- الواصل إلى عدن يمتلك امتيازاً لاستحضار الطمأنينة والاغتسال بشلال الروعة.. ها هنا مدينة ليست كغيرها من المدن.. تسكن فيك بالفطرة.. قريباً من روحك.. وفي متناول إنسانك الطيب المجبول على الدهشة والضوء.- أجيء عدن.. محملاً بتعب السنوات وأثقال الغيب، الذي لا يغيب عن البال والخاطر.. ولا يبرح عتبة الروح المشدودة إلى جذع المطلق.- أنزل في المعلا وأسلمها ميراثي كاملاً.. من الغربة، والحنين إلى كائن إلهي يتعالى عن المكان والزمان. يتراءى أبعد من لمحة، وأقرب من فكرة تستوطن اللاوعي وتملؤه مطراً.. وظمأً.. واشتياقاً.- أقيل في خورمكسر ساعة من نهار.. وفي كريتر ساعتين من شجن وشجون.. اكتشف بعدها كم أنا مملوء بالوحدة وحبها، وكم هي عدن مملوءة باليمن.. والزمن.. والأحلام.. والذكريات المزروعة في جسد المدينة الطالعة من حقول الدهور والمراحل والأزمنة.- هنا عدن.. وهنا اليمن.. وهنا أنا.. والمستقبل معلق في سماء المدينة مثل قمر يوشك أن يحتضن الحياة وينعجن في متن الرواية اليمنية التي لما تزل تنكتب على صفحات الأيام فصلاً فصلاً.. وشخصاً شخصاً.- سلام على عدن: نشيداً حفظناه من قبل أن نفهم شيئاً منه، أو نعرف شيئاً عنه، أو ننزل به ولو زورة في الرؤيا.- السلام على عدن.. وهي تحملنا، منذ كنا.. نختط أقدامنا الأولى في سجادة العمر وعلى درب مرحلة امتدت بنا وتمادينا معها أياماً.. وأعواماً.. وأحلاماً.. وولاءً مجرداً من الأغراض والمقايضات.ولاءً لهذه الأرض التي منحتنا فرصة عبقرية لنكون نحن.. ونتسامق في أحسائها شجراً وشجناً ويمنية صرفة.- لا يكون المستقبل حاضراً في الزمان والآن.. مثلما هو في عدن.تراه أمامك وإلى جوارك.. يرافقك ويحدثك عن الغد، عما سيكون.. وعما يفترض بنا أن نسعى إليه ونبذل فيه وسعنا وجهدنا وإخلاصنا كله.- بوسعنا أن نستثمر المكان بطريقة أفضل.. لن نعدم وسيلة لارتقاء الأفضل إذا ما أعملنا عقولنا أكثر.. واستعملنا الحكمة والتزمنا منهجاً يؤدي إلى الغايات العظام.- لدينا هنا رصيد للمستقبل.. علينا، فقط، أن نحسن استثماره، وتأهيل النفس والبرامج المختلفة للتعامل معه بالطريقة التي تجمع بين التخصص المهني والعلمي في سائر الأعمال والأشغال، وبين الولاء المجرد لليمن.. وللغد.. وللمستقبل.
أخبار متعلقة