بيت الفن في مأرب
استطلاع / مأرب/ عبد السلام السامعي / تصوير :محمد سالم الجداسي مع تفاقم خطر العولمة تجد الثقافات جملة من التحديات الغاشمة جراء عولمة ثقافة الأقوى.. ويجد المثقفون أنفسهم في المقدمة أمام حرب ضروس.ثقافة بحجم العربية بجذورها الدينية والتاريخية العريقة، لن يكون الصدام معها سهلاً .. ولا وقت.. توحيد الرؤي المتنافرة، صار واجباً وطنياً، ووزارة الثقافة هي المعنية بقيادة المسيرة الثقافية الراهنة، والمسؤولة على لملمة الرؤى الوطنية وحشدها أمام تلك التحديات..[c1]المهمة صعبة .. والوطن لايتحمل[/c]المثقف ووزارة الثقافة من يقع عليها كامل المسئولية التاريخية.. وقبل ذلك نشر الوعي الوطني وتأصيل الثقافة الوطنية .. إقامة المشروعات الثقافية وتفعيلها في المحافظات والمديريات. أول سبيل لغرس وتأصيل ثقافة الانتماء الوطني للمواطن.[c1]لفت نظر[/c] إن كنت قادماً من أعماق الصحراء أو كنت نازلاً من الجبل وأنت تمد خطواتك الاولى لتدخل سوق القات في مأرب. تجد شيئا ما يفاجئك يستوقفك يستدعيك للتأمل. أو حتى لإثارة الفضول...إن كنت قارئا فعليك أن تفك الرموز.. وإن كنت أميا قد لا تسلم من التفاتة ما "يمنة أو يسرة " بدهشة بخجل قليل أو حتى بازدراء لا يهم المهم أن تتعرف أن تسأل " ويش هذا؟ حمد حمد وايش تاك المصيبة المعلقة الله يصيبها" اسأل بما شئت كيفما شئت بأية لغة بأية لهجة أيضا لا يهم الأهم من هذا كله أن تجد في قلب الزحام و في انشغال جشع بائعي القات ب " الموالعة اللوكين" من يرد عليك ويفك لك الرموز المطلسمة وعقدة الحروف المعلقة فوق المنزل الصغير الرابض خلف اسوار سوق القات. تجد من يجيبك قائلا:[c1]هذا بيت الفن التشكيلي.[/c] صدق أولا تصدق أنت حقاً في مأرب وهذا هو بيت الفن التشكيلي لم يعد هناك مستحيلا من اليوم فصاعدا يمكنك التعود على مثل هذه المسميات وهي قادمة إليك من بعد غيابها الطويل في أدغال الحرمان التردد ممنوع التلعثم أيضا مرفوض فعندما تغازلك لوحة فنية كهذه أو على الأقل يدهشك اللون اسأل استفسر وقل شيئاً وتمهل إن كنت من ذوي الشطحات فالشطح يستجلب عليك سخرية الآخرين وقهقاتهم فتشعر بمزيد من الإحباط وعدم قدرتك على الارتفاع 100 درجة للالتحاق بثقافة الآخرين.وإذا كان الرفض للجديد عادة اجتماعية عن جهل أو قصر فهم فذلك ضريبة يجدر بنا تحملها حتى تنقشع ضبابية الجهل وما عليك إلا أن تبتسم لهذه الصرخة التي استقبل بها بيت الفن في مأرب ممن فاته التعلق " بهايل التعليم" " الراح ابو صالح الراح " يعني هيا نمشي " والله إتجمع الشينة و أم القرائن سوق القات وبيت الرقص والغناء " فليس عيبا أن يقتصر مفهوم "الفن" في ذهن المواطن فقط على " الرقص والغناء" حرص المواطن على معتقداته وتقاليده يحسب إيجابا له ويبقى دورنا قائما في توسيع مداركه لكل ما هو جيد وإخطاره بما هو سلبي.. ولكن الحقيقة التي نأسف عليها من عمق الفؤاد أن يظل فينا الكثير ممن لا يفك رموز الأبجدية " ولا محو أمية " في عصر الحاسبات من هذا وذاك أن يكون فينا متعلم لا يفقه ولا يتذوق الجمال.وإذا كان هذا البيت الصغير في تواضع حجمه الصغبر الكبير بالقيمة والأهمية قد لا يرضى غرورنا كمثقفين إلا أن مجرد الدخول إليه يشعرك بارتقاء الذوق والفكر معاً الجدار أو من اعماق فكرة سريالية تنقلك إلى ما وراء اللاوعي فكن متذوقا إذن تنال والمعفر بالهموم والعواطف الرملية.. وتصحر أودية الرؤى ويبقى التذوق فن كما يقال وتحديد مكامن الجمال فن ايضا وإدراك " الابعاد العمق الظل" كل هذه الفنون يمكن أن تتعلمها فقط في بيت الفن وليس في مكان آخر أما السفر عب الروائع فمتعة نفسية يحلو انبساطها بين استبطان الذات وتشريح درجات الخيال وكما تنوعت الأفكار واختلفت المدراس اللونية كان انصياع الجدار أكثر لتناسق المتناقض أو تنافر المتآلف "الدمعة الابتسامة الحركة السكون..." الكثير مما يثبت لنا براعة ريشة الفنان وعميق نظراته أما أنت المتصفح لانسيابية الرؤى في منتجع اللون فالشعور بالإرتياح يجيزلك مخاطبة الزهور واستيقاف الظل حتى لا يفوتك التفيؤ الوجداني قبيل العودة إلى عالمك الكئيب محملا برؤي جديدة لفهم الحياة والتغلب على أنماطها الرتيبة [c1]نصيحة[/c]لا أحد يولد متعلما، وليس هناك توقيت زمني أو مكاني للتعلم بإمكانك التزود والدخول من جديد إلى عالم المعرفة الممتع عبر الثقافة ويبقى التواضع وتهذيب الصفات مفتاحك الأول للمعرفة.ولكن تدون اسمك وتوقيعك في دفتر الزوار عليك بدحرجة الفيروس الكسل واللامبالاة وكسر حاجز التردد وحذار حذار من "قلفدة " اللوحات!! فذلك عيب حضاري.. وإن كنت تعشق الارتقاء في أنظار الآخرين وترغب بدخول السحب اليومي لأعلى شهادات التقدير فعليك بحراسة مفاتن اللوحة والحرص عليها من شرور قلمك المشاكس وخربشات توقيعك الجميل على اللوحة فذلك نزف طفولي يعري اللوحة من قيمها الفنية والجمالية.[c1]حوار[/c] في إطار زيارتنا لبيت الفن التشكيلي كان لنا لقاء قصير مع الاستاذ/ محمد علي حيدر الامير مدير عام مكتب الثقافة بالمحافظة .. كان أكثر سرورا بنا ظل الرجل يوسع لنا الترحاب بهدوئه المعهود ويمر بنا في أروقة البيت لوحة لوحة وكلما انتهى القاضي من شرح لوحة واقعية ينطلق بنا خالد إلى آفاق لوحاته السريالية على متن أجنحة الفكرة المارقة وتمرد الألوان.وإن كنا قد توقفنا عند زاوية ما تملانا الدهشة في معقل صغير لمقامات اللون إلا أن الاستاذ/ محمد علي الأمير مايزال يكرر الترحاب ولم يفتر من الإشادة بموقف الأخ/ المحافظ الاستاذ/ عارف عوض الزوكا محافظ المحافظة والشكر للاخ / وزير الثقافة الأسبق الاستاذ/ خالد الرويشان اللذان كان لهما دوراً بارزا في تأسيس بيت الفن وتذليل الصعوبات الممتدة أمام الأخ/ المدير العام مابين صنعاء ومأرب.الحديث مع الأستاذ ممتع ولكن همومه جمه تحتاج إلى رعاية أكثر من قبل الأخوة محافظ المحافظة والأخ / وزير الثقافة الحالي الأستاذ / أبو بكر المفلحي والذي نعتبره خير خلف لخير سلف ورغم تقليب همومه لم يئس ذكر العديد ممن كان الفضل في دعم فكرة الأخ/ الوزير بإنشاء بيت للفن التشكيلي في مأرب.نحن لا نستطيع أن نحصى هؤلاء الذين استطاعوا إلى جانبه جلب أكثر من (25) فنانا تشكيليا من أدغال وقفار المديريات في المحافظة من أجل تبنى مواهبهم التي نشاهد نماذجها الأولى على الجدران وإن كانت بسيطة من حيث القيمة والدلالة إلا أنها بذرة صغيرة وإرهاص عتيق لثورة إبداعية نأملها في المستقبل الوطن على يد هؤلاء الأشبال. وأمام لوحة فنية متواضعة في الزاوية المجاورة كان لي أن أشاهد بريقا آخرا من السعادة يشع من وجة الاستاذ/ منصور أحمد على أحد القائمين على تأسيس بيت الفن والذي كان له ايضا دورا مهما في انجاح المشروع وعند التفاتي إليه قال: إن سعادته الغامرة منقطعة النظير بتأسيس هذا المنجز الخاص برعاية التشكيليين في المحافظة من اجل مدهم بالمساعدات ومزيد من الخبرات والمهارات المختلفة لصقل مواهبهم وكذلك إقامة معارض خاصة بهم في اوقات مناسبة ومدروسة وقال: نحن نشكر كل الجهود التي بذلت واشكر على وجه الخصوص جهود كل من الأخ/ وزير الثقافة الاسبق/ خالد الرويشان والأخ / محافظ المحافظة / عارف عوض الزوكا وكذلك جهود الأستاذ / محمد علي حيدر الأمير مدير عام مكتب الثقافة وحول سؤالنا عن رؤية الأستاذ منصور واستشرافه لمستقبل الثقافة في المحافظة أجاب قائلا: تنفيذ هذا المشروع " بيت الفن" ما هو الا بارقة أمل لسلسة من المشاريع الثقافية التي تحتاجها المحافظة وقال: أنا شخصيا سأبذل المزيد من الجهود الي جانب جهود المدير العام والاخ/ المحافظ على رعاية الاخوة المثقفين من أجل القيام بدور هم في نشر الفكر الوطني والتوعوي لما فيه مصلحة الوطن بعيداً عن أي اعتبارات اخرى وفي ختام هذا اللقاء كنت اختزل سؤالي الاخير للاستاذ/ محمد علي حيدر الأمير هل من كلمة تود قولها في هذه المناسبة؟ فأجاب: انتهينا من تجهيز البيت ونحن بانتظار افتتاحه من قبل الأخ/ الوزير.. هناك كلام كثير ولكن أهمية التعبير عن ارتياحنا وسرورنا بهذا المنجز شيئ آخر فليس هناك شيئ اجمل من امتزاج الالوان على كثبان الرمال في شكل لوحة فنية ..قد لا تستطيع أنت ولا أنا ولا احد ربما أن نتخيل جمال مشهد كهذا وماكنا نتوقعه أو نحلم به يوماً في مأرب ولكن بفضل الله وبفضل إرادة الوزير المعجزة الذي يعشق اللون. ويمتلك ذائقة رائعة تصل حد التجلي أمام اللوحة أصبح الحلم حقيقة وانتصرت اللوحة التشكيلية على كل الفنون في هذا المنزل.الكلمات الأخيرة للاستاذ كان لها رنين آخر في رسي.. ولكن.. هل حقا انتصرت اللوحة على كل الفنون؟ واعتصر في ذاتي واعتصر في ذاتي سؤال آخر لم ابح به لماذا لا ترقي الفنون الأخرى حد اللوحة؟ تركت السؤال حائرا وقلت مباركا للأستاذ.من حقكم أن تسعدوا يا أستاذ وأنا أبارك لكم هذا النجاح.. وقد تمنيت هنا في بيت الفن أن أكون فناناً إلا أني شاعر لا أستطيع التحرر من شاعريتي ولو لا شيطان الشعر أخاف أن يمثل بي في وادي عبقر لقلت: لتذهب دواويني الشعرية الأربعة ورواياتي الثلاث إلى الجحيم لأنها لم تكن بحجم لوحة ولم تجد إلى الآن وزيرا معجزة ينتشلها من الادراج مثلما انتشلت اللوحة التشكيلية من الغرف في قلب الرمال المتحركة.بادر الاستاذ ضاحكا لهذا القول وضحك الجميع وصار كل منهم يدلوا بدلوه وإذ بالأستاذ ينظر إلى مرة أخرى قائلا: أعرف أنك من مثقفينا وأن لك مجموعة من المؤلفات التي يجب أن ترى النور ولكن اعدك بالتحدث مع الأخ الوزير الجديد الذي نتوسم منه حل مشكلة مؤلفاتك.. في الوقت القريب إن شاء الله مثل هذه المعوقات تعتبر مشكلة تواجه من المبدعين من أبناء المحافظة حتى الآن.يبدو أن الأخوة في مكتب الثقافة يتهيأون لدور أفضل للتغلب على جملة من المفاهيم التي تحيط بنا ويسعون للتخلص من الضبابية التي كانت تغطي الأفق الثقافي في الفترة الماضية ولكن هل ستمكنهم الظروف من تحقيق هذه التطلعات إلى واقع؟هل يمكنهم تفعيل "الصباحيات ، الندوات، واقامة المهرجانات"؟هل يمكنهم حل مشكلة مشروع المكتبة العامة المتأرجحة منذ سنوات بين محوري السلطة المحلية والوزارة؟أم يمكنهم حل مشكلة المركز الثقافي المؤجر حاليا لاحد المستثمرين والذي لم يفي بالتزاماته؟هموم جمة وعقبات محبطة تقع على عاتق الاستاذ/ محمد علي حيدر مدير عام مكتب الثقافة والضحية في الأول والأخير مستقبل المحافظة الثقافي.ويبقى السؤال والقضية والحال والحل بانتظار دور" المحافظة والوزارة والسلطة المحلية" [c1]كلمة مرة[/c]لا تجد إنسانا إلا واقترن حاله بالمعاناة، متخم بالألم بالتشظي بالاعتصار بالمرارة إلا أن المعاناة في ذاكرة الفنان رحلة قاتلة من الإخفاقات ونتوء الإنجازات بين ثالوث "الألم ، الواقع، الطموح" العبور عليها جناية لا تغتفر.. في مجتمعاتنا ويبقى التنطط على خناجر الاعراف واتقاد الظروف لعبة خطرة يتمزق فوق شفراتها المبدع ويندفن تحتها الإبداع .ماكنا نتصور تجمع بيت الفن أكثر من 25 فناناً تشكليليا في مأرب بينهم فنانتان حثوا الخطى محملين بأحزمة المعاناة وأثقال الدهر " الألم والجراح " قصص وأحداث " .. وهموم لاتطاق .. إلا أنهم يتزودون بخيط رفيع من الأمل.الوجوه المشوية الأيادي والاقدام المشققة بفعل حرارة الصحراء ما تظن في اعماقها نبوغ يشهق للنجاة! ما تظن وراءها شبق صحراوي.. لاكتمال عناصر اللوحة إلا أنهم قدموا إلينا بروئ جديدة للواقع والحياة تفوح منها روائح في الصحراء "الشظف – حباة التنقل – البساطة" معمدة بطقوس الانتماء لاتكاد تخلو لوحة من ابتهال ولا لون إلا مفعم بالحيرة القاتلة في أعماق الكثبان. إنهم ينقلون إلينا حياة الصحراء والجبل بحرها ببردها بالدموع المقالب لا تحصى، ولازمات لا تعد الذاكرة متخمة ولكن أية ذاكرة يحملون هؤلاء؟ إنها ذاكرة الفنان الناقد الساخر الحالم المتطلع المبدع المحروق والمذبوح أولا وأخيرا بكل ما يحيط به. وللبداية ذاكرة حزينة قبل أن يكون للواقع مخالب من حديد تخمش قلب وهو عاجز عن اللحاق بالهروب...للخطوط على الرمال وقع دافئ ممزوج بروائح الضأن وأصوات الغنم في صحراء الطفولة ولأن تمرد ذات الفنان ثورة رافضة للواقع ما نزال نجهلها نمقتها ونزدري الفنان..وهي في الحقيقة معقل الإبداع يظل الفنان منذ الصغر مشاكساًَ متمرداً على العرف والتقاليد والحياة والروتين اليومي والممل يمقت السكون ويرفض القيد ويعشق دوما الحرية والانطلاق إلى الافق البعيد ولكننا مع الاسف نقتل هذه الذات ولا نشعر بارتكاب الجريمة البشعة.لو كان الأب يعي معنى الفن لما بالغ في تأديب صغيرة الموهوب وقام بحرق يده بالنار لانه قام يرسم الورقة النقدية على الورقة البيضاء خوفا من يحترف صغيرة التزوير كما رأى.ولكن إذا ما انطفا النور في اعماق الفنان ماذا نتوقع منه؟ لا شيئ لن يعيش الفنان إذا ما اطفانا سراجه فالنتجة الحتمية هي الموت والموت الحقيقي ارحم من موت الفنان. موت الفنان كارثه يتجرعها يدفع الاخر معه ثمنها إذا ما اعتراه الجنون المرض الاكتئاب او ..او..ونعود نتحسر قائلين: كان .. وكان لان الروح الإبداعية ترفض الاستسلام للقيد والعيش كما يرى وكيفما يشاء الآخر...ونحن نغتال أبناءنا كل يوم بالضرب بالطرد بالشتم بالتأنيب بكل أشكال القسوة ولو أودعنا في أعماقهم رصاصة لكان أرحم.كل ذلك لأنهم يخالفونا الرؤى المنظور الأسلوب الاتجاه ولاندري أنهم يسعون إلى ايجاد نمط آخر للحياة بخرقهم المألوف ويتطلعون لتكوين شخصياتهم المستقلة أولا والقادرة على الوصول إلى الهدف ولذلك يلجاون إلى السلوك المغاير الرافض للتغيير عما لا يستطيعون التعبير عنه سرا وعلانية ولن يقف أمام تحقيق رغباتهم الا الموت.[c1]حوار مع أهل الفن[/c]يقول عبد الله القاضي.. الفنان الذي ا صبح اليوم مديرا لبيت الفن في مأرب رجعت ذات يوم إلى أهلي باكيا بنصف أعداد الغنم يوم وجدت في رمال الصحراء متسعا لإشباع رغبة الرسم الممتعة على نكهة أصوات الصحراء وأصوات الغنم وعندما اشبعتني الشخبطات على الجدران بالفحم ضربا ملات السبورة سخطا كاد يحرمني نعمة التعليم وبين عواصف التهديد وزوابع الوعيد مارست هواياتي لاحترف بعد ذلك في الثانوية مهنة الخط في الحارة واتمرد علي الميكانيكا في جامعة الموصل قدر المستطاع ووجدت في "قلفدة" الأدوات في ورش الرسامين والخطاطين مدخلا لاكتساب الجزء المفقود في الذات المشاكسة.اكتسبت العضوية في جمعية الخطاطين العراقيين.. هناك قابلت الخطاط العراقي المشهور "يوسف / النون" لكن النزق ظل قائما هناك شيء لم يكتمل ..فشاركت الموروث الشعبي اليمني في جامعة الموصل وترأست اللجنة الموحدة للطلاب العرب بكلية الزراعة بالموصل وعدت بعدها الي اليمن لأتذوق مرارة التشرد عامين كاملين بعد عودتي من جمهورية العراق عام 94م ووجدت نفسي فجاة اعمل بحق " التخزنية" في مأرب انتهي بي النزف لإقامة أول معرض لي في مأرب عام 95م ثم معرضا آخر عام 2000م وأخر عنقود التشرد معرض كان عام 2004م وتبقى لي مشاركة في معرض آخر في عاصمة الثقافة العربية صنعاء.معارض كلها شجن لا تسمن ولا تغني من جوع.من الجانب الآخر يقول الفنان/ خالد حمود عبد الحميد المسؤول المالي لبيت الفن هكذا نحن! دائما مختزلون لا ندري من منا يختزل الآخر! أنحن نختزل تأريخنا؟! أم الأحداث تختزل التأريخ ونحن نختزلها مثل اختزال الذاكرة؟في بضع ثوان يمكننا تقليب مليون جرح ومليون نكبة كانت أمر من العلقم..فكم هي الحسرة عندما نجد العمر ينفض فينا غبار الأيام ولم نذق حلاوة النعيم..بهذا أجابني الفنان/ خالد حمود عبد الحميد واحد ممن عبر الدهر على فؤاده بكلكله يقول: قضيت ردحا كبيرا من العمر في هامش الحياة غارقا بهموم الاسرة ونافرا لا يسعفه النفور أعبث باوراق الدفاتر وأشكل المساحة البيضاء على مساحة الألم الذي يعتصر في أعماقي الا أن الجرح يبقى جرحا لا تتسع له افئدة الورقة الصغيرة!وما أكثر الجراح يبقى جرحا لا تتسع له أفئدة الورقة الصغيرة!وما أكثر الجراح وأثقل الهموم تلك التي جعلت مني ذات يوم مبهما لا يفهم وجرح لا يطاق للاخرين! يحز في نفس المرء أن يرى موهبته تتحطم مفصلا بعد الآخر وهو في هم العيش غارقا حتى الأذن.والنتيجة موهبة عقيمة لا تؤثر إليك شربة ماء ولكنها تبقى هاجسا للحنين فعندما انصرفت عنها إلى الحياة.. لعدة سنوات منها الجامعة، شعرت بالفشل وتجرعت الاحباط في أعمال ليست قريبة من نفسي وازدادت عقدي في الحياة وانا أعمل في مكتب الثقافة في مأرب.. ولا استطيع ممارسة رغبة الرسم التي تأخذني حتى النخاع في مجتمع لا يؤمن بقيمة الفن وعظمته تعبت كثيرا يااستاذ في مجتمع يثير عليك مفاهيم العيب قلة الأدب المروق والتمرد من عصور ما قبل الكمبري كل هذا يحرم على الفنان أن يرسم لوحة تعتصر في أعماقه وعلى الشاعر أن يقول قصيدة ففي أي عالم نحن يا أخي؟!أجد نفسي اليوم قد أضعت عمرا في ممارسة الرسم على الورق الصغير الذي عادة ما يكون مصيره الي التلف ولكني اليوم اتنفس الالم في لوحاتي التي تحمل نفسا سرياليا لاعيش بعد موت كاد يعصف بي إلى الأبد وها أنا أختم النضال بالمشاركة في تأسيس بيت الفن الذي أصبحت مسؤلا ماليا له.ماذا يا أخي لو أن هذا المشروع تقدم قبل عدة سنوات..؟ على الاقل كنا تخطينا هذه المراحل وأصبحنا شيئا آخرا ولكن ما نزال متفائلين بهذا المنجز ومازلت مؤمن بالريشة التي تقطر دموعا من الالوان على الخشب.سنعوض الايام الماضية بكثافة الجهد إن شاء الله.فبعد ان كنت قد يئست من حمل الفرشاة الصغيرة عاد لي لقاء آخر مع الفن وها أنا اليوم أعمل في بيت الفن بعد صراع مرير مع الواقع.[c1]الكشافة والمرشدات[/c]عوائق عديدة يواجهها الشباب أكبرها "العادات والتقاليد واحترام الموروث" بدون تعديل أو تطوير أو عادة تشكيل الهوية وابشع هذه العوائق "الظروف" التي تقصم ظهر الفنان منذ الصغر!!! فلو كان تمرد الفنان على العادات والعرف الاجتماعي مجديا احيانا إلا أنه مع الظرف المادي لا يجدي ابدا وإن تغلب الفنان على ظرف صغير قد لا يجد اداة لا يجد لونا لا يجد تقييماً لأعماله أو تدريب. مواهب تعصف بها الظروف وتندفن تحت الرمال اليوم ينفض عن كاهلها أغطية الاندثار إلا أننا رغم هذا ما نزال غير قادرين على الالتقاء بالفنانتين الوف وخوزران بحكم التقاليد والعرف ونجهل الكثير عن معاناتهما.الاستاذ/ نبيلة الحماطي مسئولة الكشافة والمرشدات بمكتب التربية والتعليم كانت السيبل الاوحد بالتغلغل الي اعماق الخدور للاتيان الينا بلوحة شكلها الوان بريشة انثوية ربما قضت صاحبتها اوقات قاسية من الخوف من أجل أن تشكل ماساة لوحتها خلف الجدران اما كم قضت الرسامة في تشكيلها من الوقت بالتحديد وكيف استطاعت ان تكسر حاجزا غريبا في المجتمع؟ هذا مالا نعلمه ولا نعلم ايضا حجم معاناتها في توفير الأدوات وجلب الألوان يبدو ان الاستاذة/ نبيلة بذلت جهدا كبيراً لإخراج اللوحة في مجتمع ما يزال يرى في إبداعات الفتاة عاراً وفي توثيق اسمها عيب. حتى ان الحوافز المادية التي تقدمها بيت الفن للفنانتين تقول الأستاذة/ نبيلة : إنها غير مشجعة بالنسبة للفتاة.. في الواقع قبل ان يكون من منظور آخر.