حدث وحديث
أبداً لم تنس شعوب الهند الصينية تلك الجرائم والمجازر التي ارتكبت في حقها والناتجة عن الصراعات السياسية والحزبية ضيقة الأفق والمنطق، ففي كمبوديا ارتكب نظام (بول بوت) ما ارتكب من مجازر في فترة النصف الثاني من السبعينات من القرن العشرين الماضي وتلك الجماجم التي صورت ولاتزال ساطعة في اذهان ابناء الضحايا الابرياء وهم غالبيتهم من الساسة والجنود والضباط والعسكر وعامة الشعب صراع ما بين (بول بوت) والامير نوردوم سيهانوك وهم من جنسيات كمبودية .. كل واحد كان يحمل فكرا وجيشا ودبابة وطائرة حربية ذهب (بول بوت) ومات سيهانوك ولم ولن تنس تلك الشعوب هذه المآسي كما لم تمح عن ذاكرة التاريخ حتى وان وجدت لها نعوتاً ومسميات تدخل في خانة او بمعنى آخر في خانات التسامح لقاء صفقات تجارية واستثمارية وبترولية ووعود وبما سمي بتقاسم الثروة وعلى جثث تلك الضحايا . كما لم تنس شعوب لاوس ايضا نفس المشهد الذي يدخل في خانة الحرب الباردة ودور الاقطاب السياسية المحيطة بها من كل جهة وما عانته. وهي ترزح للظلم بعد ان ضحت بما لديها من فلذات اكبادها .. وكذا الحال في افريقيا فنظام (بوكاسا) في افريقيا الوسطى ذهب الى اكل لحوم البشر وبروندي التي عصفت بها الكوليرا والملاريا قبل ان تحصد بندقية الكلاشنكوف ضحاياها الابرياء اما الكونغو برازافيل نظام موبوتو سيسكو فالحال يختلف تماما عن نوعية هذا الصراع الدموي فهذا الجندي الذي يحمل على الاكتاف ويرمى في باطن مجرى النهر الفيكتوري ويطلق عليه وابل من النيران من قبل الفريق المنتصر وحالات اخرى مشابهة في اثيوبيا ايضا وما فعله الامبراطور المخلوع (هيلا سلاسي) في شعبه النامي . وتلاها الرفيق منجستو ماريام في شعبه التقدمي الايديولوجي من تصفيات واما الامبراطور شاهنشاه المخلوع من قبل الثورة الخمينية فكان مصيره الفرار هو وشاوسيسكو وما فعلاه في حق شعبيهما الايراني الشقيق والروماني الصديق .. فلم ينس التاريخ حمامات دماء مدينة تميشاورا الرومانية التي اطاحت بشاوسيسكو وصراعات جورجيا بلد ومسقط رأس قائد القبضة الحديدية الرفيق جوزيف ستالين حيث فر شيفارد نادزة وزير خارجية النظام الشيوعي المنهارة الاتحاد السوفياتي السابق هاربا بعد تضحيات كما الحال لاذربيجان وما حصل فيها . هذه شعوب لم تنس ضحاياها وتقدم لهم الورود وتقرأ على ارواحهم فاتحة الكتاب عند كل مناسبة تمر لذكراهم كما لم تنس الجزائر والعالم مهدي بن بركة ولاتزال ذكراها الضائعة تهز العالم واسرته.أما هورشيما ونجازاكي المدينتان اليابانيتان اللتان ألقيت عليها قنبلتان نوويتان بقتل مئات آلالاف من سكانها الذين لاحول لهم ولاقوة، فالذكرى تظل تقرع أجراسها. ولمحطات الحروب العالمية الأولى والثانية وما رافقها من حروب صراعات سياسية وحزبية ولدت شرارتها تقاسمات العالم إلى قطبين اشتراكي ورأسمالي ومهما طبعت أوضاعها الدبلوماسية والسياسية فقد ظلت شعوبها تحيي ذكرى محطات آلمت بها وبهم في حروب وهذه جزيرة الحرية كوبا التي تحيي كل سنة معركة خليج الخنازير والمعارك الطاحنة متعددة الأوصاف والمعاني والانقلابات الناجحة والفاشلة التي لحقت بعدد من البلدان والأنظمة في قارات العالم وخاصة شعوب العالم الثالث النامي الذي تبنى نظريات الاشتراكية العلمية وتأسيس الأحزاب الشمولية والتدخل الدامي ضد كل أفكار تنحاز للانفتاح أو للحرية والديمقراطية ومايسمى بالصراعات .. فهذه الديمقراطية في باكستان أسقطت ابنة ذو الفقار علي بوتو «بنظير بوتو» ومعها دفن ويدفن كل يوم ضحايا في مشهد (لا تعليق عليه) وتلحق بوالدها.. كما لحق راجيف غاندي بوالدته أنديرا ندي زوجت ابن المهاتما غاندي .. فستظل الذكرى ذكرى لم ولن تنسى كما لصبراوشاتيلا ولبنان ومصر والعراق. نحن في اليمن مرت علينا محطة 13 يناير 1986م ،حصدت أرواح الكثير وهرب منها الكثير وأستفاد من تجاربها البعض ولم تهد هذا المجزرة والتي استعمل فيها المسدس والبندقية والقدائف والصواريخ والدبابات والطائرات والاعتقالات و..... الخ ،وخلفت الأرامل واليتاما وكبر وشب أبناء شهدائها وتخرجوا في الجامعات اليمنية التي حققتها دولة الوحدة وعرفوا مالحق بأعز الناس إليهم.. ورغم كل محاولات النسيان وما يرافقها من عشق للحياه. وتفاؤل بالمستقبل وحب الناس والجمع بالكلمة من يعد لمسخ وغسل هذا التاريخ الأسود فإن مايدور داخل القلوب لايعلم به الا الله وحدة وكما هو الحال أيضاً لمحطة حرب صيف 1994م نفس النمط والتاريخ سيظل تاريخاً ولن يستطيع أحد أن يمسح تاريخاً عنوانه هكذا راح ضحيته أبرياء.. لن تبقى أي محطة سياسية في دولة يسقط قادتها برصاص ستبقى باقية مدى الزمن وللتاريخ العبر والدروس من الماضي والحاضر.