دبي / متابعات - عادل خدشي:ينبغي للاقتصاد العالمي تصميم هيكلية جديدة من أسواق المال المترابطة بما يؤسس نموذج “شبكة عنكبوتية” ستكون أكثر استقراراً واستدامة من نموذج “المحور والأشعة” الذي هيمن حتى الآن على النظام المالي العالمي وأدى إلى نشوء مخاطر شاملة. جاء ذلك في كلمة الدكتور ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي، خلال إحدى جلسات منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.وقال الدكتور السعيدي في جلسة حوار رئيسية خلال منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا انعقدت تحت عنوان “الاتجاه المقبل لأسواق المال في المنطقة”: “في عام 1976، كان مركز الثقل الاقتصادي للعالم يقع تقريباً بين لندن ونيويورك، لكن خلال الأعوام الثلاثين، انتقل هذا المركز شرقاً وهو اليوم يقع بين دبي وشنغهاي”. وأضاف الدكتور السعيدي أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستسهم في إلغاء نموذج “المحور والأشعة”، الذي كان يقوم على محوري لندن ونيويورك، وفي حفز الانتقال إلى نموذج شبكة عنكبوتية متعددة المراكز.وأوضح أنه بدلاً عن وجود عدد صغير من المراكز المالية التي تقوم بدور الوسيط وتتحكم بتوزيع كافة المدخرات العالمية، فإن نموذج “شبكة العنكبوت” سيتكون من العديد من المراكز المالية في مختلف أنحاء العالم، مثل النماذج الناجحة لكل من دبي ومومباي وشانجهاي، والتي تمتلك أسواقاً عميقة وبنية تنظيمية متطورة بما يتيح لها استيعاب رأس المال الفائض من مناطقها وغيرها من باقي أنحاء العالم. ومن شأن مثل هذا النموذج أن يحول دون تراكم كميات هائلة من الأموال والمدخرات في مركز واحد أو اثنين. وينبغي على بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية التركيز على الاستثمار في تحسين قدراتها في مجال الخدمات المالية من أجل أن تتمكن من إدارة ثرواتها سريعة النمو والتحكم بها محلياً، ويقدم مركز دبي المالي العالمي نموذجاً مثالياً عن هذا التطور”. ولفت الدكتور السعيدي إلى أن الخارطة الاقتصادية الجديدة تنعكس في نشوء أسواق مالية جديدة في مختلف أنحاء العالم. وفي حين كانت الولايات المتحدة في عام 1999 تمثل نحو 46 % من أسواق المال العالمية، فإن حصتها انخفضت في عام 2009 إلى 28 %. وبالمقابل، فقد عززت الأسواق الناشئة حصتها من أسواق المال العالمية من 8 % في عام 1999 إلى 32 % في عام 2009، بينما ارتفعت حصة اقتصادات بلدان “BRIC” (البرازيل وروسيا والهند والصين) من 2 % في عام 1999 إلى 19 % في عام 2009. أما بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد عززت حصتها من 0.3 % إلى 1.2 % خلال المدة ذاتها. كما شدد الدكتور السعيدي على الضرورة الحيوية لتطوير أسواق للديون بالعملة المحلية في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقال: “سيسهم وجود أسواق دين فاعلة في الحد من الاعتماد على التمويل من قبل المصارف، لاسيما في هذه المرحلة التي يسعى خلالها القطاع المصرفي إلى تعزيز ملاءتها المالية وتزويد الحكومات بمصدر للتمويل بديل عن العائدات المتقلبة، فضلاً عن الحد من المخاطر المالية ومخاطر الاقتصاد الكلي الناجمة عن تقلبات أسعار الطاقة”. وإلى جانب الدكتور السعيدي، شارك في جلسة الحوار الرئيسية كل من إيفور دنبار، رئيس مشارك - أسواق المال العالمية لدى “دويتشه بنك”؛ وسمير الأنصاري، الرئيس التنفيذي لـ “شعاع كابيتال”. وشدد جميع المتحدثين على أهمية تطوير البنية التحتية للأسواق من أجل حفز نمو أسواق المال.وفي معرض حديثه حول الاكتتابات الأولية العامة في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أعلن سمير الأنصاري، عن عملية اكتتاب أولي عام لـ “شعاع كابيتال” في أبوظبي خلال المستقبل القريب. وقال الأنصاري: “إن استقطاب مزيد من المؤسسات الاستثمارية التي تحرك أسواق المال، يتطلب تحسين الأطر التنظيمية وغيرها من جوانب البنية التحتية للأسواق بما يسهم في الارتقاء بمعايير الشفافية وحوكمة الشركات”. وكان منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا قد بدأ بالأمس بمأدبة عشاء ترحيبية تخللتها كلمة مهمة ألقاها سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي رئيس مطارات دبي والرئيس الأعلى لطيران الإمارات والمجموعة. وأعقب ذلك حوار رئيسي شارك فيه عارف مسعود نقفي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج كابيتال؛ ويورجن فيتشن، عضو مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية لمجموعة دويتشه بنك.يذكر أن منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا يركز على مناقشة الفرص والتحديات التي تواجه المنطقة في العقد المقبل. ويشارك في المنتدى، الذي ينظمه مركز دبي المالي العالمي، 250 مدعواً من كبار المسؤولين في المصارف والمؤسسات المالية الإقليمية والعالمية، وممثلين عن الهيئات التنظيمية، وكبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات. وينعقد المنتدى بالشراكة مع “أبراج كابيتال” و”دويتشه بنك”، وبدعم من “باركليز” و”جولدمان ساكس” و”شعاع كابيتال”. ويهدف الحدث الذي أقيم يومي 23 و24 مايو الجاري تحت عنوان “تمويل العقد المقبل من النمو” إلى مناقشة الفرص والتحديات التي تواجه المنطقة في العقد المقبل.