ليس ثمة ما هو أسوأ من أن يمتهن الإنسان الخداع، ويسوقه بين الناس، ويستثمر به طيبة الآخرين ليعيش هو على آلامهم وأوجاعهم ومعاناتهم ويكتب فوق كرسي مكتبه وبخط جميل (هذا من فضل ربي)!والأسوأ أن يفعل ذلك تحت يافطات وعناوين تدغدغ عواطف الناس وحاجتهم الطبية الماسة في الكشف والعلاج، في ما يظهر أمامهم من يافطات المستشفيات التخصصية، وعلى يد ألقاب (الدكتور) و(البروفيسور) لأناس جرى جلبهم من مواطن عدة ولاسيما الدول الآسيوية وفي مقدمتها بنجلادش والباكستان.ففي هذه ال مستشفيات أو شراك الاحتيال ـ سمها ما شئت- يقف الآدمي المحتاج بعد ان دفع دم قلبه من (الفليسات) التي يعلم الله كيف جمعها وتوصل اليها آملاً في الشفاء مسلماً نفسه لمقادير الله، لا يعلم من شأن نفسه شيئاً، فلا يدري أيقف هو أمام طبيب أم مريض نفساني؟.إنه يسأل، فلا يجد سوى همهمات، يستفسر فلا يلقى مترجماً، يجلس مع طبيبه ـ ان كان حقاً طبيباً- فلا يتوصلان إلى فهم، إلا كما يكون حال (الطرشان) فيغني كل منهما على مواله، وتكتب على ضوء ذلك وصفات، وتجرى عمليات وهات من الأكاذيب في بلاد المجاذيب، و.. (شي لله يا ابن علوان)!.وعلى ذكر ابن علوان، وما يفعله هؤلاء، وبعضهم يتظاهر بالعمل الخيري وخدمة الناس ويقوم تحت نظر الجهات المختصة بتنظيم وتنفيذ المخيمات الصحية والجراحية، ومنها جراحة العيون، فإننا نؤكد بكل ثقة في هذا المقام أن مجاذيب (ابن علوان) ربما كانوا أكثر خبرة ودراية من هؤلاء المحتالين، على الأقل في أساليب الخداع والاحتيال، إن لم يكن في معرفة فوائد الأدوية وأبسط متطلبات الجراحة.هذا الكلام لا نقوله من باب محاولة الإساءة للبعض من أهل الدعاوى التي لا تثبت في خدمة الناس ـ تقرباً إلى الله أو من باب العمل الإنساني- بل نقوله من صميم المعاناة الناتجة عن هذه الأفعال الني ينهض بها البعض، جماعات وفرادى، باسم العيادات التخصصية الخاصة او المستشفيات الخيرية او الإنسانية الخاصة.إنهم يستغلون حاجة الناس وجهلهم تحت هذه المسميات ولقد وقف هذا الموقف من أثق به، قابل (البروفيسور) فـ (جعته) و(مغلله) وطلع روحه إلى السماء ثم أعادها وأمطره خسارة وكذباً، وتهويلاً ودجلاً لا يفعله حتى سدنة (ابن علوان) ثم كتب توصيته بإجراء عملية كبرى لاستئصال الداء.وبعد شهرين عاد، وجاء بالمال، وأعيد الفحص على يد بروفيسور آخر، فأوصى بعملية أصغر من الأولى وكلفة مقاربة .. تساءل المريض.. فرد عليه مدير المستشفى إن البروفيسور الأول قد تم الاستغناء عنه.ومن خلال الحديث فهم المريض ان الطبيب الأول ليس إلا طبيباً متخرجاً فلا هو بروفيسور ولا يحزنون، بل هو على الأرجح مريض نفسانياً، ولا يصلح لشيء فضلاً عن أن يكون طبيباً يتعامل مع البشر.وكم من البروفيسورات يتولون العمل في أكبر مستشفيات البلاد لا يصلحون حتى لمعالجة الحيوانات، قول تجربة ومعاناة، لا مقالة ناقل.هذه التجارب كادت تودي بحياة رجال ونساء - ومنهم كاتب هذه السطور مرات عدة.. لا مرة ولا مرتين.. واستنزفت الجيوب فأغرقت الناس بالدين .. وألحقت الأضرار بكثير من البشر، بل وأودت بحياة الكثيرين وأصابت غيرهم بالفاقة والإعاقة وانقطاع القدرة والطاقة.. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.وقد لا تصدقون أن أحدهم أجريت له عملية كبرى فلما ذهب إلى طبيب آخر ليطمئن على سلامة عمل الطبيب الأول، بادره الطبيب الثاني متسائلاً في هذا الحوار:ـ لماذا قطعوا بطنك هكذا؟ـ استأصلوا مرضاً خبيثاً و...ـ لا شيء من ذلك.. انه مجرد قطع عميق.. ثم خياطة رديئة لا اهتمام فيها!.تصوروا هذا نقل أمين لأعمال كثيرة لا أمانة فيها تتم دون محاسبة.. ودون قوانين تضمن التحقيق العادل .. فالطبيب يدافع عن الطبيب.. والمريض ليس له إلا الله.. ويا فصيح لمن تصيح؟!.فمن يحمينا من المحتالين؟! ومن يقطع دابر الدجالين؟! ومن يحمي المرضى والمساكين؟!.
أخبار متعلقة