في مؤتمر بجامعة عين شمس القاهرية :
القاهرة/ وكالة االصحافة العربية: في إطارالاهتمام بضرورة معرفة الآخر ودراسة أيديولوچياته وأدواته عَبر كتاباته، نظم قسم اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس، المؤتمر السنوي الثاني بعنوان “توظيف المصطلح والنص في الدراسات العبرية”، ترأس المؤتمر د· أحمد حماد ـ رئيس قسم اللغة العبرية بالكلية ـ وناقش العديد من الأبحاث تقدم بها عدد من أساتذة الجامعات المصرية تناولت العديد من الكتابات اليهودية، التي وظفت المصطلح من أجل الوصول إلى أهدافها ومصالحها··وتحدث عن أهمية المؤتمر ودوره في دراسة مدى تخير المصطلحات لخدمة الأغراض اليهودية ، وأشار أن المؤتمر يسعى من أجل توضيح المصطلحات التي يستخدمها لآخر، في ترويج الفكر الصهيوني أو استخدامه في خدمة مصالحه السياسية، والكيفية التي يتم بها تأويل النصوص الدينية، والتي تخدم أهدافهم السياسية والعسكرية، فاليهودي يجيد استخدام المصطلح لخدمة أغراضه وهنا تكمن الخطورة لأن سلاح اللغة لا يقل خطورة عن الأسلحة الأخرى المستخدمة·وأوضح د· حماد إن القضايا المهمة التي يجب أن نركز عليها في تعاملنا مع موضوعات الصراع العربي الإسرائيلي قضية تحيز المصطلح، فنحن نتعامل مع عدو يجيد التلاعب بالألفاظ وتوظيفها بما يخدم أهدافه ومخططاته، وأن أغلب من تعاملوا من العرب، ومع هذه القضية وقعوا في أسر “المصطلح الصهيوني” فعلى سبيل المثال، حينما نقول قضية “الشرق الأوسط” ، فإننا هنا نتناولها من منظور غربي بحت، فمن الذي قال إننا في الشرق، وشرق من، فالإدعاءات الدينية تقول إنه لا يمكن فهم تاريخ المنطقة إلا من خلال التاريخ “التوارتي” ، وبالتالي فإننا لسنا أمام تاريخ وجغرافية فلسطين، وإنما أمام تاريخ وجغرافية “إسرائيل التوارتية” كما أن كثير من المصطلحات المستخدمة في علم التاريخ التوارتي توحي بالتحيز، مثل مصطلح “السبي” و “المنفى” و”الشتات” فهي كلها مصطلحات توحي بمالكي المكان، أكثر مما توحي بالوجود العارض لهذه الجماعات في المنطقة، ومما يبعث على الدهشة أن المؤلفات اليهودية التاريخية قسمت فلسطين إلى مناطق جغرافية إدارية بالطريقة التي تحدث عنها العهد القديم، مع أن معظم أسماء الأماكن التي تتحدث عنها التوراة هي أسماء عربية كنعانية، ونورد بعض المصطلحات على سبيل المثال لا الحصرمصطلح القدس الشرقية الذي يوحي حتماً بوجود قدسين لا قدس واحدة ، مصطلح جيش الدفاع الإسرائيلي ألا يكفي القول فقط الجيش الإسرائيلي مع حذف كلمة الدفاع لما لها من مدلولات خطيرة على أبعاد الصراع، ومصطلح “المذابح النازية” ألا يمكن تسميتها “أحداث النازي” كمصطلح محايد لا يحمل الدلالات التي يحملها مصطلح المذابح أو الكارثة النازية ، كذلك مصطلح يهود الشتات أو يهود المنفى بما يحمله من دلالات توحي بتشتت اليهود من مكان كان لهم ويحق لهم العودة إليه·وغير ذلك من المصطلحات التي يجب العمل على توحيد استخدامها في جميع وسائل الإعلام العربية المكتوبة منها والمسموعة والمرئية ، حتىنخوض حرب الكلمة جنباً إلى جنب مع حرب السلاح وحرب الدبلوماسية ، بنفس الكفاءة وخاصة أن هذا التفاوت في استخدام المصطلح من الممكن أن يخلق لدي الإنسان العربي العادي حالة من البلبلة وسوء الفهم نحن في غني عنها·[c1]مفاهيم وتقاليد[/c]وتحدثت د / سناء عبد اللطيف بجامعة حلوان عن “ توظيف مفردات الأيديولوچية الصهيونية في تسمية الإعلام في إسرائيل للتأكيد علي الهوية اليهودية” فأشارت إلى أن الاسم عنصراً مهماً من عناصر ثقافة أي أمة ، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالهوية القومية الاجتماعية ، فالتسمية تقوم عادة على أسس عقلانية تستمد جذورها من العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، وتعكس أفكار أعضائه ومفاهيمهم، كما تكشف دراسة الاسم أيضاً عن الحالات النفسية والعاطفية وتأثير الوضع الهامشي على أفراد هذا المجتمع ،فأسماء المواليد داخل المجتمع اليهودي تخضع للتطور الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكر الديني والعقائدي، ولذا تدخل دراسة الأسماء في أي مجتمع في نطاق الدراسات الفولكورية، حيث تعتبر مجالاً مهماً من مجالات التراث الشعبي ومفاهيمه التي لا تنفصل عن السياق الاجتماعي والفكري، وتعبر عن نمط الثقافة الشعبية المميزة التي تربط الفرد بالجماعة·وتناول د· عمرو عبد العلي علام بجامعة المنوفية بحثه حول” توظيف النص الأدبي لحل الصراع على الأرض في رواية “حمام في ميدان ترافلجر” للأديب الإسرائيلي سامي ميخائيل” ·حيث أوضح إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر ، منذ عقود اتخذ أبعاداً جديدة في الرواية العبرية المعاصرة، ففي الوقت الذي عالج فيه بعض الأدباء الإسرائيليين مجموعة من القضايا الشائكة حول الصراع بين كلا الجانبين تطل علينا رواية “حمام في ميدان ترافلجر”، التي صدرت في أبريل 2005 لتكشف لنا عن تلك المناطق التي يتجاهلها بعض الأدباء الإسرائيليين في أعمالهم الأدبية ، فهي تضع الأبناء فوق كل الأيديولوچيات، وتحاول الإجابة عن أسئلة أخلاقية ملحة وتنقب في الواقع الحقيقي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتكشف عن الوجه الآخر منه، وتتمركز حول روافد جديدة في المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية تاريخية كانت أو نفسية ، فهذه الرواية تحكي قصة قديمة ولكنها جديدة في تناولها، حيث بطل يعاني طوال الوقت أنه “زئيف ابشتاين” ذلك الفتى الإسرائيلي ، الذي يعيش في أحضان المجتمع الإسرائيلي الأشكنازي، وفجأة يتضح أنه عربي فلسطيني تركته أسرته العربية وهو طفل صغير وفرت هاربة إبان أحداث (1948) لتأخذه أسرة يهودية وتتبناه حتى يصير شاباً ناضجاً لديه زوجة إسرائيلية وطفل صغير، وبعدما يقارب من عشرين عاماً يلتقي هذا البطل بأسرته العربية الحقيقية وهو بالزي العسكري الإسرائيلي، ويحدث هذا اللقاء نقطة تحول عظيمة في حياة هذا البطل ، الذي ظل طوال هذه الرواية في معاناة حقيقية وفي بحث رحلة طويلة عن هويته الحقيقية ، التي تكاد أن تكون معروفة، ولا يستطيع أن يتجاهلها لا سيما وأنه صار إسرائيلياً يحب زوجته وولده ومجتمعه·والسبب الرئيسي لتناول هذه الرواية لما أثارته من ردود فعل قوية على الساحة الأدبية في إسرائيل ، حيث يقول أحد النقاد الإسرائيليين أن هذه الرواية تحوي الكثير من الرؤي المتعددة ،فالقضية الإسرائيلية ، وكذلك الفلسطينية هما قصة واحدة يعيش فيها شعبان لهوية واحدة فالبطل في هذه القصة نموذج سواء أكان شخصية عربية أم يهودية يتطلب منها استيعابه ليبقى السؤال المطروح: إلى أي حد يتشابه دماء البشر ، ولا سيما وقد جاءت شخصية البطل لتمثل خيطاً رفيعاً بين شعبين ، ولكنه خيط صامت ومؤلم يعرض في نهاية الأمر التطلع الخطير لتوحيد أو دمج سمات الشعبين وهو تطلع يشكل في الواقع طمساً للهويتين معاً·[c1]انتحارجماعي [/c]وتناول د / هاني عبد العزيز السيد قراءة تحليلية لفكرة الانتحار الجماعي اليهودي في العصر الروماني “الماسادا كما صورها يوسيفوس” في أعماله ، فالحقيقه أن منظري الصهيونية ومؤسس دولة إسرائيل قد وجدوا في قصة “الماسادا” أو الانتحار الجماعي وتراً يعزفون عليه أنغام حنينهم للماضي وآمالهم القوية في العودة لتلك الأرض، التي ضحى أجدادهم بدمائهم بغية التمسك بها وعدم التفريط فيها، الأمر الذي دعاهم للتمسك بها ،حيث عمد إلى إيهامهم بأن هناك أرضاً ووطناً في انتظارهم، بذل أجدادهم كل غال ونفيس من أجله ، ومن ثم فعليهم العودة إليها والتمسك بها، فلقد وظف منظرو الصهيونية حادثة الماسادا وحولوها إلى أسطورة تضم تفصيلات تبدو بسيطة ، لكنها تخدم هوي صانيعها ، حيث أحاطوها بالصوفية، وجعلوا منها رمزاً للشعب الذي يفضل الانتحار علي الاستسلام، أو الذوبان في الغير، والأكثر من ذلك أن دولة إسرائيل روجت ومازالت تروج لهذه الأسطورة، فتقوم أسلحة الجيش الإسرائيلي ترديد يمين الولاء على قمة تلك القلعة، ويقسم الجنود أن “الماسادا” لن تسقط ثانية، فهذا البحث يتناول ثلاثة محاور:الأول: حركة التمرد اليهودي في فلسطين في العصر الروماني، فيتناول عوامل اندلاعه ويناقش قضية مهمة ، هل كانت جموع اليهود، تؤيد وتدعم التمرد أم انقسم اليهود إزاء حركة التمرد، وهل كانت أسبابه خارجية فقط أم أن هناك أسباب داخلية، كما يناقش وقائع التمرد اليهودي ومراحله ونتائجه من هروب جزء من اليهود، ومهادنة جزء آخر·الثاني: الانتحار اليهودي “الماسادا” في كتابات يوسفيوس·الثالث: الانتحار اليهودي في العصر اليوناني في الكتابات اليهودية وبعض نماذج لها·[c1]الخطاب الديني[/c]وناقشت د / منى ناظم الدبوسي مدى توظيف النصوص الدينية في الخطاب السياسي للأحزاب الدينية في إسرائيل، فأوضحت أن إسرائيل منذ الثلث الأخير من القرن الماضي شهدت ريادة مطردة في نمو القوى الدينية المتطرفة، حتى باتت تشكل قوة فاعلة ومؤثرة في الداخل ، وتشكل على نحو خاص خطورة على قضايا السلام والأمن في المنطقة العربية، فالجماعات المتطرفة تصدر عنها فتاوى وأحكام توظفها لتحقيق أهدافها ومطامعها في المنطقة، ومن هنا يأتي أهمية الكشف عن كيفية توظيف الجماعات والأحزاب الدينية في إسرائيل للنصوص والمصطلحات الدنينة، فيما تصدره من فتاوى وأحكام·كما قدم د· عامر الزناتي الجابري بحثه “ترجمة المصطلح الديني بين العربية والعبرية” ، الذي تناول خلاله دراسة لغوية في الترجمات العبرية لمعاني القرآن الكريم، والذي يحوى العديد من المصطلحات ذات الدلالة المحددة والمفاهيم المقيدة ، فالإقدام على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى أي لغة من اللغات وخاصة العبرية يعكس أهمية ترجمة المصطلح والعناية باختيار المقابل الملائم، لحمل دلالته الأصلية، فالمنهج الذي اتبعه المترجمون في تعاملهم مع المصطلح عند ترجمتهم لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية ينبغي التعرف عليه، ومعرفة ما إذا كان هذا المنهج متحيزاً أم محايداً أم مجانباً للمفهوم المراد، وهل ثمة توحيد للمصطلح المستخدم أم تعدد؟فالإجابة علي هذه التساؤلات ينبغي تناول عدة مصطلحات منها لفظ الجلالة، ومصطلح الكفر والإيمان والآخرة والجنة والنار والصلاة والزكاة والصوم والحج··· إلخ، وذلك من خلال الترجمات الأربعة المطبوعة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة العبرية·وفي نهاية المؤتمر أقر د· أحمد حماد توصيات المؤتمر في : ضرورة نشر أعمال المؤتمر بأسعار مناسبة هذا العام ، وأن تصل هذه الأبحاث إلى كل الأقسام والكليات التي بها أقسام عبرية، و الاستمرار في عقد هذا المؤتمر بشكل سنوي ، و تشكيل فريق عمل لإعادة صياغة المصطلحات المراوغة وتصويبها بالتعاون مع المؤسسات الصحفية والمؤسسات الثقافية·· كذلك الاهتمام ببحث كتاب المستشرق كريستوف لوكنبرج وتشكيل فريق عمل لتعكف على دراسته وترجمة الدراسة إلى اللغات الأجنبية الأكثر انتشاراً ، والاهتمام بالدراسات الإستشراقية الإ سرائيلية ، و ترجمة موضوعات المؤتمر المهمة إلى برنامج عمل تقويم المقدمة·كذلك العمل على تأسيس لجنة “توحيد المصطلحات الصراع العربي الإسرائيلي والمصطلحات الصهيونية، وإلزام جميع الباحثين بما يصدر عن هذه اللجنة·أيضا إعداد بيلوجرافيا بالبحوث العبرية وإعداد قاعدة بيانات ، لإفادة الباحثين وتوظيف إمكانات الحاسوب في هذا الشأن بإنشاء موقع علي شبكة المعلومات تقديم تلك الخدمة للباحثين· وأوصى المؤتمر - أيضا - مجمع اللغة العربية المصري واتحاد المجامع اللغوية العربية بإفساح المجال لأساتذة اللغة العبرية في لجان الترجمة والتعريب لتقنين تعريب المصطلحات العبرية ، التي يتم تداولها في وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم العربية·