أنتِ أيّتها الطالعة من وسط ضياء الشمس على السواحل في زمن الوحدة الحبلى بالآمال الخضراء والأشواق الحرّى ..المتدثرة بالتعب المكابر.. الحاملة قلباً أخضر نحسبه بعضاً من النقاء في زمنٍ يصارع التلوث والتوتر والفساد.أنتِ أيّتها المتوهجة بنار الرغبة المسافرة إلى مدائن الأحلام الكبرى.. والاختيارات العظمى.. الزاحفة إلى عوالم الدهشة وأزمنة التحولات الوحدوية الجسورة .إنني انحاز إليك راضيا ً مرضياً .. وأعلن على رؤوس الأشهاد : أنّكِ الإنتماء مهما كان حصارك ، وأنّك الفرح مهما أشتدت أوجاعك.. وأنّك الوعد مهما ارتعشت أعاصيرك.وأنا .. من أنا ؟قد أكون واحدًا من الذين هامَ بهم الاقتفاء الطويل على صراطك المثقل بالآلام والمواجع.. واستهاموا ببروق مزنك الحبلى بالغيوث.وقد أكون واحدًا من الذين أرهقتهم الأشواق ، فاستعجلوا الوقت كيما يتوارى عنهم حصار الزمان والمكان .أنا إذن عاشق ملتاع ، ومشتاق متوتر.. وبين لوعة العشق ، وحرارة الشوق.. أمضي إليك وتأتين إليّ .. وعندما التقيك ، يتعمق اختياري لوجهك الذي استعاد بهاءه.. ويقوى انحيازي إلى عينيك المتوحدتين بإشراقات الوعد والتجدد.قولي لمن سرقوا منك الأحلام في زمن أغبر مضى.. ولمن يريد أن ينزع عنك الخصوبة في زمن العطاء .. هو ذا طريقنا الذي لا تبدو له نهاية مهما كانت تعرجاته والتواءاته.. هو ذا إصرارنا الباقي بعد أن نفضنا عنه غبار الأسفار ، وأزحنا من طريقه حواجز الإستلاب ، ورفعناه فوق هامات الإحتمال.هوذا اختيارنا الذي لا رجعة عنه ، ولا اغتراب فيه ولا مساومة به.. فلنرفع عاليا ً صوتنا الأبقى ، واحتمالنا الأقوى.. ولنواصل معاً بداياتنا الراحلة بثبات صوب ذرى التاريخ الجديد في كل وصال يأتي ويتجدد . عندما أهفو إليك ، أشعر وكأنني أمارس خبرة الذين كنت في حضورهم الحلم.. وكانوا التجربة في أشواقهم إليك.. وأحس بأنّ لهم دبيباً في العظام.. وامتلاء في الوجدان.. وحضوراً في ذاكرة الزمان والمكان.وحينما ينتفض الوقت معلناً وصول ربان سفينتك الجديدة التي تقاوم الرياح والأنواء.. يمتد مخاضك المعطاء مستحضراً خبرة كل الحالمين ، وأوجاع كل العشاق ، وهموم كل المسافرين.أما ترين ـ والحال كذلك ـ ان ربـّانك المتميز ليس وحيدا ؟وأنت.. لست وحيدة أيضًا.. فما من حلمٍ إلا وكان لك فيه موكب بين المنازل والشوارع والورى.. وما من أثرٍ تتركينه في حضور اليقظة ، إلا وصار بريقًا في العيون ، وأغاني على الشفاه، ونقوشًا في القلوب ، وإصراراً على ممارسة الانتماء.هكذا أنتِ .. نهر يتسع في لجة العشق.. وتيارٌ باردٌ يمتدُ بين الجراح.. وضوء يتسامق فوق الرياح.. وطفولة توزع البراءة بعد رحيل الليل الذي حاول إغتيالها .هكذا أنتِ.. حرية كالحلم ، كالفضاء.. حياة كالخبز، كالعشق ، كالمعتقد.. وشاهدٌ كالأفق ، كالوطن.ولأنّك كذلك.. فإننا نحيا بالانحياز إليك.. ونزداد توحداً بظلال طيوفك الثرة ، وأنفاسك الحرّى.ولأنّك كذلك.. فنحن لا نخاف الخوف.. ولا ننبهر بلمعان الصولجانات ، ولا نضعف أمام طلول الجراح.وفي كل عام جديد يطل علينا في زمانك الوحدوي الجديد.. تكون دهشتنا أكثر خصوبة .. ويولد لقاؤنا أكثر تجدداً.. وأقوى انتماء وأجمل وصالاً.عن صحيفة/ «26سبتمبر»
عدن 2006
أخبار متعلقة