أثمارهاشمقبل بضع سنوات حينما قرأت مقالاً يتحدث عن إمكانية زراعة الصحاري وريَّها بماء البحر ظننت بأنّ ذلك شيء يستحيل تحقيقه، وأنّ الأمر لا يتعدى شطحات أمنيات لعلماء ومختصين يسعون للمستحيل. ولكن الآن لو قرأنا حول ما كُتب عن ذلك الموضوع مرة أخرى، وبشكل عقلاني ومتأني مع الأخذ بعين الاعتبار، أنّ واقع بيئتنا العربية تهدده مشاكل غاية في السوء والمتمثلة في نقص المياه الصالحة للاستخدام وتقص المساحات المزروعة بسبب الجفاف والرعي الجائر، وكذا التلوث بكافة أنواعه وهجرة أبناء المناطق الريفية للمدن بحثاً عن عمل وما قد ينجم عن الاكتظاظ السكاني من مشاكل بيئية، إضافة إلى اعتماد كثير من الدول العربية التي تمتاز أراضيها بالخصوبة إلى استيراد المحاصيل الزراعية والسلع الغذائية والتي يكون غالباً تحتوي على نسبة عالية من الملوثات والإشعاعات وعدم اقتصار الاستيراد على تلك المخاطر فقط بل تمتد لتقلبات أسعار السوق العالمية وانعكاس ارتفاع الأسعار على المواطن وجعله يعيش في ظل ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة.هنا نجد أنّه من الضروري أن تأخذ تلك الفكرة بشكل جدي والعمل على تهيئة كافة الظروف لإنجاحها خصوصاً بعد أن أشارت الدراسات الدولية التي تم إجرائها في القاهرة، أنّ هناك إمكانية لزراعة مختلف أنواع التربة بمحاصيل غذائية مثل القمح والأرز وريّّها بواسطة مياه تصل تركيز الأملاح فيها حتى (15 مليموز / سم).لقد وجد أنّ تلك المحاصيل (القمح والأرز) يشابهان في تركيبهما لنبات الغاب الذي يمتاز بقدرته على النمو والتكيف في المياه الشديدة الملوحة وانتمائهم جميعاً لفصيلة النباتات النجيلية؛ إلا أنّ نبات الغاب يمتازُ بخاصية مهمة وهي قدرته على تكوين الحمض الأميني المسمى البرولين والذي بدوره يساعدها على امتصاص كميات أكبر من المياه والغذاء المتوافر في بيئتها لتخفيف تركيز الأملاح التي تترسب في الخلايا وفي هذا الصدد تمت إجراء تجارب على مرحلتين هما :(1)نقع بذور بعض النباتات غير المقاومة للملوحة في محلول البرولين لدراسة تأثير تركيزات الأملاح المختلفة في مياه الري على معدل إنباتها الذي قلل من تركيز الأملاح فيها.(2)رش النبات بمحلول البرولين لمعرفة معدل نموه وامتصاصه للعناصر الغذائية من التربة أثناء فترة النمو مع تركيزات الأملاح المختلفة في مياه الري.من جانب آخر قام أساتذة بكلية الزراعة جامعة القاهرة بتطبيق ما يطلق عليه اسم الهندسة الوراثية للفقراء القائمة على دمج خلايا منزوعة الجدار من نوعين مختلفين من النبات لإنتاج خلايا هجينة، حيث تمّ أخذ خلايا منزوعة الجدار لنبات الأرز مع خلايا منزوعة الجدار من نبات الغاب وعمل تهجين بينهما في ذات الوقت عمل تهجين بين خلايا منزوعة الجدار لبنات القمح مع خلايا منزوعة الجدار لنبات الغاب وتهيئة الظروف الملائمة لإنباتهما بدءاً من الأُصص الصغيرة ثم البيوت الزجاجية وأخيراً المناطق الخارجية.وكانت من نتائج تلك التجارب التي استمرت عدة سنوات إنتاج سلالة من القمح المقاوم للجفاف يوفر ما يقارب (50 %) من كميات المياه المستخدمة في زراعة سلالات القمح العادية وكذا الحال بالنسبة للأرز.إنّ كل تلك الدراسات والتجارب السالفة الذكر التي أُجريت في مصر حتى وإن كانت تمت في مساحات محددة يُعد خطوة كبيرة وجبارة في جال البيئة ينبغي توفير الدعم لتطويرها ليتم تعميمها والاستفادة منها في كافة الدول العربية التي تشارك في الهم نفسه، خصوصاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنّ النتائج التي ظهرت إلى الآن لم تثبت أنّ النباتات المعالجة بالبرولين أو المهجنة أي آثار سلبية من حيث الشكل والطعم والقيمة الغذائية.وأخيراً يمكن القول بأنّ زراعة الصحاري أو المساحات الرملية الشاسعة بجوار البحار سيكون الحل الأمثل لوقف التصحر واستصلاح الأراضي الصحراوية.
|
ابوواب
زراعة الصحاري الحل الأمثل لوقف التصحر
أخبار متعلقة