يعتبر الماء من أهم الموارد الطبيعية على الاطلاق حيث يعتبر عاملاً اساسياً ترتكز عليه حياة الانسان وكافة انشطته الاجتماعية والاقتصادية في مختلف المجالات وعلى الاخص في مجال الزراعة والصناعة ، ويتميز الماء عن غيره من الموارد الطبيعية بكون كميته ثابته في الكرة الارضية ويتجدد باستمرار خلال فترة محددة من الزمن بفضل الدورة الهيدرولوجية هذا وقد اشارت الدراسات الشاملة للتوازن المائي على سطح الارض الى ان هذه الموارد تفوق بصفة عامة الطلب على المدى المنظور.وانطلاقاً من هذا الواقع الطبيعي ساد الاعتقاد في هذا القرن بان الموارد المائية هي موارد طبيعية غير محدودة وغير قابلة للاستنزاف ويمكن استخدامها دون ضوابط تشريعية او علمية وبالتالي احتلت المياه دوراً ثانوياً في حسابات عمليات التنمية ، الا ان النمو السكاني وازدياد استهلاك المياه من مختلف القطاعات التنموية التي شهدت تطوراًكبيراً وسريعاً في النصف الثاني من القرن الحالي وظهور ازمات مائية جدية في مناطق متعددة من العالم ادى الى تغير واضح في المفاهيم المتعلقة بموارد المياه، فنشأت تصورات جديدة مافتئت أن تحولت تدريجياً الى قناعات راسخة مفادها ان الموارد المائية هي موارد محدودة وقابلة للاستنزاف وتؤكد الدراسات الحديثة ان الانسان في معظم انحاء الارض سيلجأ الى مياه البحر في مستقبل ليس ببعيد لسد حاجاته ومما يزيد في تفاقم الازمات المائية ان كثيراً من مصادر المياه اصبحت عرضة للتلوث وخاصة في المناطق الصناعية ومناطق التكثيف الزراعي.تزداد المشكلة تعقيداً في الوطن العربي لعدة اسباب اهمها كون الجزء الاعظم من اراضيه يمتد عبر اقاليم مناخية جافة وشبه جافة، وبالتالي تجدد المياه يكون ظاهرة غيرمنتظمة في معظم الاحواض المائية المنتشرة وتنعدم هذه المياه في الاحواض الصحراوية الكبرى.وقد تمت مواجهة الطلب المتزايد على المياه والازمات المائية في الفترات المناخية الجافة عن طريق استثمار المخزون الجوفي، الا ان الآثار السلبية التي ظهرت في العديد من الاحواض المائية الجوفية العربية قد ولدت قلقاً حول مستقبل هذه الاحواض وخاصة في الاحواض المحدودة الامتداد او المخزون وقد زاد في تفاقم الوضع وخطورته تدهور نوعية المياه او طغيان المياه المالحة في عدد من هذه الاحواض وفي الواقع فان هذه المشكلة سوف تزداد مستقبلاً مع تزايد حجم الطلب على الماء وهذا يقتضي ان يتوفر لدى الجهات المختصة والمعنية تفهماً اكبر واهتماماً اكثر عمقاً لظروف توفر المياه وتخطيطاً بعيد المدى لمواجهة الاحتياجات المائية والازمات المتوقع نشوءها مستقبلاً.2- الموارد المائية في الوطن العربي: يقدر مخزون المياه في العام على مدى الزمن بـ 1368 مليون كم 3، ويقدر مخزون المياه العذبة بـ 34 مليون كم 3، أي أن 97.5 من المخزون العالمي هو مياه مالحة تشكل البحار والمحيطات ، بينما يشكل مخزون المياه العذبة المنتشرة على اليابسة 2.5 من المخزون الكلي للمياه على الارض.لقد تم في إطار العقد الهيدرولوجي الدولي دراسة الموازنة المائية للعالم وفي مايلي نتائج هذه الدراسة والتي قدرت حجم المياه المتجددة سنوياً على سطح الارض هو بحدود 47000 كم3.إن نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة في العالم هو بحدود 12900م3 / سنة وتنخفض هذه النسبة في آسيا الى 6700 م3 / سنة وفي اوربا الى 4900م3 / سنة بينما ترتفع في جنوب امريكا الى 3600 م3 / سنة ، وتقدر الدراسات معدل نصيب الفرد في العالم العربي يكون في الوقت الحاضر 1745م3 / سنة وهو اقل بكثير من المعدل العالمي 12900م3 / سنة، كما ان هذه المعدلات تختلف كثيراً من قطر لآخر ان هذه الارقام تشير الى عجز مائي تتسع ابعاده مستقبلاً وتزداد المشكلة نتيجة عدم انتظام التغذية المائية والجريان والهطول في مختلف اشهر السنة وتدل الدراسات ان هناك تغيرات مناخية جافة ودورية قد تكون ناجمة عن الاشعاع الشمسي الواصل الى الارض مما سيزيد عمق الازمة المائية المرتقبة وخاصة ان الطاقة الكامنة القصوى للموارد المائية المتاحة في الوطن العربي حوالي 274 مليار متر مكعب من موارد تقليدية وغير تقليدية وقد قام المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والاراضي القاحلة باعداد مجموعة من الاسقاطات الخاصة بازدياد الطلب على مياه الشرب وفق نسب التزايد الحالية، وبناءً على هذه الاسقاطات يتضح ان تزايد السكان وفق نسب متغيرة ومدروسة سوف يحقق وفراً مقداره 5 مليار متر مكعب من الماء سنوياً.[c1]1-3- الموارد المائية السطحية:[/c] تفتقر البلاد العربية بشكل عام الى شبكات هيدروغرافية كبيرة ومستديمة الجريان باستثناء وجود الانهار الاربعة الموجودة اي النيل والفرات ودجلة والسنغال التي يصل تصريفها الى 1400 مم/ سنة بالنسبة لنهر النيل و1000 ملم/ السنة بالنسبة لمنابع نهري دجلة والفرات، وما تبقى من الشبكة الهيدروغرافية العربية لايتعدى مجموعة من الانهار الصغيرة دائمة الجريان محدودة العدد (في حدود 50 نهراً مع انخفاض واضح في تصريفها خلال فصل الصيف) بما فيها روافد دجلة والفرات والنيل وتستمد هذه الانهار مياهها من تصريف الينابيع المتفجرة من سفوح الجبال كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من انهار لبنان التي يصل عددها الى سبعة عشره نهراً اهمها نهر الليطاني.وما تبقى من الشبكة الهيدروغرافية العربية عبارة عن مجموعة كبيرة من الاودية المتباينة في ابعادها تبعاً لمساحة حوضها والمائي طبيعة التربة والغطاء النباتي والانحدار الطبوغرافي والهطول المطري الذي يسقط على الحوض وتشير التقديرات الى ان حجم هذه المياه يبلغ عدة مليارات الا ان صعوبة اجراء قياسات دقيقة في الماضي ادت الى عدم التوصل الى صورة حقيقية عن حجمها ، وتشير حجم الموارد المائية السطحية في الوطن العربي عام 1986 الى 295.7 مليار م3 / سنة، بينما بلغت في عام 1996 حوالي 225.33 مليار م3 / سنة.[c1]2-3- الموارد المائية الجوفية:[/c]نظراً لمحدودية انتشار المجاري المائية السطحية في الوطن العربي كان من الطبيعي ان يتم دراسة الطبقات المائية الجوفية بغية التعرف على اماكن انتشارها وتوزعها والامكانيات المائية المتاحة ونوعية مياهها واعتمدت هذه الاعمال على استخدام احدث الطرق المتاحة وقد بينت الدراسات ان المياه الجوفية تتوافر في الوطن العربي في بيئات هيدرولوجية مختلفة ويمكن تصنيف الصخور المتواجدة في الاراضي العربية على النحو التالي:1- طبقات كارستية ممتدة في المرتفعات الساحلية في لبنان وسوريا وفلسطين2-احواض كلسية ولحقية تنتشر في الجزيرة العليا السورية والعراقية.3- احواض جبلية وبيئية تنتشر في جبال الاطلس في المغرب العربي.4- احواض لحقية وكلسية تنتشر في سهول تهامة والباطنة والجزيرة العربية5- احواض كبرى تحتوي على سماكات ضخمة من طبقات رملية قارية وكلسية احياناً تنتشر في الصحراء الكبرى وصحاري الجزيرة العربية.تشير تقديرات الدول العربية الى وجود مايقرب 39.3 مليار مكعب من المياه الجوفية المتجددة يتوافر 33 منها في اقليم المشرق العربي( خاصة سوريا- العراق- لبنان).وتمتاز الطبقات ذات الموارد المائية المتجددة بسماكات محدودة انتشار محدود ويتركز وجودها في المناطق الجبلية والسهلية المطلة على شواطئ البحر المتوسط والمحيط الاطلسي والخليج العربي وكذلك في اسرة الانهار الرئيسية ومجاري الوديان الهامة وتقدر حجم الموارد المائية المتجددة في الوطن العربي 39.3 مليارم 3 / سنة.أما بالنسبة لطبقات المياه ذات الموارد غير المتجددة تمتاز بسماكات كبيرة تتجاوز 200 متر وقد تصل مايزيد عن 400 متر كما هو الحال لحوض الرمل النوبي وكذلك احواض الجزيرة العربية وتتميز هذه الاحواض بانتاجيتها العالية ومياهها التي تكون في معظم الاحيان متدفقة ، وامتداد الطبقات المائية في هذه الاحواض يكون كبيراً.اما بالنسبة لنوعية المياه الجوفية في الوطن العربي فهي الاخرى متباينة تبعاً لدرجة استثمارها وطبيعة الصخور الحاملة للمياه، فالمياه الموجودة في الطبقات الكربونية المجاورة لشواطئ البحر المتوسط والمحيط الاطلسي تكون عذبة لأقل من 500 ملغ/ ليتر، امابالنسبة للطبقات المائية غير المتجددة فان المياه تكون موجودة في الصخور الرملية ( الحوض النوبي، مياه طبقات الباليوزويك في الجزيرة العربية وليبيا) فهي في الغالب مياه عذبة، اما الطبقات المائية التي تتداخل مع طبقات كربونية فتتميز بمياه ذات ملوحة مرتفعة قد تتجاوز في بعض الاحيان ملوحة مياه البحر.[c1]4- الموارد المائية غير التقليدية:[/c]ويقصد بها الموارد التي يتم توفيرها نتيجة معالجات معينة لتصبح صالحة للاستعمال وتضم هذه الموارد غير التقليدية فئتين رئيسيتين:فئة المياه المحلاة وتشمل: مياه جوفية متوسطة الى شديدة الملوحة ومياه البحر. وفئة المياه العادمة وتشمل : مياه الصرف الصحي ، مياه الصرف الزراعي ، مياه الصرف الصناعي.
|
ابوواب
الموارد المائية هي موارد طبيعية محدودة وقابلة للاستنزاف
أخبار متعلقة