المسجد الحرام هو أول مساجد الإسلام وأعظمها ، وموقعه في قلب مدينة مكة المكرمة. وتتوسط المسجد الذي هو قبلة المسلمين في صلواتهم «الكعبة المشرفة». ويعد المسلمون في العالم قاطبة هذه البقعة أقدس بقاع الأرض وأشرفها وأعظمها. وفي مبنى الكعبة جاء قوله تبارك وتعالى «إن أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ». (آل عمران 96). ومن ناحية ثانية ، المسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تشد إليها رحال المؤمنين ، أما المسجدان الآخران فهما المسجد النبوي في الحرم النبوي بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى في الحرم القدسي بالقدس الشريف. إذ قال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): «لا تُشَدُّ الرِّحَال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى».ومعنى الكعبة البناء المكعب الشكل ، وهي حقاً بناء على شكل غرفة صغيرة محددة بالرخام ، شيدت بحجارة البازلت الأسود المجلوبة من الجبال المجاورة. وجاء في القرآن الكريم أن الكعبة بناها أبو الأنبياء النبي إبراهيم وابنه إسماعيل (عليهما السلام) استجابةً لأمر الله عز وجل. وبداخل الكعبة ، التي تكسى عادةً بكسوة حريرية سوداء اللون مزينة بزخارف ذهبية ، أرضية رخامية ، أما الجدران فمغطاة بالرخام إلى نصف الارتفاع ، وثمة ألواح مثبتة على الرخام تحمل كتابات قرآنية. أما الجزء الأعلى من الجدران فمكسو بقماش أخضر مزين بآيات قرآنية مكتوبة بماء الذهب ، وتتدلى مصابيح من خشبة معترضة ، وهناك أيضاً طاولة صغيرة للمداخن. وما عدا ذلك فالمبنى يعد فارغاً.ويقع «الحجر الأسود» في إحدى زوايا الكعبة مؤطراً ببرواز فضي. ولون الحجر أشد سوادا من بقية حجارة الكعبة ، ويختلف عنها من حيث مادته أو خلائطه. وأهم الوظائف الرمزية للحجر أنه علامة بداية الطواف حول الكعبة. وللعلم ، ليس من الضروري لمس الحجر أو تقبيله لإتمام فروض الحج أو العمرة ، مع أن بعض الأحاديث تثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعل ذلك ، ولذا يرغب كثيرون من الحجاج السير على نهجه في ذلك. أما عن حدود «الحرم المكي» ككل ، فيبلغ نصف قطر دائرة «الحرم المكي» 87552 كلم من كل جهة من جهات مكة المكرمة ، أما نقطة مركز الدائرة فموقع «الكعبة المشرفة». وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخين اختلفوا في تحديد المسافات التي تفصل بين الكعبة والحدود المحيطة للحرم من كل الجهات.كانت الكعبة في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) قائمة في منطقة رحبة مفتوحة ، قبل أن يبنى حولها سور في العام 65 للهجرة (685 م). ومما يذكر أنه بعد فتح مكة يوم 20 رمضان للسنة الثامنة من الهجرة أزال النبي (صلى الله عليه وسلم) ما كان على الكعبة من أصنام ، وكان يكسوها ويطيـبـها ، لكنه لم يجر أي تعديل على عمارتها وعلى ما حولها ، كما لم يرجعها إلى سابق عهدها في أيام سيدنا إبراهيم (عليه السلام). وبقي المسجد الحرام على حاله طوال خلافة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) ، ولكن في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) (13 ـ 23 هـ/ 634 ـ 643م) شعر الفاروق بحاجة المسلمين إلى توسعة المسجد نتيجة التزايد الكبير لعدد الحجاج إليه فاشترى البيوت المجاورة له ، ووسّع بها ساحة المطاف وجعل لها أبوابا يدخل الحجّاج والمعتمرون منها للطّواف حول الكعبة المشرفة. وكان عمر (رضي الله عنه) أول من أخر مقام إبراهيم عن جدار الكعبة ، إذ كان من قبل ملتصقاً فيها ، وذلك تسهيلا للطواف وحمايةً للمقام. ثم في عهد عثمان بن عفان (رضي الله عنه) وبالذات في عام 26 هـ ، أمر عثمان بتوسعة المسجد مجدداً.وللمسجد أروقة وكان أول من بنى للمسجد أروقة. واستمرت أعمال التوسعة ، في فترات مختلفة في التاريخ الإسلامي ، بيد أن الحجم الأكبر من أعمال التوسعة والإصلاح والتجهيز حدث في العهد السعودي المعاصر ، وهي مستمرة حتى اليوم. وكان من أهم المنجزات إزالة جميع المباني المجاورة للمسعى ، وإعادة تشييده على طابقين ، كما أزيل المبنى الذي في الجانب الجنوبي ، وذلك في فترة حكم الملك سعود بن عبد العزيز في عام 1375هـ (1956م) ، والعمل في عهد الملك فيصل على الإبقاء على البناء العثماني القديم ، مع عمل تصاميم العمارة الجديدة بأفضل أساليب الدمج التي تحقق الانسجام بين القديم والجديد.
|
رمضانيات
المسجد الحرام بين القديم والجديد
أخبار متعلقة