عداد : زكي نعمان الذبحانيأنفلونزا الطيور مرض عُرف بداية في إيطاليا قبل مائة عام، بالتحديد في عام 1890م، عندما تسببت فيروساته بإحداث وفيات عالية جداً بين الطيور المستأنسة (الداجنة) سُميت بكارثة طاعون الدجاج آنذاك، ولم يكن وقتها وحتى منتصف عقد تسعينيات القرن الماضي يصيب البشر، بل كانت الإصابة تقتصر على الطيور فقط.والأنفلونزا بالمفهم العام تتألف من أنواع ثلاثة، نوعين يصاب بهما الإنسان فحسب دوناً عن سائر الطيور والحيوانات وهماB , C) )، ونوع آخر A) ) يُطلق عليه اسم أنفلونزا الطيور، وهو ما يهمنا في الموضوع، حيث أنّه متعد السلالات (العترات) تنبثق منه نحو 16 سلالة ومنها السلالة الفيروسية الأخيرة ( ( H5N1التي أصابت العالم بالذعر مخافة آثارها وتداعياتها على صحة الإنسان بعد أن ثبت بالفعل احتمال إصابة البشر بهذه السلالة الفيروسية وما قد ينتج عنها من وفيات.وأبرز ما يُميز فيروسات هذه السلالة من صفات :- القدرة على العيش في المياه أو اليابسة لمدة قد تصل إلى أربعة أشهر.- تحمل مستوى عالٍ من الرطوبة لمدة طويلة قد تصل إلى 105 أيام.- القدرة على العيش في درجات حرارة منخفضة جداً تصل إلى حد التجمد.لقد شكّل فيروس أنفلونزا الطيور (H5N1 ) هم كبير لصحة الإنسان، ومخاوف العلماء حول العالم من وقوع طفرة بدت واضحة وذلك باستضافته واندماجه مع فيروس من الإنسان ليصبح عندئذٍ فيروس خطير يتناقله البشر وليس له علاج، وهو ما لم يثبت إلى الآن.وبواقع الحال ليست الخسائر في الأرواح البشرية التي خلفها فيروس أنفلونزا الطيور كبيرة، إنّما الخسائر الاقتصادية هي الأكثر ضخامة.فعلى مستوى العالم تشكل البيض ولحوم الدجاج والصناعات التي تعتمد على الدواجن مصدر دخلٍ للذين يعتمدون على هذه المنتجات ومورد اقتصادي أساسي مهم للبلدان.وقد رأينا ما حصل في مصرَ عندما عزف الناس عن أكل لحوم الدواجن بشكلٍ عام وما سببه من مشاكل لم تكن متوقعة وخسائر مادية فادحة قدرت بالمليارات، إلا أنّ بلادنا ولله الحمد لا تزال في مأمن إلى يومنا هذا وإلى ساعتنا هذه، حيث لم تسجل فيها إصابات بين الطيور ولا أية حالة إصابة بشرية، وهناك حالات تأهب واستعداد ومتابعة من جميع الأجهزة الحكومية المسئولة وفق تكامل وتعاون وتنسيق مشترك لمواجهة أية خطر يداهمنا لا قدر الله، حيث شكلت فرق ترصد تترصد باستمرار، ويجري التعامل بجدية مع أية بلاغات تصل إلى وزارة الصحة العامة والسكان أو إلى وزارة الزراعة والري.وكون المرض أساساً هو مرض للطيور، ثمّ انتقل إلى الإنسان مؤخراً منذ عام 1997م، فهذا شيء استثنائي ثانوي ليس أساسي أو ثابت.العدوى وعواملها تعد الطيور البرية والمهاجرة الحاملة للعدوى والمصابة من النواقل الأساسية لمرض أنفلونزا الطيور، معلوم أنّ الطيور الداجنة تُصاب بالمرض وتبدو عليها أعراضه بوضوح، كالدجاج والإوز والديك الرومي.. الخ، إلا أنّ منها ما يبقى حاملاً له، أي مخزن ومستودع لفيروسH5N1) ) دون أن تظهر عليه الإصابة وأعراضها، كالبط البري.وتأتي العدوى بالنسبة للطيور الداجنة إما عن طريق الفم وهي أكثر الطرائق شيوعاً، خصوصاً إذا اختلط الطعام أو الماء بمخلفات أو إفرازات الطيور المصابة، أو عن طريق الجهاز التنفسي عبر استنشاق الهواء أو الرذاذ الملوث بالفيروسات أو إفرازات الطيور المصابة.ومن العوامل التي تساعد على انتشار عدوى المرض :- وجود مسطحات مائية.- رمي الطيور النافقة في الأراضي الزراعية وعلى جوانب الطرق.- استخدام مخلفات الطيور كسماد للأراضي الزراعية.- نقل معدات الدواجن المصابة واستخدامها للدواجن السليمة.- شاحنات نقل الطيور المُصابة ومستلزماتها.أيضاً بإمكان الكلاب والقطط أن تسهم في نقل وانتشار العدوى بنقلها للطيور النافقة للتغذي عليها من موضع لآخر.وهناك عائل آخر وسيط وهو الخنزير، فالخنزير يأكل بقايا القمامة والقاذورات ومخلفات المزارع، حتى الطيور التي تموت يأكلها هذا الحيوان، وهو ما يبدو جلياً في بعض دول جنوب شرق آسيا، فكثير ما يجمع الناس هناك بين تربية الدواجن وتربية الجنازير.فيما لا يزال المرض محصوراً في انتقاله من الطيور إلى الطيور، ومن الطيور إلى الإنسان.أما انتقال عدوى المرض من الطيور إلى الإنسان، تذكر المصادرة العلمية أنّها على وجهين :طرائق مباشرة :عبر الجهاز التنفسي باستنشاق الغبار الملوث بمخلفات وإفرازات الطيور المصابة، أو عن طريق الأغشية المخاطية للعين، وأكثر المعرضين للعدوى من هذا النوع العاملين والمخالطين للدواجن والقائمين بالتشخيص المخبري للفيروسات.طرائق غير مباشرة :بملامسة الأدوات أو الأشياء الملوثة بإفرازات ومخلفات الطيور المصابة.الأعراض المرضيةالأعراض التي تعتري الطيور بصفتها المصدر الطبيعي الناقل والمتلقي للمرض، تختلف كثيراً عن أعراض الإصابة لدى الإنسان والذي يعتبر متلقي ثانوي للإصابة، وقد حددتها معلومات الإدارة العامة للثروة الحيوانية ومعلومات وزارة الصحة العامة والسكان بشيء من التفصيل في النقاط التالية:الأعراض عند الطيور :تمتد مدة حضانة المرض من 3 - 7 أيام، ومن ثمّ تبدأ الأعراض بالظهور، إلا أنّها تشبه أعراض كثير من الأمراض، ولا يمكن الفصل والتأكد من حقيقة مسببها بالتشخيص، بل بالتحليل والفحص المخبري، وهي كالتالي :- ظهور علامات مرضية ضئيلة، كالإجهاد، انتفاش الريش، الضعف والهزال، مع انتكاس رأس الطائر إلى الأمام أو الخلف.- تدني الاستهلاك للغذاء.- انخفاض شديد في إنتاج البيض يصل إلى 50 - 70.- ازرقاق العرف والدالتان وانتفاخهما ونزيف من الأطراف.- من الممكن أن يحدث إسهال يزداد معه العطش.- صعوبة في القدرة على التنفس ومن ثمّ توقفه تماماً مفضياً إلى نفوق الطائر.الأعراض لدى الإنسان :فيروس أنفلونزا الطيور يصيب أساساً الطيور، بينما انتقاله من الطيور إلى الإنسان ثانوي، ولم يثبت إلى الآن إمكانية تحول العدوى من إنسان إلى إنسان.وتشبه الأعراض السريرية للمرض لدى الإنسان أعراض الأنفلونزا العادية، إذ أنّ من السمات الأساسية لتلك الأعراض :حمى - التهاب الحلق - سعال - تورم جفون العينين - إمساك - صداع - هبوط عام - ألم في العضلات - بول داكن.وبتطور الحالة إلى الشكل الحرج تظهر لدى المريض أعراض تنفسية حادة، كضيق التنفس والوفاة لاحقًا.وحتماً تعتمد شدة المرض وظهور الأعراض على جرعة الفيروسات المأخوذة وشدة ضراوتها، وعلى مدى مناعة وقابلية الشخص للإصابة.( يتبع )
نفلونزا الطيور فيروس يصيب البشر ولا ينتقل من إنسان لآخر
أخبار متعلقة