غضون
- قبل عشر سنوات ـ بالتمام والكمال ـ بدأت مشكلة “الازدواج الوظيفي” تقفز إلى السطح ضمن تصريحات صدرت عن مسؤولين قالوا حينها: خلاص تعبنا وشبعنا فساداً.. وإنهم ذاهبون في مهمة وطنية من أجل الإصلاح المالي والإداري والاقتصادي والسياسي والقانوني والتشريعي والرجالي والنسوي والإرهابي.. حتى الآن مايزال المسؤولون يتحدثون عن المشكلة كأنها ولدت هذه اللحظة وليس قبل أربعة عقود.- يصدرون بلاغات وتحذيرات إلى “الإخوة المزدوجين” عليكم أن تكشفوا عن عوراتكم، وتميزوا بين الأسماء وتعلنوا عن الهويات، وأنه إذا لم يختر الواحد منكم وظيفة واحدة سوف يخسر وظائفه الثلاث أو العشر أو العشرين دفعة واحدة والعاقبة للمتقين!مرة يظهر مسؤول يهدد وكأنه شجاع ماعلينا سوى أن نفتح عيوننا لنراه وهو يسطو على الأسد.ومرة تراه يلين مع “المزدوجين” ويذوب صبابة وهو يناشد ضمائرهم ويستحلب عواطفهم الدينية.. ويقول: رجاءً اعترفوا.. رجاءً اتقوا الله وارحموني..- ومرة يتعاطف معهم ويبذل لهم المغريات ويمهلهم رويدا.. لكن لا جدوى من ذلك كله حتى الآن.. فمشكلة “المزدوجين” قائمة قائمة رغم الإصلاحات والبصمة والصورة واستراتيجية الأجور، ورغم المناشدات و”البهررة” و “الرباعة” وجاه الله و “يا منعاه” وبجاه القبيلة وسيدي حسن والشيخ “سابط” وبجاه أحمد بن علوان..- هل مشكلة الازدواج الوظيفي مستعصية إلى هذا الحد؟.. لو كانت مثل “قفل ضاع مفتاحه” فإن لدينا أفضل حداد لصنع المفاتيح.. فالثقافة الالكترونية اليوم كفيلة بفتح أعتى الأبواب وأقواها متانة وتعقيداً.. لكن أكبر حداد هو الجدية والمصداقية..- كيف يمكنك أن تصدق أحدهم وهو يتحدث عن مشكلة الازدواج الوظيفي، بينما هو عضو في الحكومة، وقائد في البرلمان، ورئيس مجلس إدارة وأمين مجلس أمناء، ومشارك في لجنة وطنية، ومستشار في هيئة عمومية، ومستشار بنك؟! مثل هذا العابر للهيئات والشركات والمصالح والوزارات واللجان الوطنية كيف يمكن أن تتسرب إلى قناعاته إرادة تقاوم تعدد الازدواج الوظيفي والزوجات والقصور؟..