الكفاءة صفة لامعة في شخص صاحبها ، لا يحجبها شيء .. وهي تمتلك قدرة فائقة على تحقيق النجاح المنشود ، والإبداع الفائق في المهمة المحددة لها!وهي شهادة تقوم بنفسها ، لا تحتاج إلى تعديل شهود ، أو توثيق أهل الجرح والتعديل "!" . وقد يكتشفها القائد الحصيف في بعض أعوانه ومساعديه ، ومثال ذلك قوله "صلى الله عليه وسلم" ، عندما أمر أبابكر أن يصلي بالناس في مرض موته ، وعارض اختياره هذا بعض نسائه "صلى الله عليه وسلم" فرد على اعتراضهن بقوله: " يأبى الله والمؤمنون إلا أبابكر" ! .وقد يعلن عنها صاحبها بنفسه ، ومثاله قول نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ للملك العزيز: " اجعلني على خزائن الأرض .. إني حفيظ عليم".والكفاءة قدرة عجيبة بذاتها .. تأبى مداهنة الباطل! ولا تقبل معه وساطة السفهاء البتة "!!" .. وهي تنكفئ بنفسها عند تجاهلها كلؤلؤة تحتفظ بقيمتها ما بقيت! .. فهي عنصر النجاح الأول! .. كما إن العجز عنصر الفشل الأول! . وعندما يحتضن "الفساد" العجز وأصحابه ويقدمونه على الكفاءة ورجالها ، فإن الخسارة والبوار هي نهاية هذا المسعى المترهل .. وما أروع ما حكى لنا التاريخ ، أن الخليفة العباسي "المعتضد" كان شخصاً غير مؤهل للخلافة والقيادة .. وكان أخوه المدعو أحمد الموفق هو الذي يستبد بجميع أمور الملك ، وهو الحاكم الفعلي للدولة العباسية في عهد الانحطاط !وتجلى عجز المعتضد للأعمى والناظر ، والنائم والساهر ، حتى احتاج يوماً مبلغ "300" دينار فلم يعطوه إياها "!!" فأنشد يسخر من نفسه ويقول:أليس من العجائب أن مثلي يرى ما قل ممتنعاً عليه!وتؤخذ باسمه الدنيا جميعاوما من ذاك شيء في يديه!إليه تحمل الأموال طراًويمنع بعض ما يجبى إليه!وأعجب ما في هذه الأبيات وصفه لنفسه بقوله :" وما من ذاك شيء في يديه " .. وهو المعنى الذي تعبر عنه العامة بقولها البسيط "كوز في طاقة" أي ليس له دور غير الظهور فحسب .وهكذا عزيزي القارئ الكريم ! تتبدى لنا سيادة الكفاءة وسموها فوق ما سواها من خرط القتاد !!ولذلك قال رسول صلى الله عليه وسلم ـ لما سأله الصحابي أبو ذر الغفاري ـ رضي الله عنهـ أن يوليه على بعض الأعمال : يا أبا ذر، إنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها ". إنها إذن أصح المعايير في استقراء علل البؤس والسعادة في عوارض التاريخ !! .وإذا كان النجاح من ثمار الكفاءة ،، فإن لهذا النجاح أعداء موتورون ، يشبهون تماماً قطاع الطرق وكلابها النباحة !فقطاع الطرق ، لصوص مجرمون ، وأهل حرابه كما يسميهم شرعنا الشريف .. فهم لا يعترضون الحمير المحملة بالحطب .. ولا الجمال التائهة في الصحراء ! .. وإنما يتحرون القوافل المحملة بالغالي والنفيس ، لنهبها والاستمتاع بها لأنفسهم "!" .. والكلاب النباحة لا تستفز الأشباح "!" .. ولا تطارد الغبار .. ولكنها تدرك بغيتها عند تحدي الرجال للظلام والوحدة "!!" لذلك ، كانت طريق النجاح طويلة وشاقة .. موعورة بالكوابح البشرية (!!).. ومنشورة فيها نوابح الكلاب الوحشية "!!" كي ترد ما استطاعت أن تراه من سعاة الناجحين على أدبارهم خائبين .. عساها أن تبش وتهش فرحاً وسروراً بتقهقر السير في طريق النجاح!!والعصامي من الناس هو الذي يعتز بقدراته غير ناظر إلى "عكازات" الآخرين المعروضة لمساعدته بعض الشيء يتمثل دائماً قول القائل :" إذا عظم المطلوب قل المساعد ".وأعداء النجاح حرب قديم ، قدم الإنسان .. إنهم حزب المعوقين والمتربصين ، وهي تسمية القرآن الكريم لهم وهو يصفهم كي يحذرهم المؤمنون فلا يعبؤون بهم .. قال الله تعالى يحكي سوء فعالهم: (( قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ، ولا يأتون البأس إلا قليلاً )) إنهم قوم تجدهم في كل منعطفات الزمان خزايا وخائبين!! وقد ذمهم الله في أحلى روائع البيان فقال: (( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً )) .والنجاح الرائد ، هو الذي يتركه صاحبه دراً منشوراً في الزمان يتجمع في ميادينه الخاصة ، آية شاهدة لكل الذين احتسبوه بإيمان وصنعوه بإتقان !وأعداء النجاح ، هم أعداء الحق ، وأعداء الضمير الحي ، ليس لهم مضرب صدق في الأشباه والأمثال ، كمثل الكلاب المسعورة !! .. فأنسب مكان تتجمع فيه ، وتعرض وظيفتها هو دروب السائرين .. فإنه يغيظها ، ويستجيش هياجها كل سائر إلى الدرب وصل "!" .. فتطلق نباحها ، فلما ترى أنه لم ينفع شيئاً تبلع حنقها بعد أن يبح نباحها ، ان تحمل عليها تلهث ، أو تتركها تلهث كما قال الله تعالى !! . ولله در القائل : على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم .
|
رمضانيات
النباح في طريق النجاح !!
أخبار متعلقة