إن حقيقة المشكلة السكانية عموماً في بلادنا ـ اليمن ـ ليست في زيادة أو قلة المعدلات السكانية، وإنما هي مشكلة النسبة بين الإمكانيات الاقتصادية وبين الأعداد السكانية.فالمشكلة السكانية قائمة في مجتمعنا اليمني بصورة صارخة، حيث وصل معدل النمو السكاني السنوي في اليمن، إلى أعلى مؤشر في العالم أي بنسبة 35 %، وهذه الزيادة المخيفة في النمو السكاني تجعل حكومتنا الموقرة تتخبط خبط عشوائي في كيفية تلبية احتياجات كل هذه الأفواج المتزايدة من المواليد سنوياً، في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة والالتزام بالتخبط الاستراتيجي الثابت والمتواصل في شتى نواحي التنمية البشرية الشاملة، والتنظيم الإداري.وقد بدأت تبرز هذه المشكلة في ما نعانيه اليوم من عدم توافر الأمن الغذائي للمواطنين بالرغم من اشتهار اليمن بالثروة الزراعية وتعدد مناخاتها الزراعية على مدار العام، واتساع ثروتها السمكية أكثر من أي بلد آخر في العالم، بالإضافة إلى مواردها الطبيعية والنفطية، ولكن علاج هذه المشكلة السكانية التي تقف عائقاً أمام النهوض الاقتصادي وتلبية طموحات المواطنين في التقدم والتطور والازدهار، وتحسين المستوى المعيشي والخدمي، إنما يكون بتحديد النسل، وهو ما عبر عنه الحديث “جهل البلاء كثرة العيال مع قلة الشيء” كما عبر عنه الصحابي الجليل أبن عباس “إن كثرة العيال أحد الفقرين، وقلة العيال أحد اليسارين”.وتنظيم النسل أمر مطلوب شرعاً، وهذا التنظيم سواء بالتحديد أو بالأكثار يخضع لظروف الخدمات والمكان، وقد يبدو ـ مثلاً ـ من ظروف حياة شعبنا اليمني حيث الزيادة السنوية المخيفة في عدد السكان مع قلة الدخول، والغلاء الفاحش، وازدياد نسبة البطالة، وزيادة حالة الفقر، وقصور معدلات التنمية عن مجاراة هذه الزيادة السكانية ما يقضي بتنظيم النسل عن طريق التحديد.ويجب أن تفرق بين الدعوة إلى تنظيم النسل عن طريق تحديده بالاكتفاء بطفلين أو ثلاثة، وبين منع النسل أصلاً، بقطع الصلاحية للإنجاب، فهذا الأخير محرمُ شرعاً، كذلك بحب أن نفرق بين وسائل منع الحمل والحيلولة دون حدوثه ابتداء بالعزل أو بالحبوب واللولب، وبين الإجهاض أو القضاء على الحمل بعد وقوعه.فالأول جائز شرعاً، إذ ورد في الآثار (كنا نعزل على عهد الرسول “صلى الله عليه وسلم” ولم “ينهنا”)، بخلاف الآخر، فهو ممنوع شرعاً، وهو ما حذر منه الرسول الكريم بقوله “إن ذلك هو الواد الخفي”.والكثرة التي يتطلبها الإسلام والتي عبر عنها الحديث النبوي “تناكحوا تناسلوا” لاتكون بالكم وكثرة العدد المهمل، وإنما بالكيف وحسن الأداء، ذلك أن الشريعة الإسلامية إذ تتطلب الكثرة، إنما تتطلبها قوية لاهزيلة أو عليلة، حيث أن الحديث النبوي يقول: “توشك الأمم أن تتداعى عليكم، كما تتداعى عليكم، كما تتداعى الأكلة على قصعتها، فقال القائل: “أمن قلة نحن يومئذ؟” فقال عليه الصلاة والسلام: “لا، بل أنتم كثيرون، ولكنكم غثاء كغتاء السيل”.خلاصة القول: إن المشكلة السكانية في اليمن مشكلة عويصة، وتحتاج إلى وعي اجتماعي وقناعة تامة، ولا يمكن حلها إلا باقتناعنا بصحة المعالجة لها أفراداً ومجتمعاً وعلماء ومنظمات وأحزاباً وحكومة، لأنها مسؤولية اجتماعية مشتركة، فهل نحن فاعلون.
|
اتجاهات
كيف نعالج التضخم السكاني ؟
أخبار متعلقة