رئيس نيابة استئناف محافظة شبوة لــ ( 14 أكتوبر ):
لقاء/عيدروس أحمد الخليفييعد ((القضاء العرفي)) أحد أهم العوامل الأساسية المخففة بدرجة كبيرة عن كامل القضاء الرسمي في بلادنا وبعض من دول العالم الأخرى؛ ويظل القضاء العرفي وما يسمى بـ ((الحكم العرف)) من الأحكام المعترف بها في معالجة كثير من الإشكالات والنزاعات التي تنشأ بين أشخاص أو جماعات وقد يتطور الأمر في بعض الأحيان إلى معالجة قضايا مصيرية عالقة بين قبائل أو مناطق متجاورة أو متباعدة يتولى القيام بالتحكيم الشخص الكبير في السن أو صاحب السمعة أو شيخ القبيلة كما هو شائع بين معظم القبائل المنتشرة في عموم محافظات الجمهورية محافظة شبوة من أكثر محافظات البلاد التي ينتشر فيها القضاء العرفي ((أحكام العرف)) بشكل ملفت للنظر ما حال دون لجوء الأطراف المتخاصمة إلى قرع الأبواب الرسمية كالمحاكم أو النيابات التي أضحت منتشرة في عدد من المناطق دون الاكتراث بما قد يترتب على بعض من تلك الأحكام من آثار سلبية تطرأ ومستقبلاً لاسمح الله ؛و14 أكتوبر ؛بحثت هذه القضية ((أسبابها _أثارها_ نتائجها_مع فضيلة القاضي /عبد الله محمد البكاري.رئيس نيابة استئناف محافظة شبوة والذي بدأ حديثة قائلاً:الواقع أن القضاء العرفي هو قضاء معترف به عالميا وإن كانت تختلف الحالات في القضايا التي ينظر فيها من بلد إلى آخر من العالم إلا أنه في كل الأحوال يندرج في مسمى القضاء العرفي وهو قضاء مساعد للقضاء الرسمي باعتباره يتولى قضايا إجازة القوانين التي يفصل فيها المحكمون المختارون بحكم ((صك)) عرفي وفق ضوابط تتفق مع تلك القوانين وأحكام تصدر أيضاً موافقة للقانون من شأنها الإسهام بالأحكام العرفية الصحيحة الموافقة لتطبيق القانون ؛والتخفيف على القضاء الرسمي من الكم الهائل من الدعاوى التي ترد إليه والقضايا التي ينظرها .[c1]* ما هي الأسباب التي تقود المتخاصمين في قضايا كثيرة كـ((القتل)) مثلاً إلى طرف باب ((العرف))دون اللجوء إلى القضاء الرسمي ؟[/c]الملاحظ .. وأنقل ذلك من الواقع العملي أن أي خصومة تنشأ بين الأفراد أو الجماعات يفضلون اللجوء إلى الجهات القانونية الممثلة بمديرياتهم كأقسام الشرطة أو النيابات فالمحاكم؛ إلا أنة في مجتمعاتنا الصغيرة ومنها القرية والحارة ومقر العمل يتداعون ((يتواصلون)) ولا أقصد ((الإدعاء)) أفراد هذا المحيط ومن قبيل رابطة الأخوة والشهادة والوازع الأخلاقي العظيم ويعملون على التواصل بأطراف الخصومة عند سماعهم نشوء الواقعة ((موضوع الخصومة)) وذلك للعمل على حلها ومعالجتها ؛وهناك خصومات تكون قد وصلت إلى الجهات القانونية ((أمن أو نيابة أو قضاء)) ويعملون على إيجاد صلح بين الأطراف وكما قلنا من قبيل الوازع الأخلاقي فإذا كانت الخصومة جنائية فإن الحق الشخصي أو الحق الخاص ينقضي ويبقى الحق العام للحكم فيه وفي ذلك تخفيف من جهد التقاضي وسرعة الفصل في القضية ؛ أما إذا كان موضوع الخصومة مدينة مثل الاختلاف على ملكية أرض أو شفعة أو نصيب مال عيني أو زواج أو حضانة .. الخ فإن الصلح أو الحكم العرفي ينتهي هذه الخصومة تماماً..وهناك من القضايا التي يهرب أحد أطرافها من اللجوء إلى القانون ويفضل وهوعن بعد هرباً من القبض عليه أن تحل القضية عرفيا وهو من يطلب ذلك ومن هذه القضايا قضايا الدم ((القتل)) التي يكون فيها ((عيب)) وفي هذه القضايا بالذات والتي تعتبر أكثر شيوعاً رغم ندرتها إلا أنها تكون ذائعة الصيت لخطورتها وهي أشد الجرائم وأكبرها؛ فنجد أن المحكمين لا يعملون على إنهائها والسبب لا يعود إلى المحكمين ولكن إلى احد الأطراف من المتخاصمين وخاصة الجانب الذي وقع عليه الأذى فهو يطلب ما تعارف عليه المجتمع من عقوبات مالية أو ما تسمى بــ((اللوم)) أو ((العيب)) أو ((الحشم)) ويعطي مقابل ذلك هدنة لمدة محددة بمجرد إتنهائنا يطلب الدم بقتل القاتل أو أحد أفراد قبيلته وهذا النمط لا يتفق مع الشرع والقانون وتنكره العقول السليمة ويحكم المحكمون بذلك وهي أحكام لا تخدم المجتمع في شيء بل زادت الحال سواءًً حيث تظل الفتنة نائمة لمدة محددة بانتهائها تستيقظ؛ويتعين على ذلك ؛أن يجمع أهل الحل والعقد من الحذاق ((كبار العشائر والقبائل)) والدولة ممثلة بقيادات المحافظات التنفيذية والأمنية والمجالس المحلية على إبطال هذه القاعدة قاعدة قبول اللوم أو الحشم وتقديم الهدنة وبقاء الدم فإنها قاعدة ذات أثر غير نافع بل ضارة ضرراً يلمسة الجميع؛ومن المتخاصمين من يحكم للعرف إما لسبب صغر المشكلة (موضوع الخصومة) أو طلباً بسرعة الفصل ومقابل دين عدم حصول باب الحق كاملاً لان الحكم العربي سيكون حكما توفيقيا؛وقبوله ذلك سيكون أيسر له من جهد ووقت ومال ستتطلبه الخصومة أمام القضاء الرسمي ؛فكما أوضحنا أن القضاء الرسمي ملاذ الجميع في تلقي الدعاوى والفصل فيها وهي كم كبير وهائل ورحيل المتقاضين وطلباتهم ودفوعاتهم سبب تأخر الفصل في القضايا التي ترد ؛ومما سبق يتبين أن الاحتكام للعرف نادر في أماكن ومرتفع في أماكن أخرى وسببه كما أوضحنا ذلك آنفاً إما لتدخل الآخرين بوازع أخلاقي أو بطلب طرف من أطراف النزاع هروباً من أن يناله العقاب القانوني أو طلباً لاختصار الوقت وتقليل الجهد والوقت والانصراف لتحقيق الآمآل والأعمال[c1]* لكن هل هناك من آثار مترتبة على المتخاصمين قبل أو بعد صدور الحكم العرفي ؟[/c] إذا كان دور القضاء العرفي هو التخفيف من على كاهل القضاء الرسمي من الدعاوى والقضايا إليه فإن أثر الأحكام العرفية الصادرة وفقاً للضوابط المطابقة للقانون إيجابي من حيث السرعة في الحسم في القضية وبما يسود بين الأطراف من تقارب وود وإخاء من حيث إنهائها للقضية وبلدنا من البلدان التي لها باع طويل في هذا النمط وأصدرت قانون ينظم إجراءات التحكيم التي يتولاها القضاء العرفي أو ما يسمى بــ((المحكمين)) وفي هذا السياق أدعوكل أبناء مجتمعنا إلى الحصول على هذا القانون الصادر برقم (22) لسنة 1992م وتعديلاته الذي سيكون لكل من قدر له أن يكون محكماً في قضية هادياً وميسراً له كيفية نظر القضية وصواب الفصل فيها؛أما ما يشار في أحيان كثيرة عن قضايا فصلت بحكم عرفي وكان أثرها غير ايجابي نتيجة عادة جديدة أو عرف ابتدع ويلاحظ شيوع هذه العادة غير الايجابية والمنافية للقواعد العرفية الأخلاقية التي كانت مضرب المثل في إخمار الفتن والعيش بسلام بين الأسر والعشائر والقبائل فما كان مخالفاً للشرع والقانون فهو باطل لهذه المخالفة ؛ويتعين لذلك القضاء على أي عادة أو عرف مخالف للشرع والقانون وما من شانه زيادة المشاكل والفتن والاقتتال ؛وهذا لن يأتي إلا بتضافر كافة الجهود الشعبية والرسمية وفي مقدمة الجميع المجالس المحلية المنتخبة وإني أوصي بكل إصرار على أن يقوم الجميع بهذا الجهد كما أن عليهم إرساء العادات والتقاليد والأعراف الصحيحة التي لا تشكل حملاً عل كاهل المتخاصمين وتعالج المشاكل والقضايا بما يتوافق مع الشرع والقانون ؛؛[c1]* هل لديكم من إحصائيات عن عدد الأحكام العرفية الصادرة خلال العام المنصرم في المحافظة ؟[/c]للأسف لا توجد أرقام إحصائيات عن عدد الأحكام العرفية الصادرة في المحافظة..[c1] (مقاطعة )ما السبب؟[/c] السبب عدم قيام المحكمين وأطراف الحكم بالايداع للأحكام الصادرة لدى المحاكم في المديريات والسبب في ذلك يعود لغياب الوعي القانوني لأن الايداع للأحكام العرفية الصادرة لدى المحاكم المختصة لكل مديرية يعد بمثابة التوثيق ومن خلال المحاكم فحصل على الأرقام إلأ أن ذلك لا يحدث وقلما نجد ذلك في عموم محافظات الجمهورية ذلك أن المحكمين بانتهائهم من إصدار الأحكام تتجه فوراً الأطراف للتنفيذ ونادراً ما يحصل عدم الاتفاق وهنا ووفقاً لقانون التحكيم يلجأ الطرف غير الموافق على الحكم إلى الطعن أمام محكمة الاستئناف ؛والبعض لا يقبع هذه الوسيلة بل يظل رافضاً للحكم فقط وتنشأ لهذا السبب تطور المشاكل ؛ويتعين أيضاً لهذا السبب توصيل قانون التحكيم مادة ونصاً إلى سماع الأفرار في المجتمع في صيغة لقاءات وندوات وفي المناسبات المعروفة في اليمن التي تجمع أبناء المنطقة الواحدة مثل صلاة الجمعة والأعراس والمجابرات الأخرى ..وبتوافر هذا الوعي والاتجاة بايداع الأحكام العرفية في المحاكم وفقاً لما أوجبه القانون سنحصل على الأرقام للأحكام العرفية الصادرة في المحافظة؛؛[c1]* لكن كيف يمكننا إقناع الأطراف المتنازعة سواء أكانوا أفراداً أو جماعات باللجوء إلى القضاء الرسمي لمعالجة مشاكلهم ؟ والا بتعاد عن المحكمين عرفياً؟؟..[/c]إذا تأملتم ما سبق قوله فإن الأصل أن الجميع يلجؤون إلى القضاء وبينا التي تتخذ لها سبلاً للاحتكام للعرف؛ وإذا كان هنالك من يشكون من القضاء الرسمي لسبب تأخير الفصل في قضاياهم فالسلطة القضائية ممثلة بمجلس القضاء الأعلى سعت وتسعى إلى الحد من السلبيات هذه وإيجاد المعالجات ؛وإذا كان هنالك من أخلاقيات لقضاة لاتتوافق مع قداسة وعظمة المكان الذي ينتسبون إليه ويؤدون مهامه برغم توفير متطلباتهم والتوجه الجاد إلى إصلاح القضاء فإن هذه سلوكيات يجب أن تنسب إلى ذات القاضي المخل وليس إلى القضاء ..وهناك التفتيش القضائي وهنالك الوزير والنائب العام وهنالك رئيس مجلس القضاء الأعلى وهناك رئيس الجمهورية وأبوابهم جميعهم مشرعة مفتوحة يمكن اللجوء بالشكوى اليهم والنظر في شكاويهم ؛وهذا مما يدعو إلى أن الأطراف المتنازعة يحتكمون إلى القضاء والإبتعاد عن الأحكام العرفية المخالفة للشرع والقانون أما ما كان موافقاً للشرع والقانون فذلك معترف به لإسهامة في حل الخصومات ؛؛[c1]*ختاماً.. هل تدود إضافة شيء لم نتطرق إليه آنفاً؟[/c]كلمة أخيرة أقولها لكل ذي علاقة وصفة في نظر الخصومات أقول اقضوا حاجات الناس يقضي الله حاجاتكم ومن لم يقض حاجات المتخاصمين بالحق والعدل ودون إبطاء الله لا قضى حاجته ولا بارك له في مال أو حال ؛كما نشكر تفاعلكم بتلمس هموم مجتمعنا والإسهام في نشر الوعي المعرفي والقانوني بين أوساطه وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الرسالة الصحفية تمضي في المسار الصحيح بأيجاد وعي وطني اخوي إنساني نتيجة للأمن والاستقرار والبناء في الوطن اليمني .