إب في واجهة التاريخ
نعائم خالد :إب الحاضر والمستقبل ..إب وجود يتحدى المتغيرات وتبقى الحياة متجددة في قلب اليمن البكر لكل جديد..فإب مدينة قديمة ..ورة على ربوة يطل عليها من الشرق سفح ريمان من بعدان ويفصل بين الربوة التي تقع عليها مدينة إب وسفح ريمان وادٍ ضيق تجري فيه مياه الأمطار يطلق عليه اسم (السابلة) (المرد) وقد انتشر حاليا البناء على سفح ريمان الذي تلتصق به ربوة المدينة والتي تسمى (العقبة) وإذا نظرت إلى مدينة إب القديمة المسورة من أعلى جبل بعدان يحدها على شكل مربع غير متساوي الأضلاع .تحيط بمدينة إب القديمة المسورة جبال منها جبل بعدان الشامخ الذي يطل عليها من جهة الشرق وجبل التعكر الذي يحدها من جهة الجنوب وجبل المسواد من جهة الجنوب الشرقي بين بعدان والتعكر أما من جهة الغرب فتطل المدينة القديمة على وادي ظهار الواسع الذي كان يزرع (حنطة) وخضروات وفاكهة وهناك جبل ربي وخلفه عزلة (ثوب أسفل،وثوب أعلى) ثم عزلة (انامر أعلى انامر أسفل) ثم جبل وراق وكذلك يمكن مشاهدة جبل مشورة (اسمه القديم حصن نعمان) أما من جهة الشمال فتطل على وادي الهول وهذه ميزة إب تتنوع الجبال التي تحيط بها والأجمل بان لكل واد وجبل حكاية تحكى عن أجداد وجدوا حياة في هذا المكان المميز.إب تبعد عن صنعاء (193) كم جنوبا وترتفع عن سطح البحر (2050)م تقريبا وتبعد عن تعز بحوالي 60 كم تتوسط الطريق بين صنعاء وعدن .أما اسم إب فقد اختلفت المصادر في أصل تسمية إب فقد ذكر ياقوت الحموي في مخطوطه معجم البلدان أن اسم المدينة هو أب بالفتح والتشديد كذلك قال أبو سعيد والأب هو الزرع من قوله تعالى (وفاكهة وأبا) وهي بلدة في اليمن وينسب إليها أبو محمد بن الحسن بن الفياض الهاشمي وجاء في قاموس المنجد إن معنى أب الماء والعشب وان إب هي مدينة في اليمن فيها سور قديم ومساجد أثرية ومن أغنى المناطق الزراعية في اليمن .[c1]رحلة إلى أسوار إب[/c]لم يرد هناك تفاصيل عن سور إب وأبوابها وإنما هناك إشارة في العديد من الدراسات فالرحالة الدنمركي نيبور الذي زار اليمن عام 1763م لم يهتم بوصف سور إب قدر اهتمامه بساقية الماء حيث قال إن إب تقع على مرتفع يحيط بها أسوار وأبراج والريحاني الذي زار إب عام 1922م قال في كتابه (ملوك العرب) أنها مدينة مسورة أما محمد علي صالح الصهباني الأبي وهو احد المهتمين بتاريخ إب أشار إلى أن السور كان يتوسع كلما زحف العمران وهناك آثار تدل على ذلك وآخر سور أقيم في إب هو الذي تم تجديده في عام 1120هـ في القرن الثامن عشر الميلادي والذي قام بتجديده كل من الوزيرين محسن بن علي الحبيشي الحريبي وأخيه صالح اثر هجوم قبيلة يافع على مدينة إب ونهبهم لها ومازالت بقايا الأسوار قائمة إلى أيامنا هذه والآن ندخل الأسوار من أضلاعه بوصف مصغر .[c1]ضلع نوبة الحراسة[/c]الضلع الجنوبي وهذا الركن يوجد به نوبة الحراسة ويرتبط بالضلع الشرقي ويمتد إلى الباب الجديد (باب الحكومة) ويلتقي الضلع الجنوبي بالغربي وهناك أربع نوبات أو أبراج الأولى مع بدايته والثاني في وسطه تقريبا حيث يتحدب الضلع قليلا وهو يتجه إلى نهايته عند الباب الجديد والطول لهذا الضلع المحصور في بدايته إلى نوبة بان ستيل المطلة على الشارع هي 87 متراً وعرض النوبة 12 متراً والمسافة من هذه النوبة إلى الثانية التي يتحدب عندها السور فهي 60 متراً يضاف عرض النوبة 9.40 م نجد إن مجموعها (168.40) سم /م .وهناك فتحة في الضلع الجنوبي قبل نهايته ويقال إنها كانت عبارة عن فتحة نتيجة تهدم السور وحلت محله جدران البيوت وأصبح مدخلا للعامة بعد بناء الباب الجديد الذي يسمونه (باب الحكومة ) المخصص للموظفين الحكوميين.ونقطة التقاء الضلع الجنوبي بالغربي (الباب الجديد) من سور مدينة إب والذي لم يعد له اثر سوى طريق بعرض 10 م وحددت مديرية الآثار اليمنية مكان احد مساند الباب على الأرض حيث توجد بنايات عثمانية حكومية قديمة مثل دار الحكومة يمتد أمامها السور فإذا نظرت إلى هذا الجزء من السور من خارجه فستجد خمسة مساند صخرية ضخمة مقوسة الشكل تدعم السور وتقويه وتقع تحته بقايا سمسرة تسمى سمسرة الصنعاني والسمسرة هي الخان للمسافرين أي الفندق في أيامنا هذه .[c1]أقصر أضلاع سور مدينة إب [/c]يطل الضلع الشمالي وباب الراكزة على وادي السحول ولم يبق منه الا أجزاء قليلة نتيجة تشييد البيوت ولهذا الضلع ميزة هو باب الراكزة الذي يقع على بعد 200م من الضلع انه الباب الوحيد الذي مازال قائما على رغم انه اصغر حجماً مقارنة بالأبواب الأخرى .باب الراكزة أصبح اقصر من المباني والأزقة نتيجة البناء المتراكم عبر السنين لذلك بني له من الداخل (عقبة) قصيرة ذات أربع مساطب للنزول إليه والخروج منه والبناء للباب نفس بناء باب سنبل والباب الكبير لمراعاة الجوانب الدفاعية والعسكرية عن المدينة .وان تكلمنا عن الأسوار لوجدنا الأجداد نحتوا التاريخ بقوة الجبال التي عاشوا فيها .[c1]ميزة العمارة في إب[/c]إن ميزة العمارة في إب تأخذ شكل المنازل البرجية المبنية بالحجر وهو حجر محلي من المنطقة الجبلية التي تقع فيها المدينة وللحجر ألوان رمادية ووردية أو برتقالية تشيد المنازل بناء الأساس من الحجر الجرانيت المقاوم للرطوبة ويغطى بطبقة من القضاض (النورة) ويبلغ سمك الجدران للأساس متراً واحداً وبعدها يبنى عليها الطوابق المطلوبة ومن الملاحظ ان المنازل تزخرف أبوابها والعتبات الخشبية بنقوش كتابية مثل الأدعية والإشعار وتواريخ البناء.تتكون إب من 33 حارة وهن حارة الحمام والجامع الكبير الراكزة والشمس والكاظمي وعقيل وعزب الجامع الكبير والمعطارة ودار الملك وحشملة والحمض والحاءة والنخلاني والمقري وسنبل والدجاج وميدان الجاءة وساحة الحوطة والغفران والسنى والبيحاني والمخلولة والميدان الأعلى والمدقة وباب النصر .....الخ ويتخلل هذه الحارات شوارع وأزقة ضيقة مرصوفة بالأحجار تربط بين أطراف المدينة ومراكزها الرئيسية مثل المساجد والأسواق والميادين والمدارس والمكاتب وأزقة المدينة كونها ضيقة ومتعرجة ومتقاطعة ومرصوفة بالحجارة المربعة وبعضها بشكل ممرات مسقوفة والسقوف هذه تكون مسطحة او مقباة تربط بين بيتين مثل باب الريشة وتزين نوافذ البيوت والواجهات المشربيات بيد رسام محترف ينتزع منها تعابيرها الكامنة في الأعماق .[c1]كتابات الرحالة في وصف إب[/c]يوجد فوق مدينة إب إلى جهة الشرق جبل نضر خصب اسمه جبل بعدان والخضرة لاتفارقه طول السنة بسبب كثرة مافيه من المياه والعيون وما ينزل فيه من الأمطار تزرع فيه أصناف الحبوب والبقول من قمح وشعير وذرة وعدس وفول وحمص ودخن وجلجلان وخشخاش والبصل والثوم والبطاطس والهندباء والفلفل والباذنجان ونحو ذلك ومن الفواكه الرمان والتين الشوكي والبن ومن الزهور الورد والياسمين والقرنفل وغير ذلك مما هو معروف في المناطق الباردة والحارة بسبب اعتداله وكثرة مائه.هذا من قول الثعلبي ..وقد رأينا من رأس هذا النقيل مدينة إب العظيمة زاهية عجبا ودلالا فوق الرؤوس الهضاب والتلال الراكعة تحت أقدامها وقد ازدانت هذه التلال والهضاب الكثيرة بالنباتات والأشجار فرأيت فيها الجوز والعنب والرمان والسفرجل والدراق والمشمش والاجاس والفجل والجزر والبقدونس إلى غير ذلك وقبل ان نصل إلى البلد بكيلو متر واحد تقريبا وجدنا ابن عاملها على الطريق في انتظارنا ولما اقبلنا عليه حيانا مرحبا ومهنئا بسلامة الوصول بالنيابة عن والده إسماعيل بك سلامة وبالأصالة عن نفسه فرددنا تحيته بأحسن منها وامتطى جواده وسار أمامنا إلى أن وصلنا إلى مدينة إب وقادنا حضرته إلى دار الحكومة حيث اعدوا مكانا لنزولنا )) نزيه مؤيد تقي بك العظيم الدمشقي .[c1]جبلة والصليحي[/c]والآن نحلق على أقدم المدن في إب (مدينة جبلة) سميت جبلة بهذا الاسم نسبة إلى رجل يمني يهودي كان يبيع الفخار في الموضع الذي بنيت فيه اسمه ذو جبلة تقع في في قاعدة سفح جبل التعكر في الشمال الشرقي منه ومن الجنوب الغربي من مدينة إب وترتفع عن سطح البحر بجوالي 2000م فمدينة جبلة حديثة العهد مقارنة بمدينة إب القديمة فإب بنيت في بداية عهد الصليحيين عندما بناها عبد الله محمد الصليحي سنة (458للهجرة/1066م) حين كان واليا على حصن التعكر بأمر من أخيه مؤسس الدولة الصليحية الملك علي محمد الصليحي انتهت أهميتها السياسية بانتهاء حكم الصليحيين وبعد وفاة السيدة أروى بنت احمد الصليحي عام 532 للهجرة .عند التجوال فيها ستجد العجب العجاب حيث قال فيها عبد الله بن علي الصليحي يصفها :هب النسيم فيت كالحيران [c1] *** [/c] شوقا إلى الآهلين والجيرانما مصر ما بغداد ماطبرية [c1] *** [/c] كمدينة قد حفها نهرانحدد لها شام وحب ومشرق [c1] *** [/c] وكذاك تعكرها المنيف يمانيإن آثار مدينة جبلة تتمثل بقصر الملكة أروى والجامع المجاور له والجامع الكبير الذي يحتوي ضريحها أما حصن تعكر فلم يتبق منه سوى لمدافن والبرك فان حصن تعكر عاصر حياة الملكة أروى في العيد من الحروب والحياة العملية فعاشت هناك وتوفت وكان ضريحها في حصن التعكر مدينة جبلة فهناك في جبلة الجامع الذي بنته الملكة أروى له الكثير من القصص والحكايات التي يرويها هناك الناس ..أما الأعجوبة مسبقة الملكة أروى الخشبية ذات الألف خرزة وعند خروجك من جبلة تجد على يمين الطريق جامع القبة حيث قبته كبيرة قياسا بالجوامع الأخرى وتسمى قبة الشيخ يعقوب ربما انه بناها او خل من بناها فيها قناة جميلة ويقول السكان ان النجمات السداسية الظاهرة على مايحيط بقاعدة القبة هي بفعل البناء اليهودي .[c1]حصن تعكر[/c]مبني على قمة واسعة كبيرة على أرضها أربع قمم أكبرها وأوسعها وأعلاها القمة التي عليها حصن التعكر فهي على شكل جسم مستطيل صلب يظهر واضحا من بعيد عند النظر إلى جبل التعكر من مدينة إب.قمة الحصن كانت محاطة عند قاعدتها بسور حجري له منفذ واحد من جهة الشمال مازالت بقاياه موجودة للحصن سابقا كان له سوران الأول في قاعدة القمة والثاني في أعلاها ويحيط بالحصن .وعلى قمة الحصن تنظر حولك تتراءى أمامك جبال وتلال ومراعي خضراء ترى مدينة إب تتلألأ تحت أشعة الشمس بينما ترقد مدينة جبلة في قاعدة سفح الجبل ويتراءى نظرك إلى حصن حب والقرى متناثرة وسط السفوح الخضراء والمساجد والمآذن منتشرة في قراءة محاكية جميلة .[c1]الخاتمة:[/c]إب تحاكيك أيها الزائر بكل مايخطر ببالك من حضارة وتواجد.. حياة وأناس.. عظمة في التاريخ ..أسوار وحصون ..مآذن ومساجد ومزارع..جبال وقرى ..حياة مداعبة تأتيك من بعيد وتظهر لك من قريب إب الخضراء.. إب الحضارة فمازال موجود الكثير عنها وعن حصونها ... فهي مدينة سياحية تجمع بين عبق التاريخ والمستقبل من مزيج واحد متجانس.