أمر مريب أن يتم خلال أربع وعشرين ساعة اختطاف ثلاث سفن قبالة السواحل الصومالية، في عملية قرصنة هي الأغرب في العالم، قام بها قراصنة بوسائل تكاد تكون بدائية في عالم متطور يمتلك كل التقنيات اللازمة، إذ خلال فترة زمنية قصيرة جداً استطاع قراصنة صوماليون إخضاع سفينة إيرانية وأخرى يابانية وسفينة شحن ثالثة تحمل العلم الألماني للسيطرة والنهب والابتزاز.والحقيقة أن خط الملاحة الدولي في منطقة جنوب البحر الأحمر، وخليج عدن والبحر العربي تعرض مؤخراً وخلال عام واحد لأعمال قرصنة متكررة تجاوزت اختطاف أربعة وثلاثين ما بين سفينة ويخت وناقلة. وقد ساعد على هذه القرصنة البحرية أمام السواحل الصومالية غياب حكومة مركزية قوية في الصومال نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية منذ حرب عام 1991م الأهلية هناك، وكذا عدم وجود قرارات دولية تسمح بدخول سفن حربية تابعة لدول غربية للمياه الإقليمية لمطاردة واعتقال القراصنة، ناهيك عن أن سواحل الصومال تمتد لنحو 1880 ميلاً وهو الساحل الأطول في أفريقيا ويقع بالقرب من طرق الشحن الرئيسية التي تربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي.ويعتبر خليج عدن ممراً بحرياً رئيساً يربط قارتي آسيا وأوروبا وقد شهد هذا الممر مع منطقة القرن الأفريقي توتراً شديداً جراء الاختطافات المتكررة لقراصنة البحر الصوماليين لسفن الشحن واليخوت المارة في المياه الدولية أو الإقليمية.ولا شك أن تزايد أعمال القرصنة البحرية عموماً يؤثر سلباً في حركة التجارة البحرية الدولية والاقتصاد العالمي، إذ سيضطر أصحاب شركات الشحن البحري إلى رفع كلفة رسوم التأمين على سفنها وسيترتب على ذلك زيادة قيمة السلع التجارية عالمياً، فوق ما هي فيه من غلاء.وقد أثارت هذه التطورات في القرصنة البحرية ولا سيما المتاخمة على مياهنا الإقليمية قلق الحكومة اليمنية، ومما زاد هذا التوتر اختطاف السفينة التايلندية مؤخراً في مياه خليج عدن، ولم تتمكن الحكومة اليمنية من إغاثتها ونشلها من براثن القراصنة ومد يد العون لأسباب كثيرة منها بلا ريب محدودية الإمكانات وامتداد سواحلنا لأكثر من ألفين كيلومتر.وتنسق الحكومة اليمنية مع القوات الدولية المرابطة في المحيط الهندي للحفاظ على الملاحة البحرية الدولية في خليج عدن، كما قام مجلس الوزراء مؤخراً البت في إنشاء ثلاثة مراكز إقليمية لمكافحة القرصنة في كل من عدن والحديدة والمكلا بهدف تعزيز التعاون الدولي في المنطقة.الجدير بالإشارة إلى أن القرصنة البحرية ظاهرة موجودة منذ أمد بعيد وتستفحل مع ضعف الرقابة وقلة الإمكانيات الخاصة بالمعالجة، لهذا لجأت حكومتنا الرشيدة إلى زيادة كفاءة أطقمها الملاحية وكثفت من الإجراءات والتحالفات الدولية الكفيلة بتحقيق قدر كاف من الأمان والحد من انتشار القراصنة في المياه الإقليمية والدولية لخليج عدن في القريب العاجل.
|
اتجاهات
تحالفات ضد القرصنة
أخبار متعلقة