ماذا يعني أن تصنع فيلماً في السعودية؟
إعداد/ القسم الثقافي كنا نسمع الكثير عن الأفلام المصرية ولكننا اليوم نرى السينما الخليجية وخاصة السعودية وعلى الرغم من التشدد الديني في المملكة إلا أن هناك من المخرجين الشباب الذين اثبتوا وجودهم رغم تجربة المخرج السعودي الشاب عبدالمحسن المطيري في إنتاج فيلمه الجديد «رجل بين عصابتين وقبر» تجسد محنة السينما في بلاد «الحرام فيها أكثر من الحلال» وفق الشرطة الدينية التي تجوب الطرقات.فإنتاج هذا الفيلم كان بجهد شخصي من متطوعين في التمثيل والإنتاج، وحتى المكان الذي صور فيه، كان شقة استأجرت لأكثر من ساعة فقط. صحيفة «ذي ناشنول» التي تصدر باللغة الانكليزية في أبوظبي تناولت تجربة المطيري بتقرير يكشف الصورة المعتمة في بلاد لا توجد فيها صالات للعروض السينمائية.وتعاطفت الصحيفة في تقريرها الذي كتبه «كاريل مورفي» مع حماسة واندفاع عبدالمحسن المطيري «29 عاماً» على الرغم من عدم وجود ميزانية لإنتاج فيلمه، فهو واحد من المواهب الشابة التي لا تلقى الدعم في وطنها.وقال المطيري لصحيفة «ذي ناشونال» «لا أتوقع أن أجني مالاً من هذا الفيلم، إنه فقط لأُظهر للجمهور موهبتي في الإخراج والإصرار على التواصل مع العمل السينمائي الصعب».لأن العاطفة ومواجهة الصعاب - حسب المطيري- مطلوبة في إخراج فيلم في بلاد مثل السعودية تضع العقبات أمام الإنتاج السينمائي.ولا توجد صالات للسينما في المملكة العربية السعودية التي يسيطر الخطاب الديني المتشدد على مقاليدها الاجتماعية.وتعد المؤسسة الدينية صالات السينما «أماكن خطيئة»! فهي بتفسيرها تسمح باختلاط الرجال مع النساء وتنشر الفساد وتصرف العباد عن دينهم الإسلامي.وقال الفنان محمد الظهيري لصحيفة «ذي ناشونال» «أننا نعود مائة سنة إلى الوراء، فلا يوجد بلد في العالم مثل السعودية لا توجد فيه صالات عرض سينمائي، فهي جوهر الثقافة المعاصرة ولا يمكن تجاهلها». وبعد إغلاق قسم الدراما في جامعة الملك سعود عام 2000، أضحت السعودية بلا مدارس أو معاهد سينما. الأمر الذي دفع المطيري إلى شراء بعض معدات إنتاج فيلمه من شبكة الانترنت لأنها لا تباع في البلاد.ولاحقت الشرطة الدينية فريق عمل المخرج عبدالمحسن المطيري أكثر من مرة وأوقفتهم عن التصوير مع انه لا توجد أي ممثلة في كادر الفيلم.ويرى المطيري أن غياب دور العرض دفع السعوديين إلى مشاهدة الأفلام في المنازل، ويندر أن يقام مهرجان سينمائي في البلاد «حتى مهرجان جدة السينمائي ألغي من قبل وزارة الداخلية عشية افتتاح دورته السنوية الرابعة، بعد النجاحات المتواضعة التي حققها».وقال ممدوح سالم منظم مهرجان جدة السينمائي «كان الأمر أشبه بصدمة عندما منعوا استمرار المهرجان بعد ستة أشهر من العمل ودعوة المشاركين».ولم تسمح الظروف الاجتماعية في السعودية للمطيري وزملائه بالاطلاع على المهرجانات السينمائية العالمية أو المشاركة بأفلامهم، سوى مرة واحدة عندما سافر إلى نيوزيلندا لمتابعة مهرجان سينمائي.وشكل المطيري مع مجموعة من هواة السينما مجموعة «تلاشي» لدعم مشاريع إنتاج الأفلام السينمائية حيث تشغل المجموعة شقة صغيرة للتحاور وتبادل الأفكار بين أعضائها.وأُنتجت مجموعة من الأفلام القصيرة التي تتراوح بين ثلاث دقائق إلى 30 دقيقة، رُكز فيها على موضوعات حساسة في المجتمع السعودي مثل التمييز ضد المرأة والاعتداء الجنسي على الأطفال، وعدم الاختيار الإرادي للشريك عند الزواج. ويرى خليف محمد أحد أعضاء جماعة «تلاشي» أن الحياة في السعودية أشبه بنكتة، فالإنسان لا يستطيع أن يتسوق خلال أوقات رفع آذان الصلاة.وحتى أفراد أسرة المخرج عبدالمحسن المطيري لا تشجعه، بل وتسخر منه أحيانا وتطالبه بالبحث عن عمل حقيقي!.وقالت مريام موصلي وهي منتجة وكاتبة من مدينة جدة «إن الانترنت فتح نافذة مضيئة لإيصال الفيلم السعودي إلى الجمهور في أنحاء العالم والمشاركة في مهرجانات سينمائية كما هو الحال في مهرجاني أبوظبي ودبي في دولة الإمارات المجاورة للسعودية».وأكدت موصلي أن الإمارات أضحت منصة لعرض النتاج السعودي المتواضع من الأفلام.وكتبت «علينا أن نذهب إلى أبوظبي أو دبي كي يتم الاعتراف بنا بدلا من أن يحدث ذلك في بلادنا».وقالت «ربما حصول المخرجين السعوديين على جوائز من مهرجانات عربية يدفع المسؤولين إلى إعادة التفكير بهم ومنحهم الفرصة لممارسة حرية العمل السينمائي».وثمة بارقة أمل ضعيفة بزغت مؤخرا بإعلان وزير الإعلام السعودي عبد العزيز خوجة رغبة التلفزيون الحكومي في شراء وبث أفلام قصيرة لمخرجين سعوديين. ولم تستطع صحيفة «ذي ناشونال» الحصول على تأكيد من الوزير الخوجة على هذا الأمر، إلا أن بعض صناع الفيلم السعودي مثل فهد الاسطة يشكك في هذا الأمل بقوله «لقد تعودنا على الوعود فقط..».وقال ممدوح سالم منظم مهرجان جدة السينمائي انه سبق أن حاول الاتفاق مع قناة تلفزيون (روتانا) في بث الأفلام السعودية التي عرضت في المهرجان إلا انه فشل.وتعود ملكية شركة «روتانا» إلى الأمير الوليد بن طلال ابن شقيق العاهل السعودي، وهو واحد من أغنى رجال العالم. سبق وان انتقد المتشددين في بلاده، وتوقع أن يتم افتتاح صالات لعرض الأفلام في السعودية.