أن لدينا أزمة ولاء وطني” وأردف قائلا:”لا تخلو هذه الظاهرة من أياد أجنبية، ظاهرة أو مستترة”.وأكد العطية أهمية انعقاد هذا المؤتمر كونه يعالج موضوعاً في غاية الأهمية وذا أبعاد اجتماعية وثقافية وأمنية و سياسية متشعبة ، منوها في ذات السياق بالجهود التي يبذلها الدكتور إبراهيم بن ماجد الرميحي في معهد التنمية السياسية في ايلاء قضايا المنطقة الأهمية التي تستحق من البحث و النقاش وتبادل الرأي بمستوى عال من الجدية ليسهم المعهد بدور فاعل في رفد عملية التنمية السياسية التي تشهدها مملكة البحرين في إطار مسيرة التطوير الشاملة والمباركة التي أرسى قواعدها الملك حمد بن عيسى آل خليفة.وشدد العطية على أهمية الحاجة الماسة لترسيخ الهوية الوطنية الخليجية وجعلها وعيا جماعيا يعتز بالتراب والثقافة والدين والتاريخ من خلال غرس قيم الانتماء لوطن جامع مانع وتشجيع روح التسامح والانفتاح ضمن دوائر أربع متواصلة، دول مجلس التعاون و العالم العربي والعالم الإسلامي و المجتمع الدولي ، لا سيما في ظل رياح الخطر التي تعصف بالمنطقة ويهدد أمنها السلمي بدفع أجندات خارجية منها ما هو معلن ومنها ما هو مستتر .وحمل العطية وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة المسؤولية الكبرى في صياغة دور مجتمعي والحفاظ على عناصر الثقافة و القيم الأصيلة بما يسهم في تعزيز التنشئة الاجتماعية ، كما تطرق في كلمته إلى التحديات التي تواجه قضية الهوية الخليجية وربطها بقضية العمالة الوافدة وانعكاساتها السلبية على مشروعات التنمية الاقتصادية و التركيبة السكانية، مشيراً إلى أن هناك ما يقرب 12 مليون ونصف المليون من العمالة الوافدة في دول المجلس .إلى جانب إعادة النظر في وضع العمالة الوافدة لإعادة نصاب الهوية الوطنية طالب الأمين العام لمجلس التعاون بضرورة إعادة النظر أيضاً في المناهج التعليمية والبعد الثقافي والقيام بحملة على صعيد المنطقة ككل لتغير النظرة الاجتماعية لعمل المرأة ولتحفيز القطاع الخاص على توظيف النساء.من جانبه قال إبراهيم الرميحي مدير معهد التنمية السياسية إن حقيقة كون العالم قد تحول بفعل منظومة متكاملة من السياسات التي فرضتها ثورة المعلومات إلى قرية صغيرة هو واقع نعيشه ونعاني في الوقت نفسه من بعض الآثار السلبية لهذه المناخات خاصة في منطقة الخليج التي كانت مسألة الحفاظ على هويته العربية الإسلامية و مرتكزاته الوطنية إحدى الأسس التي أدت إلى قيام منظومة دول مجلس التعاون الخليجي عام 1981م. ونوه الرميحي بمبادرات مملكة البحرين في تعظيم الهوية الخليجية من خلال اقتراح الملك حمد لمشروع البطاقة الذكية في اجتماع دول مجلس التعاون الرابع و العشرين سنة 2003 كخطوة للعمل الحثيث لتحقيق كل مراحل التكامل الاقتصادي وتذليل العقبات لتحقيق التنمية السياسية وضمانة للمحافظة على كيان الخليج العربي.وأوضح الرميحي أن فكرة المؤتمر قد جاءت منسجمة مع توجيهات الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورغبته في أن يجتمع أهل الاختصاص والمهتمين للخروج بفكر واع ومستنير تعود مخرجاته بالمشورة على السياسين وصناع القرار وتشكل فرصة للاكاديمين والباحثين والمهتمين لفتح آفاق جديدة .وأعرب الرميحي عن أمله في أن تسهم التوصيات التي سيخرج بها “ إعلان المنامة “ في نهاية أعمال المؤتمر في رسم نهج أكثر دقة يضمن صيانة الهوية الخليجية وحمايتها .وفي أولى جلسات عمل المؤتمر تحت عنوان “ الهوية و الانتماء الوطني في الخليج العربي “ التي شارك فيها كل من الدكتور مجيد العلوي وزير العمل و الشيخ ثامر علي صباح السالم الصباح رئيس جهاز الأمن الوطني بدولة الكويت فقد تطرق الأخير في ورقته إلى ابرز العراقيل والتحديات التي تواجه قضية الهوية الوطنية في منطقة الخليج، مبيناً إلى أن ابرز تلك التحديات هي مشكلة الخلل في التركيبة السكانية حيث تعد احد أهم المشاكل التي من شانها أن تعرقل تعزيز الهوية الوطنية الخليجية. وأضاف أن من التحديات الأخرى أيضاً إشاعة ثقافة بغض الآخر في المنطقة رغم أن الهوية الخليجية قد عرفت منذ قديم الأزل بقيامها على التعددية والتسامح .وأكد ضرورة تلازم عمل الدولة مع العمل الإعلامي من خلال التزام وسائل الاعلام بالمسؤولية الاجتماعية لتحقيق تماسك المجتمع ، ومحملا في ختام قوله البيئة التعليمية مهمة رعاية الهوية الوطنية من خلال تطوير المناهج التعليمية و التوسع في المنظومة التعليمية لتشمل كافة أركان البيئة التعليمية من البيت و المسجد والمدرسة .من جهته قدم العلوي خلفية تاريخية عن مفهوم الهوية الوطنية بقوله إن مفهوم الهوية قد برز في منتصف القرن الثامن عشر بالولايات المتحدة الأمريكية على خلفية الاستقلال.لافتاً إلى أن الثورة الفرنسية في عام 1789م، قد جاءت بتعزيز هذا المفهوم، إلا انه في العصر الحديث ومع انهيار الدولة العثمانية بدأت تنمو أوطان عربية وتتحرر وهناك مجموعة من الوطنيات في تركيا و إيران اتجهت إلى القومية كتكتل سياسي وجغرافي وشكلت بديلاً للهوية الوطنية .واعترض على تأطير الخليج بهوية موحدة مستشهداً بالتجربة الأوروبية رغم مرورها بالعملة النقدية الموحدة .وقال سعادته أن أفراد الوطن قد لا يعرف بعضهم بعضاً لكنهم يرتبطون برباط وشيج الذي اسمه الوطن والرابط الروحي فيما بينهم هو العواطف و القيم و العادات و التقاليد، مؤكداً ما للمواطن من حقوق و ما عليه من واجبات تتصل بالانتماء للوطن و الدفاع عنه ، رابطاً الانتماء الوطني بضرورة إحساس المواطن ووعيه بممارسة حقه في المشاركة السياسية و الثروات الوطنية .وسلط الوزير العلوي الضوء على خصوصية التجربة البحرينية وما اتخذته الحكومة من مبادرات لعلاج مشكلة الاغتراب عبر إصدارها لوثيقتي ميثاق العمل الوطني والدستور إلى جانب المشروع الإصلاحي للملك وإسهامه في حفظ الوعي العام بالمواطنة البحرينية ، كما بين أن المواطنة الفعلية تشجع على الخصوصيات في إشارة منه انه متى ما ضاق الإطار العام للهوية الوطنية بالهويات الأخرى فان ذلك سيؤدي إلى الانعزال و التقوقع ولكن في حال اتسع وأعطى للفرعيات خصوصيتها فإن العمق بالانتماء الوطني هو المحصلة .وعلى المواطن أن يعتبر نفسه في سفينة كبيرة ومن اجل سلامتها ينبغي على الكل التمسك بها .يذكر أن المؤتمر ينعقد بمشاركة نخبة من المفكرين العرب والخليجيين، منهم أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في فرنسا برهان غليون، والأمين العام لمنتدى الفكر العربي حسن نافعة، وعضو مجلس الأعيان الأردني رويدة المعايطة، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات عبدالله عبدالخالق، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت مريم الكندري، وأستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة السلطان قابوس محمد بن عوض بن علي المشيخي إضافة إلى المتحدثين في جلسات العمل ونخبة من المفكرين والمثقفين البحرينيين.