المخرجة السينمائية اليمنية خديجة السلامي نموذج آخر من إبداع وتألق المرأة اليمنية:
محمد الخامري يحاور خديجة السلامي
حوار/ مصطفى الحسامصاحبة هدوء متمرد يطوع صلابة القيود المحيطة ويصهر التحديات التي تثبط الطموح وتضع العراقيل في دروب النجاح. تصرخ بصوت هادى ولكن تسمعه الجميع. خرجت إلى عالم من الإبداع والاحتراف الفني حتى وصلت إلى العالمية وحفرت اسمها في السينما العالمية ونقشته ببروز في المهرجانات العالمية.. خديجة السلامي التي اتخذت من المعوقات أدوات وأسباب وضرورة للنجاح والطموح والتطلع نحو الأفضل بفلسفة عنفوانية جريئة ورؤية فنية تشخص قضايا الواقع تلامس الأسباب، طرقت الفضاء الرحب لفن الإخراج السينمائي لتكن نموذجاً آخر من الإبداع والتألق للمرأة اليمنية وحصدت الكثير من الجوائز في مهرجانات السينما العالمية.. لكنها لا تعترف إلا بجائزة واحدة وهي تفاعل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مع فيلمها "أمينة" وينقذها من حبل المشنقة وتبنيه لتعليم فتاة فيلمها "الغريبة في مدينتها".. إنها فعلا إحدى الرموز الفنية القليلة التي قلما تستطيع أن تحدث تغييرا في المجتمع.. ولكن هذا يجعلنا نتساءل أين أفلامها على الساحة الفنية اليمنية ولماذا لم تجرب عرضها في اليمن؟ وهو السؤال الذي كان مدخلا لحوار شيق وجميل أجرته "26سبتمبر" مع خديجة ألسلامي فقالت : ** صحيح إن أفلامي تعرض في الخارج وليس في اليمن.. وأحب أن اعرض أفلامي في اليمن.. ولكن هناك سؤال هل يتقبل البعض هذه النوعية من الأفلام.. هذه هي المشكلة بالنسبة لي والآن أنا أنهيت العمل في فيلم "أمينة" الذي يتحدث عن امة العليم السوسوة بمقارنة مع " أمينة" وهي امرأة يمنية تعيش خلف قضبان السجن بسبب اتهامها بقتل زوجها وهي في سن الطفولة وحكم عليها بالإعدام .. وقررت انه وقبل عرض أفلامي في الخارج إن تعرض في الداخل لاستخدامها في التوعية والذي شجعني على هذا انه وخلال زيارة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الأخيرة لباريس شاهد فيلمي "الغريبة في مدينتها" ووجدت ردة فعل ايجابية كبيرة من فخامته.. وكان لتقبل فخامة الرئيس الفيلم وارتياحه لهذه النوعية من الأفلام وقراره بتبني الفتاة التي دار حولها الفيلم.. دافع كبير لي فقررت أن تعرض أفلامي هنا في اليمن وقررت عرض فلمي (أمينة سجينة) في المركز الثقافي بصنعاء أول مرة ليشاهده أبناء بلدي.. ولكن شخصاً من الرقابة لم يعجبه الفيلم فقرر عدم عرضه وكان هذا القرار مفاجئاً لي واضطرنا ذلك الشخص لان نعتذر للناس بعد توزيع الدعوات وتحديد موعد العرض . * ما هي الأسباب التي استند إليها في منع عرض الفيلم ؟ ** للأسف هذه الشخص حكم على الفيلم وحكم عليكم جميعا إن لا تشاهدونه وناب عنكم بمشاهدته حيث - سمح لنفسه- بنسخ الفيلم له وحرّم هذا الحق على الآخرين وقام هو برد الفعل بدلاً من أن يترك الناس يشاهدون الفيلم ويحكم كل واحد بطريقته على الفيلم . وهذا الشخص يقول إنه يحب البلد أكثر منّا فشكراً له على الحفاظ على البلد.. وهذا هو الرد على سؤالك لماذا لم اعرض أفلامي في اليمن.. فمثل هذا الشخص خيب املي.. وقد حرصت كثيراً على أن تكون افلامي الوثائقية هادفة الى أبعد الحدود خدمة للمجتمع اليمني وبهدف التغيير الى الأفضل من خلال نقد السلوك غير الجيد و اظهار العادات والتقاليد الجميلة التي تعكس صورة رائعة عن المجتمع اليمني.. وليس عيباً ان نقول ان لدينا سلبيات ونعترف بها فكل المجتمعات لديها مشاكلها وانما العيب السكوت على تلك السلبيات ومحاولة اخفائها فذلك هو العيب.. * مثل هذه التصرفات الفردية.. ما انعكاساتها على أصحاب الأعمال الفنية والإبداعية؟ ** مثل هذه التصرفات تحطم المواهب وتحد من التغير في البلد بل وتمنع أشياء كثيرة من التقدم وتعرقل التوعية تجاه القضايا الاجتماعية والهموم اليومية للمواطن اليمني .. والفيلم يستخدم لتوعية الآخرين ولفهم قضايا سواء ايجابية أو سلبية والبحث عن حلول لها لأنه من واجبنا نحن كيمنيين ان نحاول تصحيح وضعنا ونطور منه واعتقد انه من واجبي وواجب كل واحد في هذا المجال ان يتطرق الى القضايا التي تعيق مسيرة التنمية والبناء لليمن .[c1]حكاية أمينة والسوسوة [/c]* حدثينا أكثر حول فيلمك الأخير أمينة سجينة ؟ ** الفيلم يحكي عن امراتين يمنيتين الأولى هي امة العليم السوسوة كنموذج للمرأة اليمنية التي حصلت على الدعم من اسرتها للتعليم فأصبحت امرأة غير عادية ووصلت إلى مراكز ومناصب عالمية والمرأة الأخرى هي أمينة كنموذج للمرأة التي تتزوج في سن مبكرة وهي قصة واقعية حيث حرمت من التعليم وتسببت المشاكل الأسرية لها بقتل زوجها وهي لازالت في سن الطفولة و كان مصيرها السجن وتتكلم أمينة بكل صراحة عن حياتها- وهذا اعتقد ما أزعجهم في منع عرض الفيلم فإذا دخلت البنت السجن معناها يحكم عليها بالإعدام مقدما ويحكمون عليها انها سيئة مقدماً حتى انه ما يحب سماع كلامها لان حكم المجتمع على هذه البنت انها دخلت السجن آذاً هي مذنبة. بدلا أن ينظر إلى أوضاعها كفتاة حرمت من التعليم وتزوجت في سن مبكرة ولا يتاح لها الفرصة للتعليم في بداية حياتها فهي الضحية بالنسبة لي وكذلك مظلومة.. وأتمنى من كل من يقول انه يخلص لهذا الوطن ان يقتدي بفخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح الذي شاهد الفيلم وطلب باجراء فحص طبي على أمينة التي دار حولها الفيلم وبالفعل وجدوا ان سنها وقت حادثة القتل كان تحت السن القانونية 18 عاما ولا يجوز ان تعدم في القانون اليمني مادامت تحت السن القانونية مش هذا وبس بنتها صدمتها سيارة وفي حكم الشرع والقانون اليمني كما ان الام تورث الدم بامكانها ان تعفى او تطالب بهذا الحق وقد حرمت من هذا الحق. وكل ما اردت ان اقوله في هذا الفيلم هو ان في مجتمعنا اليمني بامكان المرأة ان تصل إلى مستويات كبيرة اذا كان هناك من يشجعها وتمتلك الاصرارو المقدرة على التغيير . [c1]مشوار الإبداع المتألق[/c]* حبذا لو تعطينا لمحة عن مشوارك الإعلامي والسينمائي؟ ** انا بدأت في سن مبكرة في العمل الإعلامي من خلال التلفزيون إلى إن انتهيت من المرحلة الثانوية ثم سافرت إلى امريكا للدارسة الجامعية وتحضير رسالة الماجستير بعد ذلك عدت الى اليمن لأعمل في التلفزيون في مجال الإخراج ثم ذهبت إلى فرنسا للعمل في السلك الدبلوماسي ومن خلال عملي في السفارة استطعت ان انظم عدداً من المعارض عن اليمن والتي ركزت على الثقافة اليمنية لان المجتمع الفرنسي يعشق الثقافة وكان هناك معارض عن اليمن في مجال الحرف اليدوية ومعارض فوتوغرافية وتشكيلية وكذا الأزياء الشعبية بالإضافة إلى إلقاء محاضرات عن اليمن والحضارة اليمنية والاكتشافات الاثرية الجديدة وعرض الافلام السياحية والوثائقية المختلفة في باريس أو خارج باريس. كما بدأت أشجع التلفزيونات الفرنسية على المجيء إلى اليمن وهناك عدد كبير من المحطات بدأت تأتي الى اليمن خصوصا عندما يعلمون ان هناك حرية في التصوير وحرية صحافة وفي التعبير وهذا عامل شجع القنوات التلفزيونية والفرق الإعلامية.. وفي العام الماضي نظمنا زيارات لعشر فرق تلفزيونية فرنسية . اما عن الإخراج.. فالاخراج السينمائي تخصصي و كنت احب ان اواصل الدارسة في مجال الاخراج لكن لم يكن لدي الوقت الكافي لذلك فاشتريت لي كاميرا وبدأت اصور المواضيع التي تجذبني وبدأت أعمل الأفلام السياحية والوثائقية والتعريف بالمناطق المختلفة في اليمن . ثم وجدت نفسي مهتمة بقضايا المرأة لانني امرأة واعرف ما تعانيه المرأة.* كم رصيدك من الأعمال السينمائية؟ ** إلى الآن عملت (20) فيلما تنوعت في تناول الآثار والمناطق السياحية وعن المرأة وعن البناء المعماري . [c1]الاعلام والسينما [/c]* من هو الأقرب اليك الإعلام ام السينما؟ ** لا أرى فرقاً بين الإعلام والسينما انهما مترابطان مع بعضهما.* ما هي الأفلام القريبة إلى قلبك؟** فلم "الغريبة في مدينتها".. لأني كنت أحب أن أعمل هذا الفيلم لي أنا - فاكتشفت أنه ينال الكثير من الإعجاب والجوائز.. وأيضاً فيلم "النساء اليمنيات والديمقراطية" نفس الشيء فإن الدافع لعمله هو أني كنت هنا أثناء الانتخابات التشريعية فعلمت أن عدد النساء المرشحات للانتخابات تراجع عن مستوى الانتخابات التي سبقتها فازعجني هذا الخبر وأحببت أن أعرف أسباب ذلك التراجع .. وكان هذا الفيلم قريباً مني ويهمني.. كما أن هذا الفيلم الجديد "أمينة سجينة لأن أمينة تمثل شريحة واسعة من النساء اليمنيات اللواتي وقعن ضحية لظلم المجتمع لهن كما أن هذا الفيلم يبرز ظاهرة الزواج المبكر التي تعاني منه كثير من الفتيات.. وأشعر بالإذلال الذي يمكن أن تحس به الفتاة التي تتزوج مبكراً لأنني مررت بنفس التجربة وأعرف ما هو مدى القسوة التي يمكن أن تجربها الفتاة في طفولتها وما هو الشعور الذي ينتابها كما فعلت أمينة التي وجدت نفسها تقتل زوجها بسبب ذلك.وأحب من خلال هذه الأفلام الآ تتكرر مثل هذه التجارب السيئة وأعطي فرصة لمثل أمينة أن تسمع صوتها للآخرين ويعبرن عن أنفسهن لأن هناك الكثير من الأصوات التي لا تسمع فيمكن من خلال هذه الأفلام أن تسمع هذه الأصوات.[c1]الغريبة في مدينتها [/c]* هل رأيتِ في فتاة "الغريبة في مدينتها" كنموذج لخديجة السلامي؟ ** طبعا هي ذكرتني بنفسي عندما كنت في عمرها وقد كنت مارة بالصدفة بالشارع ولفتت انتباهي تلك الفتاة وكانت كاميرتي معي لحسن الحظ وبدأت اتتبعها بالصور وبدات اقارن بين ايامي وايامها. هل هناك تغير في نظرية المجتمع نحو المرأة وللاسف لم أجد أشياء كثيرة تغيرت - لكن الشئ الوحيد هو ان الناس بدأوا ينظرون إلى التعليم انه مهم للمرأة واصبحت المرأة تعمل في مجالات كثيرة ولم يعد عيبا مثلما كان في أيامي - لكن مازالت النظرة للبنت انها انثى وليست انسانة.. وهذا ما يزعجني فما زالت هناك قيود تمنعها من ان تكون انسانة حرة وتمارس حياتها، فكبت المجتمع يجعلها منافقة، وهذا عيب كبير في حق مجتمعنا بل يضرالمرأة نفسياً وصحياً ويضر الأسرة والمجتمع المحيط بها..[c1]سلاح العلم [/c]* كيف استطاعت خديجة السلامي كامرأة يمنية تحيط بها قيود اجتماعية ان تتجاوزها لتصل إلى العالمية ؟ ** بسبب وحيد وهو اني لا افكر بالعواقب التي يمكن ان تحدث لى واتبع كل مايقوله ضميري وقلبي وهذا ما جعلني اخرج عن القيود الاجتماعية من خلال إصداري ومتابعتي دراستي وتحصيلي العلمي, لانني وجدت ان العلم هو الوحيد الذي يمكن ان يخلصني من كل هذه الاشياء [c1]افلام درامية ورومانسية [/c]* هل تفكرين في اخراج افلام سينمائية درامية ورومانسية وغيرها من الافلام؟** نعم أفكر من زمان بعمل هذه النوعية من الأفلام السينمائية ولكن بسبب عدم وجود التمويل الكافي.. ويمكن في يوم من الأيام عندما اترك العمل الدبلوماسي في السفارة ان اتجه للعمل السينمائي في الأفلام الدرامية والرومانسية والاكشن والكثير من نوعية الافلام السينمائية . [c1]أفضل الجوائز [/c]* أهم الجوائز التي حصلت عليها في مشوارك الفني؟ ** لا تهمني الجوائز التي تقدم لي في المهرجانات.. وإنما أعتبر أفضل جوائز تفاعل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية مع فيلم "الغريبة في مدينتها" وقراره بتبني تعليم الفتاة التي دار حولها الفيلم وكذلك تجاوبه مع ما طرح في فيلم "أمينة سجينة" - التي اتهمت بارتكاب جريمة قتل وأوقف حكم إعدامها بعد ما تأكدوا أنها ارتكبت القتل وهي في سن صغير فأعتبر أن إنقاذ أمنية من حبل المشنقة كان أفضل جوائزي على الإطلاق.ـــــــــــــــــــ نقلاً عن 26 سبتمبر نت