قصائد جديرة بأن تتحول الى أغان
يسعدني ان اقدم لعشاق ومحبي الشعر عامة والشعر الغنائي خاصة ديوان الاستاذ العزيز عبدالله باكداده ، الذي منحني شرف كتابة المقدمة عن ديوانه . يحمل ديوان باكدادة ، عنوان (حضرميات ) ويحتوى على 53 قصيدة غنائية باللهجة الحضرمية ، وعلى وجه الخصوص لهجة ( وادي دوعن ) ويشتهر هذا الوادي بالعسل المعروف ب ( العسل الدوعني ) وهو من اجود انواع العسل في اليمن وربما في العالم العربي كله ، كما يشتهر الوادي ايضاً بانتاج الاثرياء !!لقد هاجر بعض رجال الوادي الى داخل اليمن وخاصة الى عدن والمكلا وصنعاء ، واصبحوا من كبار رجال الاعمال في هذه المدن ، وهاجر البعض الآخر الى اثيوبياً وشرق افريقيا في اوائل القرن العشرين والى المملكة العربية السعودية ودول الخليج في النصف الثاني من القرن العشرين ، ولمعت من بين مهاجري دوعن الى الخارج اسماء عديدة كأثرياء كبار بالمعايير الدولية للثراء . ان جميع قصائد ديوان الاستاذ باكدادة جميلة في كلماتها وعباراتها وصورها الفنية وتفوح كل قصيدة منها برائحة وادي حضرموت وخاصة وادي دوعن .. وهذه الرائحة الزكية هي خلطة عطرية مكونة من انفاس الانسان وانفاس الارض والنخيل وحقول القمح واشجار العلب ورائحة العسل الدوعني .. عبرت كل قصائد الديوان من خلال كلمات ابيات كل قصيدة وصورها الفنية عن الحب والمحبوبة والمحب ، وفي كل الاوضاع الانسانية المعروفة للمحب ( السهر ، العتاب ، الغيرة ، الخوف على المحبوبة ومن المحبوبة ، الهجر ، التسامح ، اللقاء .. الخ ) . ولكن لا ادري ببواطن الامور ، وكما يقال المعنى في بطن الشاعر او عقله او قلبه ، هل كان باكدادة يعبر في قصائد ديوانه ( حضرميات ) عن عشقه الانساني العميق لمحبوبته ( احدى بنات حواء ) ام ان المحبوبة هي ( الوادي ) بكل مكوناته البشرية والطبيعية ولياليه الطويلة في مجالس السمر المعروفة في مناطق الريف لاسيما الوادي دوعن ( بحضرموت ) بحقوله الخضراء ونخيله الكثيف ومنازله المبنية من الطين والشامخة فوق المرتفعات ، وخلفها الحيود الصخرية المستطيلة ؟ .. لقد اختلط حب حواء مع حب الوادي وبطريقة جميلة وعذبه .واترك للقارئ الاستمتاع بقصائد الديوان وان يفسر معنى كل بيت وكل قصيدة بحسب مزاجه ومفهومه وحالته الانسانية لحظة قراءة الديوان بالرغم من ان جميع قصائد الديوان كتبت باللهجة الحضرمية الدارجة الا انه ليس من الصعب على القارئ العربي في اي مكان من الوطن العربي ان يفهم كل ابيات قصائد الديوان دون الحاجة الماسة الى قاموس لتوضيح معاني بعض الكلمات كأفعال واسماء علاوة على ان الشاعر قد وضع الهوامش نهاية القصائد التي رأى ان بعض مفرداتها تستدعي التوضيح معتقداً المحلية البحثة في استخدامها ، وهذا يؤكد ان اللهجة الحضرمية هي من اللهجات الدارجة القريبة من العربية الفصحي . ان قصائد ديوان ( حضرميات ) للاستاذ الشاعر عبدالله باكدادة جديرة بأن تتحول الى اغاني ذات لحن حضرمي جميل .. واتمنى ان تستمع اذني وفي القريب العاجل بقصائد ديوان باكدادة كأغاني مثل استمتاعي بها كاشعار مقروءة . اقدر تقديراً عالياً الجهد الفكري الذي بذله الاستاذ باكداده لصياغة شاعريته وابداعاته ومعاناته وتأثيرات الجماليات المحيطة به ، وتلك العلاقات الانسانية والروحية في قصائد قام بجمعها في ديوانه .. وندعو القارئ العزيز الى باقة شعرية غنائية جميلة ، وحلوه المذاق والرائحة ، وله وحده بعد ذلك الحكم على مستوى رقي الجانب الجمالي والنوعي لهذه الباقة التي يمكنني القول وبكل ثقة انها غزيرة المعنى ورائعة اللون والشكل وغنية المضمون .