فن تشكيلي
د. زينب حزامعلي الذرحاني.. فنان تشكيلي يمني مبدع التقيت به قبل خمسة عشر سنة في صحيفة (14أكتوبر) عرض علي عدد من لوحاته الفنية الرائعة.استشعرت بداخلي جمالاً التقطته من لوحاته المعبرة عن تاريخ اليمن وحضارته القديمة والحديثة.والفنان التشكيلي علي الذرحاني فنان شعاره «الفن لا يعيش إلا في الحرية» وقد استطاع هذا الفنان أن يصل بإنتاجه الفني إلى المستوى الأكاديمي في علم فنون الرسم والزخرفة والنحت.والفنان التشكيلي علي الذرحاني يتمتع بالقدرة في الوقوف على العلاقات التي تبزغ في الواقع من حوله مهما كانت تلك العلاقات دقيقة ومستخفية، وهو لا يختار موضوعاته وإبداعاته بل هي التي تختاره وتناديه، لكي يفصح عن أسرارها المكنونة لثقتها في حسن تعبيره وأدائه. وبساطته، تلك البساطة التي تجعلها تختار ريشته والوانه، فالفنان علي الذرحاني فنان يتميز بالبساطة والدقة من اختيار موضوعاته التي يأخذها من التاريخ والتراث والطبيعة اليمنية والأحياء الشعبية، وقد تعلم منذ نعومة أظفاره أبجديات التشكيل، وامتلاك نعمة الإتقان، وحب المغامرة والسفاري، والترحال في شتى بقاع العالم .. ومن هذا المنطلق بدأ الفنان التشكيلي علي الذرحاني تجربته الفنية، والذي حاول من خلالها تهيئة المناخ المحفز على التأمل الذي يستعذبه، فإذا رسم مرة، فهو يتأمل عشر.. والقدرة على التأمل في الطبيعة، واستخلاص القيم الجمالية التي تغمرها، أمر بالغ الأهمية ليس في تكوين الذوق العام فقط، وإنما أيضاً تسهم هذه القدرة من فهم القوانين التي تحكم أشياء الطبيعة وتكسبها جمالها الذاتي - والقراءة والتفكير بالمستقبل، والبناء وهو دائم البحث عمن يشاركهم أفكاره وعالمه الخاص، أيضاً يستكمل ذاته من خلالهم أما دوافعه للاستغراق في النشاط والجمل والإتقان، والإبداع فأشد وتستمر لفترات طويلة، مؤكدة فرديته وتميزه الدائمين في التعليم والإبداع،فهو لديه عقل حساس واع، لديه فهم عميق للطريقة التي تعمل بها الأشياء في المكان والزمان، فهو قادر على اختيار العناصر المناسبة لكيانه والتفاعل معها.[c1]مبدأ التجريب[/c]بعد عودته من القاهرة عاش فترة تأمل واجترار لكل التجارب والخواطر، والأحلام الفنية القديمة والجديدة .. عمد على تقليب أرشيف خبراته وتجاربه قبل أن يقدم على إنتاجه الجديد.وقد أسفرت عملية التأمل هذه، عن مرحلة جديدة تماماً في إنتاج الفنان، المرحلة المعاصرة التي تجد قبولاً عند النقاد والجمهور في آن واحد.كان هدفه الأساسي الوصول إلى وجدان الجمهور اليمني خاصة والجماهير العربية عامة، وذلك من خلال معارضه الشخصية التي قدمها في الإسكندرية والقاهرة وحصل على العديد من الجوائز التقدير في معارضه الشخصية والرسمية التي أقيمت في المهرجانات الثقافية في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.تأمل الفنان التشكيلي علي الذرحاني أفكاره ولوحاته التي قدمها في هذه المعارض وخاصة لوحته التي تحمل عنوان «حضارتنا» والتي تعد من أهم لوحاته المشهورة والتي المعبرة عن تاريخ الحضارة اليمنية القديمة، فقد جاءت هذه اللوحة حاملة لمعالم الفن الحميري نابضة بالأحلام، مختلطة بخلاصة الإنجازات التي حققها في القاهرة والإسكندرية وصنعاء وعدن، مستفيداً من تجاربه الفنية والتكنيكية التي مارسها قبل سفره إلى القاهرة .. وتشهد أعمال الفنان التشكيلي علي الذرحاني على براعته كفنان، حيث تتميز أعماله ببنائية نحتية صارمة، ورمزية مبسطة، من منظومة تحقق التعادلية بين الشكل والمضمون وتتحكم في الوعي. وتكبح جماح العواطف، فالعواصف الجامحة لا يمكن أن تخلف عملاً فنياً متكاملاً لأنها تقف عثرة في سبيل التأمل الذي يستلزمه الخلق الفني، هذا لا يعني بطبيعة الحال أن تكون العواطف هادئة أو فاترة أو متهافتة، والمراد هو التوازن بين الوعي والعاطفة.وهذا ما يميز الفنان علي الذرحاني، ويمكنه من التعبير عما يريد بأقل مايمكن من الجمل التشكيلية دون الأخلال بالمعنى العام، فهو يملي على ريشته ما في قلبه من الخفاق بإرشاد من عقله الواعي ففي لوحته الفنية الرائعة «حضارتنا» يتضح فهم الفنان علي الذرحاني للتاريخ اليمني القديم وتراثه الفني من زخارف ونقوش، فتلك الوحة قد أوحت له بكينونتها الجديدة، فنحتها بريشته على النحو، الذي تتجلى فيه حضارتنا اليمنية القديمة والتي تعكس لنا صور الحكمة والديانات التي كان يعتنقها قدماء اليمن، ويؤكد هذا ذكاء الفنان باستخدام اللون الأزرق الفاتح التي سيطر على اللوحة وأضاف اليها مسحة من الوقار والحكمة وأزدهار حضارتنا اليمنية القديمة.هناك العديد من الوحات الفنية التي قدمها الفنان التشكيلي اليمني علي الذرحاني، وهي دليل على براعة الفنان من تملك أدوات ومفردات المعرفة، واللغة التشكيلية التي مست أوتار قلبه وعقله في آن واحد .. لنعد سريعاً إلى المقالات الفنية والأدبية التي كتبها الفنان التشكيلي علي الذرحاني على صفحات الصحف والمجلات اليمنية المحلية في سماء الأدب والصحافة الأدبية، ونزل إلى رحاب المقالة الصحفية، محتفظاً بريشته كفنان تشكيلي.وأخذ الفنان التشكيلي علي الذرحاني ينفض ما يمور في صورة من مشاعر أحتفظ بها من نثره والفاظه الموسيقية وقدمها لنا على صحيفة (14 أكتوبر) وصحيفة (الأيام) وغيرها من الصحف المحلية، ليبرز لنا هموم المثقف اليمني، والتي تعرقل عمله الإبداعي وهنا أشير إلى الجمل الموسيقية الأدبية، في مجمل مقالاته التي تحمل «الصخب والعنف».لقد جعل الفنان التشكيلي علي الذرحاني ريشته وقلمه رسالة نبيلة تحمل هموم المثقف اليمني ورسالة الفن التشكيلي لعامة الجماهير البسيطة، حيث نجد أن فنه التشكيلي يتميز بالبساطة والتفاتة عميقة إلى التاريخ والطبيعة اليمنية، وقد جاءت لوحته عن التراث وشجرة البن التي أرتبطت بالتاريخ اليمني أرتباطاً وثيقاً، كما عبر في لوحاته عن شجر النخيل والفراش الأصفر وعودة الراعي وشجرة الليمون وأغنية الفلاحة اليمنية، والقرية اليمنية وحدائق التفاح الأخضر والعنب تنطق كلها باحتضان وجدانه لهذه العناصر والقسمات على لوحته المشهورة الطبيعة في الريف اليمني، وانحنائه الإنساني عل الذي طحنته ظروف الحياة القاسية وعذبته معاناته الطويلة من رحلة الحياة وشظف العيش.أن الدارس للعمل الفني التشكيلي للفنان والدارس لقلمه الصحفي يجد دعوة هذا الفنان والصحفي الذي أحسن اختياره لمفرداته والإيقاع الموسيقي لوجدانه، والقدرة الفذة على التصوير والتجسيد وتحويل المعنويات إلى محسوسات لها صوت وملمس ورائحة ولها أيضاً خيال محلق بلامحدود،وفيها أيضاً هذا التأثر الواضح الذي ربط الفن التشكيلي بالقلم الصحفي. فجاءت عباراته تمتلك أشواق الرغبة العارمة من امتلاك الجمال والشوق الحميم لعناصر الحياة.