غضون
* أعطاني صديق كتيباً عنوانه «رسالة علماء اليمن» يسوقون فيه أدلة وشواهد على حرمة تولي النساء مناصب عامة وعدم شرعية «الكوتا النسائية».. وقالوا إنهم يوجهون هذه الرسالة قياماً بالواجب الذي عهد الله عليهم القيام به، مستدلين بالآية القرآنية: «وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه».. فقد وضعوا أنفسهم موضع المخاطب في هذه الآية، بينما المعروف أن اليهود «الذين أوتوا الكتاب» هم المخاطبون، وهو خطاب توبيخ أيضاً لأنهم «كتموا» صفات الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابهم.. وإلى جانب هذه المغالطة والخداع تجد أن قائمة الموقعين على «رسالة علماء اليمن» المكونة من (117) اسماً، ليس فيها «عالم»، بل مجرد حفظة نصوص ومدرسين للتربية الإسلامية وخطباء مساجد. إن أي شخص متوسط الثقافة، يستطيع أن يكتشف ضعف حججهم دون أن يكون بحاجة إلى أن يكون «عالماً» مثل هؤلاء الذين يسمون «علماء».. وللوهلة الأولى سوف يكتشف كم هم مغالطون وكذابون إما متعمدين في ذلك وإما جاهلين بسبب المنهج والرؤية غير العلمية السائدين عندهم.* إن أمثلة ذلك في «رسالة علماء اليمن» كثيرة.. وسأكتفي ببعض الشواهد.. قالوا إن الله تعالى خلق البشر من جنسين مختلفين.. ذكر وأنثى.. وجعل بينهما فوارق في الأجسام والعواطف والوظائف «العضوية».. وبناء على هذا الاختلاف في الخليقة فالمرأة في مكانة أدنى، ولها وظائف الحمل والإرضاع والحيض والنفاس وتدبير شؤون البيت والأولاد، فلا شأن لها بالمجالس النيابية ولا الوزارة ولا الرئاسة ولا شيء خارج المنزل.. ثم قالوا إن فطرة الله هذه تعمل في الدول الغربية اليوم حيث «عجزت المرأة» عن منافسة الرجال في ميدانهم، وأن هذه الدول صارت تشجع النساء للعودة إلى المنازل وتدفع لهم أموالاً من أجل ذلك، وذكروا مثالاً لذلك.. المجر، ألمانيا، إسبانيا، بريطانيا، فرنسا.. وهذا كله كذب من عندهم.. وقالوا إن «بريطانيا تتباهى اليوم أنها تعطي الأم المرضع إجازة من العمل مدة عام كامل مع بقاء راتبها الشهري».. الحقيقة إن إجازة المرضع في بريطانيا (26) اسبوعاً فقط.* وقالوا: إن امرأة واحدة لم تتول رئاسة الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية ولا رئاسة الوزراء فيها.. ومعروف أن النظام الرئاسي الأمريكي ليس فيه رئيس وزراء، فضلاً عن أن هيلاري كلنتون ترشحت للرئاسة عام 2008م لكنها انسحبت من الترشح بعد ذلك، وهناك فرق بين أن تحظر على المرأة الترشح باسم الدين أو حتى القانون وبين عدم الفوز بالرئاسة ثم إن «ميشال» تولت الرئاسة في شيلي و«جالوريا» في الفلبين، «تاريا» في فنلندا، و«فاريا» في لاتفيا، و»ايلي جنسون» في ليبيريا و«أنجيلا» في ألمانيا.. والقائمة تطول.. ومن كذبهم قولهم إن المرأة لا تصلح برلمانية وأن التمثيل البرلماني للنساء في الدول الغربية لا يزيد على (15 %).. فيما هذا التمثيل 46 % في السويد و 41 % في هولندا، ومثلها في فنلندا، وأكثر من 30% في الاتحاد الأوروبي.. ومن مغالطاتهم قولهم إن البطالة في صفوف الرجال سببها «إقحام المرأة» بمهام خارج البيت.. فلو منعت النساء من الوظائف الحكومية والعمل في المصانع والشركات وكل محاولات العمل لتوافرت للرجال فرص عمل أو حلوا محلهن، فحل مشكلة البطالة عندهم لا يكمن في زيادة فرص العمل بل بمصادرة حق المرأة في العمل.