صباح الخير
تغلغلت المعلبات في حياتنا حتى حسبناها قديمة قد ابتكرت منذ قرون عديدة، وهي في الواقع حديثة جداً ، ابتكرها الانكليزي بيترد يوراند سنة 1810م. ولاشك أن تعبئة الأطعمة في علب تحفظها وتضمن وصولها إلى أسواق قريبة وأخرى بعيدة قد أحدثت ما يشبه الثورة في حياة الناس فلولا التعليب لتعذر - مثلا - صنع معجون الطماطم ، ولتلفت ملايين الأطنان من ثمر هذا النبات سريع التلف، ولولا التعليب لما استطعنا تصدير السردين إلى الخارج، ولولا التعليب - أيضاً لتعذر حصول كثير من الناس على ما هم بحاجة إليه من أطعمة مغذية. لقد أصبح توافر المعلبات شرطاً أساسياً للجيوش المتحاربة ، تماماً كالأسلحة والذخيرة، وحسبك أن صناعة التعليب قد تعاظمت في السنوات الأخيرة، حتى بلغ مجموع الأصناف المعلبة يزيد عن مليوني صنف، وبلغ مجموع علب الألمنيوم، والمعلبات البلاستيكية وغيرها ما يفوق عشرات الملايين. ودارت الأيام فإذا بالمعلبات التي كانت باعثاً على الإعجاب في وقت مضى، تصبح باعثاً على الاستياء، فقد ثبت أنها أي العلب الفارغة مصدر كبير من مصادر تلوث البيئة، لأن الناس يحرصون على التخلص منها كالقمامة. ولكن ظهرت اليوم عندنا صناعة أو تجارة جديدة على غرار ما يحدث في الغرب، هي جمع العلب الفارغة، ولهذا نشاهد يومياً أناساً يجمعون العلب الفارغة من براميل القمامة الموجودة في الشوارع أو على الشواطئ أو في مكان آخر، إنهم يجمعون هذه العلب الفارغة ليبيعوها، ويجنوا الأرباح من بيعها، أنها مهنة جديدة للأطفال المنتمين إلى أسر فقيرة، إنهم جامعو العلب الفارغة، الذين لم يعودوا يجدون أي غضاضة في القيام بمثل هذا العمل الذي يضمن لهم ربحاً بسيطاً بتوفير لقمة عيش كريمة.ولا يخفى على أحد أن الذين يقبلون على شراء العلب الفارغة هم في الغالب من الشركات الصناعية التي تملك صناعات تحويلية بصفة خاصة. خلاصة القول، إذا كان جامعو العلب الفارغة قد اضطرتهم الضرورة لهذه المهنة، وأصبح الربح هو الباعث الرئيسي على جمع هذه العلب، فقد قاموا بأداء مهمة أخرى في الوقت نفسه وهي مكافحة التلوث وحماية البيئة.