حكاية..من واقعنا
لطالما سمعنا بحوادث السير التي تحدث بشكل متكرر في الطريق البحري بمحافظة عدن (العاصمة الاقتصادية) لوطننا الحبيب، وتزداد نسبة هذه الحوادث في المواسم السياحية وفترة الأعياد نظراً للازدحام الذي تشهده المدينة التي يفضلها أغلب المواطنين لقضاء اجازاتهم.ولكن بين عشية وضحاها تتحول فرحة العيد إلى مأساة وكارثة تظل تؤلم مصابها إن نجأ، وتؤلم ذويه طوال العمر إن لم ينج.وقد شاءت إرادة المولى عز وجل أن تكون أسرتي إحدى هذه العائلات عندما تعرضت سيارة آخي لحادث مريع راح ضحيته فتاتان بعمر الزهور إحداهما كانت تستعد لحفل زفافها في عيد الأضحى المبارك وبعد يومين من الحادث تبعتهم الأم وتركن برحيلهن مشاعر يعتصرها الألم والحزن لدى من تبقى من أفراد أسرة أخي التي تعاني أيضاً من كسور وإصابات بليغة.ان هذه الحادثة أعادت في ذاكرة كل من جاء لتعزيتنا افكار مفادها أن الطريق البحري به عفاريت ومسكون، لأنه مجاور البحر ولابد أن يشهد هذا الطريق مشهداً مأساوياً بين فترة وأخرى، وكأن كل من يمر بالطريق البحري لابد أن يكون له موعد مع القدر والأشباح.طبعاً أنا لا أنقل لكم تلك الأقاويل لنصدقها أو نشكك بصحتها، ولكني أطرح هنا تساؤلاً ومناشدة لجميع القائمين على المحافظة سواءً المحافظ أو مدير إدارة المرور وكل من يرتبط عمله بهذا الجانب.فإذا كانت السرعة سبب هذه الحوادث ـ أين دور الجهات المسؤولة؟ التي تعلن عن وجود رادار يحدد سرعة السيارات، وإذا كانت المشكلة في ضيق الطريق ـ فأين دور الجهات المسؤولة، ولماذا لا تعمل على تكثيف العمل في توسعة الطريق؟ولماذا لا يتم توزيع نقاط نجدة على طول الطريق الذي يعتبر من أخطر الطرق في العاصمة، ويزهق سنوياً مئات الأرواح ويؤدي إلى خسائر مادية ومعنوية ونفسية للمواطن والدولة معاً.أتذكر أحد أقاربي عندما سرد لي قصة شاب يمني سافر إلى أمريكا وأكل بيضة ورمى بالقشرة في الطريق وبعد دقيقتين استوقفه شرطي المرور وهو يسلمه مخالفة آنية الدفع بمبلغ مائة دولار دفعها وهو يتحسر على أنه أكل أغلى بيضة بحياته كلفته مائة دولار.لقد زرت مدناً خارجية ووجدت أن إشارات المرور لايوجد بجانبها شرطة مرور وكل إشارة بها كاميرا تصوير تلتقط صورة لمجرد تجاوز السائق لثانية واحدة من مدة الإشارة أو لتخطيه الخطوط البيضاء ـ أين نحن من كل ذلك؟ ـ بينما نصرف مئات الملايين لاحتفالات ومهرجانات وفعاليات رياضية، ومع أنني لست ناقدة لذلك ولكن أرى أن النفس البشرية أحق وأولى أن يهتم بها وهل يعقل ان يزهق المرء روحه لرب العباد، وهناك من يحاول أن يقتلع ساعته أو محفظته أو مجوهراته ـ اين الضمير وأين سرعة الإغاثة من قبل رجال الأمن؟ أو أن يكون هناك من يحتاج لإسعاف وتجد السيارة تلو الاخرى تتجاوزه مسرعة تاركة روحاً بحاجة إلى مساعدة لمجرد الخوف من المساءلة القانونية التي يصادفها من أراد فعل الخير، اين الإنسانية والضمير ومن المسؤول عن ذلك!!؟والفادحة الكبرى أن عملية نقل المصابين إذا تمت بغير أسلوب طبي دقيق تؤدي إلى زيادة مشكلة المصاب، خاصة لاصحاب الكسور وإصابات العمود الفقري.إين خدمة الطوارئ والإسعاف؟ ان تلك المشكلة التي تتكرر دورياً لاتشمل الطريق البحري فقط ولكن كل خط سريع وطويل فهل يأتي يوم نرى فيه بلادنا قد تجاوزت كل المشاكل واصبحت في عداد الدول المتقدمة .. إنني اتمنى ذلك، ولكن لن يحدث هذا إلا بتضافر جهود كل الجهات المختصة المذكورة سلفاً. وإليهم أكتب وأناشد واستغيث فهل من مغيث...؟