نجوى عبدالقادر[c1] الحج : [/c] ما من عبادة شرعت في الإسلام ، وما من طاعة دعا إليها القرآن ، إلا كان لها ابلغ الأثر في تطهير النفوس ، وتهذيب الأخلاق ودعوة الناس إلى السعادة الدائمة والعزة الكريمة . دعا الإسلام إلى الصلاة وجعل تواجها في جماعة أفضل من توابها على انفراد ، ليكون اجتماع المسلم بأخيه ، ووقوفه بين يدي الله إلى جانبه ، داعياً إلى التآلف والتآزر ، موحياً بالتعاون والتناصر ، باعثاً على المحبة وصدق المودة ، قاضياً على مافي النفوس من حقد أو ضغينة أو نفره . كذلك أمر الله باجتماع أكبر يعقد كل أسبوع يتذاكر فيه المسلمون في كل بلد عيوبهم ، ومحاسنهم ، ويعالجون عللهم وأمراضهم . نلتمس هذه المعاني الكريمة بما فيها من سمو وجمال وجلال وقداسة , في الجمعة والعيدين ، وتقوى هذه المعاني وتعظم العبرة فيها ، وتشرق المنافع منها في الاجتماع الأعظم ، والموقف الأكبر عند بيت الله ، الذي جعله .. مثابة للناس وأمنا وألف حوله القلوب ، وجمع إليه النفوس ، وحبب فيه أفئدة الناس ، وجعلهم ينسلون إليه من كل صوب ، ويفدون نحوه من كل فج عميق ، ليشهدوا منافع لهم ، ويذكروا الله في أيام معلومات . الحج مؤتمر إسلامي لم يدع إليه صاحب هوى ، أوذو غرض من الناس ، يلتمس من ورائه جاها ، أو يبتغي شهرة ، إنما دعا إليه رب العالمين – وهو الغني عنهم – ليتعرف المسلمون على ماضيهم وحاضرهم ، ويستعرضوا حالهم ، وما تتطلبه من إصلاح ، وتستدعيه من نهوض . إن الحج واجب على القادر الذي ليس في ماله شائبة من حرام ، فمن قدر عليه تم نام عنه فإيمانه ناقص ، وعمله ابتر ، وإذا مات لقي الله وهو عليه غضبان ، قال رسول الله : ( من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانيا ) . وكان عمر بن الخطاب يقول : ( لقد هممت أن أكتب في الأمصار بفرض الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبيلا ) .. هذا مع أن الجزية لا تفرض إلا على ممتنع عن الدخول في الإسلام . وكان بعض التابعين يقول : لو علمنا رجلاً غنياً ، وجب عليه الحج ثم مات ولم يحج ما صلينا عليه ! يتسيراً على الناس ورفقاً بهم لم يكلفهم ربهم بالحج إلا مرة واحدة في الحياة مع القدرة والاستطاعة ، خطب رسول الله فقال : ( أيها الناس : قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يارسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال الرسول : لوقلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني وما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه .[c1] بمناسبة العام الجديد [/c] يقول مارون عبود : كل عام وأنتم بخير وبعد ، فقد تعودنا أن نودع كل رائح ، ونستقبل كل آت حتى من الأعوام ، ولكتابنا وشعرائنا بدائع وطرائف في هذا الموضوع ، فالفائت ، وخصوصاً من السنين ، حبيب قلب ابن أدم ، انه يرى الخير كله في القديم على اطلاقة ، وان لم يكن شيئاً مذكوراً ، على ألسنتنا يدور الترحم على مافات ، وفي أعيننا تحلو الذكريات ، وما نحن في شيخوختنا إلا على قوة فارقتنا في منتصف طريق العمر ، وآمال أضعناها على درب الأبد ، فكأنما استقبالنا لعامنا الجديد بهذه اللهفة دليل على أننا ماكنا نصدق أننا نبلغ هذه المحطة . لن أنشر شراع الخيال ولن اقرع طبول الفصاحة في موكب استقبال العام الجديد فلا تهليل ولا ترحيب ، ولا تمنيات ولا آمال ، إن عجلة الزمن لاتنتظر زجري لتسير ، ولا إيماءتي لتقف ، ان تهليلي لها لايقدم ولا يؤخر ، فما فات فات ، وماهو آت آت ، كما قال ابن ساعده . أن تمنياتي لا توازي ثقل حبة خردل في ميزان القدر فلماذا أتعب نفسي بتعابير فارغة لاتنفعني ولا تنفعكم إن عبارة كل عام وأنتم بخير ، على صغرها وبساطتها ، لهي أحب وأغنى دعاء في هذا المقام ، على شرط أن يكون للبؤساء والمساكين شيء من الخير الذي نتمناه لكم ياسادة .[c1] أطول شرح .. لأقصر كتاب[/c] كتاب ( صبح الأعشى ) من اجمع كتب الأدب العربي وأمتعها ، وهو يقع في أربعة عشر جزءاً ، وصفحاته نحو ستة ألاف . هذا الكتاب كله ليس إلا شرحاً لتسع صفحات ! والحاسبون إذا وزعوا صفحات الشرح على صفحات الأصل أنالوا كل صفحة من الأصل سبعمائة صفحة من الشرح .. وذلك أن مؤلف ( صبح الأعشى) كتب ( مقامة بناها على التعريف بكتابة الإنشاء ، والإشادة بعلو قدرها وهو يعني بكتابة الإنشاء وصف الأحوال والوقائع ، والإبانة عن مقاصد الدولة ، وتدوين الرسائل والمنشورات ، ونحو ذلك مما يتولاه كاتب الإنشاء بالنيابة عن ولاة الأمور من القواد والحكام . وقد سمي الكاتب مقامته تلك ( الكواكب الدرية ) ، ثم رأى أن معلوماتها مركزة ، وإشاراتها غامضة ، وعباراتها تحتاج إلى بيان ، فألف كتابه ( صبح الأعشى ) وجعله تفصيلاً لما أجمل ، وكشفاً عما أشكل .. ومؤلف هذا الكتاب هو ( القلقشندي ) مصري من ( القليوبية ) كان يعيش منذ أكثر من تسعمائة سنة .[c1] دعاء إعرابي [/c] الا صمعي أنه قال : سمعت إعرابياً بعرفات عشية عرفة يقول : اللهم إن هذه عشية من عشايا محبتك .. واحد أيام زلفتك ، يأمل فيها من لجأ إليك من خلقك ، أن لا يشرك بك شيئاً بكل لسان فيها يدعى ، لكل خير فيها يرجى ، أتتك العصاة من البلد السحيق ، ودعتك العتاة من شعب المضيق ، رجاء من لا خلف له من وعدك ، ولا انقطاع له من جزيل عطائك . أبدت لك وجوهها المصونة .. صابرة على وهج السمائم ، وبرد الليالي ، ترجو بذلك رضوانك ياغفار .. يامستزاداً من نعمه ، ومستعاذاً من نقمه ، ارحم صوت حزين دعاك بزفير شهيق .. ثم بسط كلتا يديه إلى السماء وقال : اللهم إن كنت بسطت يدي اليك راغبا ، فطالما كفيتنيه ساهيا بنعمتك التي تظاهرت علي عند الغفلة ، فلا ايأس منها عند التوبة ، ولا تقطع رجائي منك لما قدمت من اقتراف .[c1] مسائل عويصة [/c] نهى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات .. قال الاوزاعي : يعني صعاب المسائل . وكان ابن سيرين اذا سئل عن مسألة فيها اغلوطة قال للسائل : ( امسكها حتى نسأل عنها أخاك إبليس !) . وسأل رجل عمرو بن قيس عن الحصاة يجدها الإنسان في ثوبه او في خفه او في جبهته من حص المسجد ، فقال : (إرم بها ) قال الرجل : ( زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد ) فقال : ( دعها تصيح حتى ينشق حلقها ) .. قال الرجل):( سبحان الله ! أولها حلق ؟!) قال : (فمن اين تصيح ؟! ) . وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) كيف هذا الاستواء ، قال : ( الاستواء معقول والكيف مجهول ، ولا اظنك الا رجل سوء .. ) وجاء في كتاب التاج الجامع للأصول ( جزء 3) ص 372 أن رجلاً سأل عبدالله بن عمر عن المجرم يقتل الذباب فقال ابن عمر : أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلط إبن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال النبي : هما ريحانتاي من الدنيا .[c1] معاناة المتنبي في ليلة عيد الأضحى [/c] لما ضاق صدر الشاعر الكبير أحمد بن الحسين المتنبي بكل أنواع الهموم التي لقيها بمصر ، ولم يطق الصبر فوق ما تحمله لمدة تزيد على اربع سنوات ، ولم يعد له ما يتعزى به بعد وفاة صديقه ( أبي شجاع فاتك ) . لبث المتنبي شهرين كاملين يدبر لرحيله وكأنها أعواماً .. ( وقد أعد كل ما يحتاج إليه على مر الأيام في لطف ورفق حتى لا يعلم به أحد من غلمانه ، وهو يظهر الرغبة في الانتقام ، وطال عليهم التحفظ فخرج ودفن الرماح في الرمل ، وحمل الماء على الإبل في الليل من النيل لعشر ليال وتزود لعشرين ) . وفي ليلة عيد الأضحى قال قصيدته الحزينة الثائرة : عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيه تجديد وكان أبو الطيب قد انتهز غفلة كافور وانشغاله بالعيد وبما يصحب العيد من سنن ، وهم بأخذ طريقه التي بيت سلوكها ولم يسلك أبو الطيب من مصر إلى الكوفة الطريق المعهودة ، فقد سار على الحلل والأحياء والمفاوز المجاهل والمناهل الأواجن ) عدد الشاعر في هذه الرحلة المواضع التي مربها في مسيرته التي استغرقت ثلاثة أشهر ( من مصر إلى الكوفة ) فخر خلالها وهجا كافوراً ومدح غيره وتعرض للقتل والسرقة ولكنه عاد إلى الكوفة مسقط رأسه بعد غيبة طويلة عدتها ثلاثون سنة . وماذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا بها نبطي من أهل السواد يدرس أنساب أهل الفلا ومن جهلت نفسه قدره رأى غيره منه مالا يرى .
|
ثقافة
قصصات أدبية
أخبار متعلقة