في الذكرى الـ 22 لرحيله
الفنان المتميز أحمد محمد ناجي كتلة من المشاعر والأحاسيس الانسانية المفعمة بطاقات وقدرات ابداعية أشاعت البهجة والجمال في مشواره الغنائي والفني الحافل بعطاءات غنائية موسيقية جميلة رائعة تنم عن ذائقة وحنكة استندت الى مرجعية موسيقية ممنهجة علمياً وثقافياً مكنته من الطواف والتحليق بفنه وبموهبته الفذة الى فضاءات ابداعية رحبة ساهمت بفاعلية في خدمة الغناء اليمني في الداخل والخارج فهو العازف المتمكن على مختلف الآلات الموسيقية (والملحن الشامل ) الذي استطاع بنجاح لافت وغير معهود التعاطي مع كل قوالب وأشكال الغناء والموسيقى المتداولين في الاطار المحلي والعربي منها على سبيل المثال : المسرح الغنائي / الغناء العاطفي / الاوبريتات والاغاني الجماعية الوطنية والعاطفية / فن الديالوج و الغناء الفردي بكل أشكاله وألوانه / أغاني الاطفال بالاضافة إلى تقديمه وتلحينه مجموعة من (الموشحات اليمنية ) التي اتسمت بفرادتها وخصوصيتها شكلاً ومضموناً بل وتعد تجربته في تلحين الموشح اليمني من أهم التجارب في هذا النمط الموسيقي الغنائي في سياق الغناء اليمني المعاصر بشكل عام .** قدم الفنان الرائع أحمد محمد ناجي مجموعة من الاصوات الشابة في ساحة الغناء اليمني وزودها بأعماله المتميزة ليجعل منها أصواتاً قادرة مؤهلة لتصبح ( معتمدة فنياً وأدبياً ) في إذاعة وتلفزيون عدن منذ وقت مبكر من ظهورها و من أبرز هذه الأصوات الفنانون / أمل كعدل / عصام خليدي / أبو بكر سكاريب / حسن المهنى / نوال محمد حسين / فيصل الصلاحي / محمد علي محسن / مريم برتوش/ حسن كريدي / عباد الحسيني / محمد الحسني / فهد شاذلي ، واخرين .** جمعته صداقة حميمة وعلاقة وطيدة بالاستاذ القدير متعدد الملكات والمواهب أديب قاسم .** شكل الفقيد مع الشاعر الغنائي المبدع علي عمر صالح ثنائياً ناجحاً ومتألقا ** كان الفنان الكبير أحمد محمد ناجي مؤسساً وعضواً نشطاً وفاعلاً في كثير من الفرق الفنية الموسيقية في عدن لعل أهمها وأبرزها فرقة الشرق / فرقة وزارةالداخلية/ فرقة القوات المسلحة /فرقة الثقافة و كانت له أعمال كثيرة ساهمت في إحياء وتفعيل نشاط هذه الفرق الفنية وتركت أثراًً وبصمة واضحة جلية دونت في تاريخ كل الفرق الموسيقية الفنية التي تعامل معها كعازف وملحن بارع متميز إن الحديث عن الفقيد الفنان أحمد محمد ناجي لا يمكن أن نعطيه حقه بكل المحاور والاشتغالات الغنائية والموسيقية الهامة والجادة التي تبناها في مسيرته الفنية الزاخرة لكننا سنخصص في هذا المقام حديثنا عن أحد هذه المحاور الإبداعية التي أشرنا إليها بعنوان هذه المداخلة (أهمية دور أحمد محمد ناجي في الموشح اليمني المعاصر).** من أشهر الاعمال الغنائية التي قدمها : الطبل في الحوطة / أعلنها صراحة / سووا فضيلة / وين الحبايب / نجمة الصبح / طاب السمر طاب / هلت ليالي الانس / ياطير يامسافر / يرضيك كذا ياقلب / كتبت الرسالة / يرعى مع الراعي / مرة لو تجيني / ياعيني عليكم / وغيرها من الاغنيات الجميلة التي تغنت بها أصوات رائعة . ** في عام 1984م قدم الفنان أحمد محمد ناجي عملين جديدين لفرقة وزارة الداخلية خرج بهما عن المألوف بتعامله كملحن مع الفرقة الموسيقية وبالاخص ( فرقة الانشاد والغناء الجماعي ) وكان لهذين العملين بالنسبة لنا كأصوات شابه في تلك الفترة وقع المفاجأة التي لم نتوقعها منه لأنه عودنا على تقديم العديد من الاعمال الجماعية الوطنية والعاطفية الجديدة بالاضافة الى الاعمال التراثية إلاّ أنه في هذه المرة أختلف الامر تماماً باختياراته للنصوص الغنائية التي كانت من الشعر الجاهلي الفصيح للشاعر (عنترة بن شداد) فالقصيدة الاولى بعنوان ( لو كان قلبي معي ) والقصيدة الثانية ( أن يمنعوا عيني لحسنك أن ترى ) وبالفعل حضر إلينا حاملاً عوده واشعاره الغنائية الجديدة التي اختارها ليبدأ معنا جميعاً رحلة ابداعية ممتعة وشائقة بمنتهى الروعة والجمال كانت تكمن عظمتها بأهميتها الغنائية والموسيقية على صعيد الغناء اليمني بشكل عام ورغم ذلك لم يشعرنا بصعوبة تلك التجربة التي نجح بها بمصاحبة (فرقة إنشاد الداخلية ) وبالفعل تم توثيقها في تلفزيون عدن (ق2) كمرجع سيظل شاهداً يؤكد عبقرية الفنان الكبير أحمد محمد ناجي في تطوير الغناء اليمني بأسلوب يحاكي الموشح العربي بكل تفاصيله وقواعده وأصوله المؤسسة .ونظراً لروعة الاختيار والانتقاء الفني والادبي للفنان المبدع أحمد محمد ناجي بقصيدتي (عنترة بن شداد) وما تضمنته من صور شعرية رائعة في أبياتها نقتطف بعضاً منها بالاضافة الى تحليل الموشحين مقامياً وموسيقياً مع توضيح الايقاع المستخدم بهما ونوعه:[c1](1) "لو كان قلبي معي" [/c]لو كان قلبي معي[c1] *** [/c]ما اخترت غيركم ولا أردت سواكم[c1] *** [/c]في الـــهــوى بــدلالكن قلبي رغب في من يعذبه وليس يقبل لي قولاً ولا عملا أشكو الى الله من جور بليت به من اللئام الألى قد احكمو زللاما لي سواه معينا أبتغي عوضاًلأنه عادل .. لا يرتضي بدلا[c1](2)" إن يمنعو عيني"[/c]إن يمنعوا عيني لحسنك أن ترى أو يحجبوا عني خيالك في الكرىيامن بدهشته تحيرت الورىزدني بفرط الحب فيك تحيرىفارحم .. حشا في لظى .. هواك تسعرى[c1]" التحليل الموسيقي للموشحين ":[/c]قام الفنان أحمد محمد ناجي بتلحين المذهب في موشح لو كان قلبي معي على مقام ( الحجاز بدرجة الدوكا) ثم ينتقل برشاقة وعذوبه في الكوبليه الذي يقول فيه :أشكو الى الله من جور بليت به من اللئام الألى قد أحكمو زللا وينتقل بنا الى مقام آخر (راست على درجة الصول) من ثم يعود مرة أخرى في المقطع الاخير بيسر الى المقام الاصلي لبداية الموشح الذي أستخدم به الايقاع (8/4 مصمودي كبير) مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الضغوطات في الايقاع الذي استخدمه بهذا العمل .أما في الموشح الثاني ( أن يمنعو عيني ) فإن المذهب يبدأ به على ( مقام الكرد على درجة الدوكا) ثم ينتقل في الكوبليه الذي يقول فيه :يامن بدهشة تحيرت الورىزدني بفرط الحب فيك تحيرى ليستند بنقلته الموسيقية الرائعة الى نغمة (سيبكار) ومنها ينتقل بجمال الى ( مقام الصبا) الشجي على (درجة الري) في المقطع الثالث الذي يقول فيه : النفس قد أمست إليك رقيقة[c1] *** [/c]فاجعل بحقك للوصال طريقه ليعود برصانة واستقرار نغمي رائع الى مقام الموشح الاصلي (الكرد على درجة الدوكا) مستخدماً الايقاع (8/4 مصمودي كبير).** كان الفنان المبدع أحمد محمد ناجي شاعراً مقتدراً من أبرز كلماته المغناة والمسجلة اعلامياً كتبت الرسالة / مرة لو تجيي / توب ياقلب/ كما عرقوب/ جدير بالذكر أن الفنان الكبير محمد سعد عبدالله أيضاً قدم موشحات يمنية عديدة لعل أهمها موشح (ياساري البرق) للأستاذ الشاعر العملاق محمد سعيد جرادة وكان كعادتنا به مبدعاً خلاقاً متميزاً بالاضافة لتجربة الفنان العازف المخضرم (سعيد مزماز) الذي لحن موشحين بأسلوباًرائعاً جميلاً .** عرف الفنان أحمد محمد ناجي (بطرائفه ومداعباته ) وبأسلوبه الساخر والصادق في التعبير عن معاناته .[c1] في الختام[/c]رحل الفنان الكبير أحمد محمد ناجي تاركاً وراءه ثروة فنية ضخمة من الاعمال الغنائية والموسيقية المتميزة الموثقة والمسجلة في مكتبة إذاعة وتلفزيون عدن (ق2) بالاضافة للأعمال الغنائية الرائعة المتفرقة والمحفوظةفي ذاكرة ووجدان ابنائه وتلاميذه من الفنانين وعلى وجه الخصوص مع فرقتي وزارة الداخلية والقوات المسلحة اللتين توقف نشاطهما الفني والابداعي منذ فترة بعد أن شهدتا نجاحات فنية متميزة في عصرهما الذهبي تحت رعايته واشرافه رحم الله معلمنا واستاذنا الجليل أحمد محمد ناجي انساناً وفناناً متواضعاً قلماً يجود بمثله الزمان .