البحث عن الحب والحنان والحماية والأمان خارج نطاق الأسرة
الترابط الأسري
أجرت اللقاءات/ داليا عدنان الصادق :الوحدة أصعب إحساس يدمر الفتاة التي تشعر باليتم خاصة إذا كان والدها مازال على قيد الحياة لذلك فهي تبحث عن الحب والحماية والأمان والحنان خارج نطاق الأسرة فتستعين تارة بالصديقات وتارة أخرى بالخادمات وهو ما يوقعها في مشاكل كثيرة أهمها التوجيه الخاطئ..ولتسليط الضوء على معاناة اليتيمات أجرينا عدداً من اللقاءات فتابعوا حصيلتها:* تقول وفاء أحمد: أعيش وحيدة في منزل أهلي وأشعر بالحياة كئيبة فأبي يعمل ليلاً ونهاراً وأمي منشغلة عني بصديقاتها وزيارتهن ومقابلتهن لذلك لا أشعر أنني أتنفس إلا عندما أذهب إلى المدرسة أو أكون بين صديقاتي.* وتحدثنا فاطمة عادل عن قصتها التي لا تختلف عن سابقتها قائلة:“أعيش مقيمة مع أم وأب ولاهم لهما سوى مشاكلهما وعلاقاتهما الاجتماعية أما أنا وإخوتي فنعيش في واد آخر ما جعلني ألجأ لصديقتي في كل صغيرة وكبيرة لكن اكتشفت أنها صديقة مزيفة تأخذ كل ماعندي من مصروف لأنها تعلم كل أسراري ومشاكلي التي أعيشها في منزلي وقد وصل بها الأمر إلى أنها تهددني بفضح هذه الأسرار إذا رفضت أن ألبي لها طلبها.* وبحزن شديد تقول ندى ناصر: أنا أتعس إنسانة في الوجود فالحزن لا يفارقني والحياة أصبحت لا تطاق لأنني أشعر أنني أعيش من دون سند والسبب أمي التي لاتحس بي وبمشاكلي ومازالت تعتبرني طفلة صغيرة لايهمها سوى زيارة صديقاتها والخروج للتسوق أو أحياناً تذهب إلى إحدى صديقاتها لمضغ القات وتعود من عند صديقاتها ليلاً فأين أجد الرعاية والحب والتفاهم إذا لم أجدها داخل بيتي؟* وتعلق أحلام محفوظ بانفعال شديد قائلة: عندما وقعت في مشكلة كبيرة لم أجد من ألجأ إليه غير صديقتي التي أطلعها على جميع أسراري وفي أحد الأيام تورطت بمشكلة (اعذريني على عدم ذكرها) فلم أجد أمي بجانبي لتحل لي مشكلتي هذه فوجدت صديقتي التي تعهدت لي أن تقف بجواري وأن تساعدني وفعلاً لم تتخلَّ عني في هذه المشكلة وساعدتني بدلاً عن أمي لتي لم أجد عندها الصدر الحنون والحضن الدافئ الذي أحتاج إليه والسبب في ذلك هو أن أبي وأمي منشغلان.* وتضيف تهاني عبدالله قائلة: من يفتقد الأمان داخل أسرته لايجد خارجها غير الذئاب والكذب والوعود الزائفة ولطالما تساءلت: كيف أعيش يتيمة وأبي وأمي حيان يرزقان؟ فهما يعيشان في برج عالٍ بعيداً عني وعن أخوتي ولا يشعران بنا وهذا ما يجعلنا نشعر أننا أتعس من الأيتام .. إنهما يتعاملان معنا على أننا بلا شخصيات..* وتؤكد منال قاسم قائلة : رغم أنني تلميذة في المرحلة المتوسطة إلا أنني أعتبر نفسي امرأة عجوزاً لا أجد من أشكو له همي وحزني سوى الخادمة”الصومالية” التي تعمل لدينا في المنزل فهل يمكن أن تحل الخادمة محل الأم التي لا هم لها سوى عملها ونجاحها؟إنها لاتجد الوقت لنا بسبب خروجها المستمر لزيارة الصديقات وهذا طبعاً إلى جانب خروجها في الصباح للعمل .. فلا وقت لسماع مشاكلي أو معرفة أسراري لذلك لا أجد أمامي سوى الخادمة التي تعطيني النصائح التي علي اتباعها.* وتحدثنا مريم فؤاد قائلة: أنا يتيمة الأبوين ووالدي على قيد الحياة، أبي يقضي معظم وقته في العمل، ويقضي ساعات إضافية للحصول على دخل إضافي وكذلك أمي تذهب للعمل في الصباح وعندما تغادر العمل تخرج مرة أخرى في العصر لزيارة الصديقات والتسوق أحياناً.فلا أجد من يجلس إلى جانبي أنا وإخوتي الصغار لمراجعة دروسنا وحل مشاكلنا التي أحياناً تصادفنا في حياتنا.* وتضيف ولاء ناصر: أنا يتيمة الأبوين ووالدي حيان يرزقان أمي يومياً تخرج صباحاً للعمل وتعود وتحرج مرة أخرى في العصر للتسوق أو لزيارة الصديقات أما والدي فيذهب في الصباح إلى العمل وفي العصر يذهب إلى المبرز لتخزين القات مع الأصدقاء (للشلة) ويغادر من مبرز القات الساعة التاسعة مساءً فلا أجد من يراجع لي دروسي وأحياناً أنام من دون مراجعة الدروس المقررة علينا في الاختبار .. إنني أعيش وحيدة وهما على قيد الحياة...* وتقول سارة عمر ونبرة حزن في صوتها :أبي وأمي على قيد الحياة ولكني أفتقدهما وكأنهما متوفيان لأن والدي لا يجلس في البيت أبداً، الصباح في العمل والعصر يتابع أعماله التجارية ولجمع المال، أما أمي فهي دائمة الخروج لزيارة الصديقات أو تجلس أحياناً عند الجيران للتسلية وتبقى عندهم إلى أن يضيع الوقت ، ولم تراجع لي دروسي لاختبار يوم غد. * في حين تحدثت زهرة أحمد قائلة: أنا لا أقول أن والدي متوفيان لكني أشعر بكل الحرمان من العطف والحنان لأن والدي مشغولان دائماً عني وعن إخوتي الصغار، أبي يذهب في الصباح إلى العمل في إحدى الشركات ويتأخر في العمل لأنه يعمل ساعات إضافية ولا يغادر العمل إلا في ساعة متأخرة لأنه يأخذ أجر تلك الساعات الإضافية الزائدة. وأمي دائماً مشغولة أيضاً إما في العمل وإما بالخروج للسوق أو عند الجيران.* أما نجاة أحمد فقالت بمنتهى الصراحة: والداي حيان يرزقان ولكنهما ميتان في نظري!ابي وأمي منشغلان عنا دائماً أنا وإخوتي ولا نجد فرصة نلتقي بأمي فهي دائماً تسافر لتحضر بضاعة للتجار فهي تاجرة شنطة وأبي يعمل في إحدي المؤسسات الحكومية وعندما يكون في المنزل لا يجلس معنا ويحل مشاكلنا ولا يذاكر لنا دروسنا لهذا اعتبرهما ميتين وليسا حيين.* تشاركها في الرأي إيناس محمد: أنا بكل صراحة اعتبر والدي ميتين بل هما في نظر الجميع ميتان أبي مشغول دائماً لانراه إلا في الليل ووالدتي ايضاً تعود من العمل ولا تجلس معنا وتكون مشغولة كثيراً بتصحيح كراسات التلاميذ ولا تعطينا فرصة للجلوس معها ولا تبدي أي اهتمام لدراستنا كما تعطيه للعمل على الرغم من أنها معلمة وتعاني من مشاكل التلاميذ الراسبين وتلاحظ عدم اهتمام أسرهم بهم ولكنها تزيد من إهمالها لنا وفي أوقات فراغها تأتي إليها صديقة لتجلس معها تخزن وتشرب الشيشة “المداعة”.* وتقول هالة نجيب ووجهها يحمر خجلاً: أنا لا أعيش مع والدي بل أعيش عند جدتي فهي التي تهتم بي لأن والدي يعملان ولا أجد اياً منهما يجلس معي ليذاكر دروسي أو سماع مشاكلي لكن في بيت جدتي خالتي هي التي تذاكر لي كونها جامعية ولا تعمل.. وعندما تكون خالتي أيضاً عندها اختبار أو امتحان أذاكر عند الجيران..وأنا لا أعلم ماذا سوف أفعل عندما اكبر وتزداد همومي ومشاكلي في الحياة.