صـباح الخـير
على متن احدى حافلات الأجرة المتجهة من الشيخ عثمان الى التواهي احتدم النقاش دون حجة او برهان وعلت اصوات المتناقشين حتى بلغت حد الصخب .. المتناقشان شابان في الثلاثينات العمر تقريبا.. موضوع النقاش لايحتم البوح لكنهما لم يأبها وارتضيا بل انهما اصرا بشكل غريب ومقزز ان يتخطى الجدل اسوار الخصوصية ويصبح علنيا!.كحال اي وسيلة نقل عامة كانت الحافلة تحوي في جوفها على كراسيها الممزقة بسهام العشاق وارقام هواتفهم كل الاعمار.. من الطفل الى الشاب ومن الرجل الناضج الى الكهل البالغ من العمر عتيا.. وكانت الحافلة ذاتها تضم بعض الشابات المتأبطات كراريس التحصيل العلمي وادواته واخريات ربما يكن في طريقهن الى العمل وعجوزاً او اثنتين كن عنوان الوقار في مكان بدا بعد ذلك ان لاوقار فيه.الحافلة تلتهم الطريق بنزق واضح يأتي من السائق وليس من الحافلة بطبيعة الحال.. النقاش الذي تحدثنا عنه يشتد فيطغى على صوت (بلفقيه) المنبعث من جهاز التسجيل.. العبارات الخارجة على الذوق والمتجاوزة لكل ساتر اخلاقي تتقافز من لدن الشابين.. تلميحات وتصريحات قادحة وتشبيهات وقهقهات اقل ما يقال عنها غير اخلاقية.. والحافلة تواصل سيرها بسائقها الذي لايعير ما يجري على مقربة منه اهتماما و(محاسب) لاهم له سوى ملء الشواغر والابتسام احيانا على صدى كلمة غير لائقة من تلك والتي اصبح (الباص) ينوء بثقل انحطاطها.الحافلة تمضي و( السفه) يتواصل وبينما الصمت هو الغالب.تلوذ اخواتنا وامهاتنا المتدثرات بالسواد ممن قادهن الحظ العاثر الى ركوب الحافلة يلذن ببعض التمتمات خشية الدخول في سجال مباشر عن الاخلاق مع من لايعرفون قيمتها..!!فجأة ودون مقدمات يخترق الصمت صوت تبين اخيرا انه صوت الرفض لما يحدث ويقال.تتعالى الاصوات ليس تأييدا لرفض ذلك الرافض بل استنكارا لتدخله فيما لايعنيه .. الجملة الاخيرة انطلقت من لسان السائق الذي اتضحت معرفته بالشابين اللذين لم يبقيا للآذان صونا ولاتركا للسانيهما عفة.ينتهي الجدل بخسارة صوت الرفض فيطلق احد الشابين ضحكة النصر مع ايماءة صريحة المعنى قصد بها موضع جلوس ذلك الرافض.. ويستأنف السائق انجاز مهمته.. بينما صوت بلفقيه يصدح : "لسانك حصانك".انتهى الجدل على هذا النحو وبقي السؤال : هل من رادع لسوء الاخلاق على متن وسائل النقل العامة وباصات الاجرة على وجه الخصوص؟.كان الارتياح كبيرا لبعض القرارات التي اهتمت بهذا النوع من المواصلات وابدى الكثيرون ارتياحهم لقرار منع التدخين رغم الخروقات الحاصلة في تطبيقه وبقيت الحاجة ملحة الى اجراءات تحفظ كرامة النساء من الخدش وتجنبنا مهاوي السقوط الاخلاقي على يد اولئك الذين لايتورعون عن اتيان افعالهم بلاحياء او خجل ويكررونها دون وازع او رادع بالفحش في الاقوال والحديث عما لايصح حيث لاينبغي.