وجود القوات المسلحة الجنوبية في وادي وصحراء حضرموت لم يكن قرارًا عابرًا، ولا خيارًا قابلًا للمناورة، بل استجابة فعلية لحاجة المحافظة الماسة إلى الأمن والحماية. هذه القوات جاءت لتؤكد أن حضرموت ليست فراغًا يمكن ملؤه بالفوضى، ولا ساحة لتصفية الحسابات السياسية أو المصالح الضيقة، بل أرض تحتاج إلى قيادة حازمة وقوة مسؤولة، تعمل لصالح الناس قبل أي اعتبار آخر.
من البداية، كانت العلاقات مع السعودية الشقيقة جزءًا من هذا المسار؛ إذ مدت يدها للجنوب منذ اللحظة الأولى للنضال، وساهمت في دعم الجهود المبذولة لاستعادة الأمن والانتصار على مشاريع الحوثي المدمرة. وأعتقد أن الشقيقة السعودية أكثر حرصًا على استقرار الجنوب، لأنه يمثل انتصارًا للعرب أمام المشروع الإيراني، وحماية حقيقية للأمن القومي العربي في المنطقة. هذا الدعم الأخوي لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان ركيزة حقيقية لخلق بيئة مستقرة، وضمان حماية حضرموت وأمن سكانها، بما يعكس فهمًا حقيقيًا لأهمية الاستقرار في الجنوب بشكل عام.
توجيهات الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي كانت واضحة منذ البداية: حضرموت لن تُترك للفراغ، ولن تُدار بعيدًا عن مصالحها الحقيقية، ولن تُسلم لمن فشل سابقًا في حمايتها وتأمينها. والقيادة هنا ليست شعارات على الورق، بل أفعال على الأرض، تظهر في انتشار القوات، وتنفيذ المهام، وحماية المواطنين، وإعادة الطمأنينة إلى حياتهم اليومية.
ولا يمكن تجاهل الدور السلبي للإعلام المحرض، الذي أصبح في بعضه منصة لتضليل الرأي العام والترويج لأكاذيب حول الوضع الأمني. هذا الإعلام لا يسعى لأمن حضرموت أو لمصلحة الناس، بل يقتات على الفوضى ويخشى أي نجاح أمني حقيقي. أصبح شريكًا في محاولة إشعال التوتر، وتهديد الاستقرار، وإضعاف الثقة بالقوات الجنوبية، وهو بذلك أداة مضللة لا علاقة لها بحرية التعبير أو بمهنية الصحافة.
الواقع على الأرض يقول غير ذلك: الأمن مستتب، الطرق آمنة، الحياة اليومية طبيعية، وشبكات التهريب والاختراق التي كانت تنشط في الظل تعرضت لضربات حاسمة. الضجيج الإعلامي المصطنع ليس إلا صدى فشل من اعتادوا على الفراغ والفوضى واستغلوا ضعف الأمن سابقًا، واليوم يحاولون تشويه النجاح الميداني والإنجازات التي تحققت بوعي القيادة الجنوبية.
حضرموت ليست مجرد محافظة، بل رمز للأمن والاستقرار الجنوبيين، ومن يظن أنها مجرد ورقة مساومة مخطئ. القيادة الجنوبية أثبتت أن الأمن لا يُدار بالخطابات وحدها، بل بالقرار الشجاع، والتواجد الميداني المنضبط، والالتزام بحماية المواطنين قبل أي اعتبار آخر. القوة هنا ليست استعراضًا، بل تجسيد حي للواجب الوطني والمسؤولية التاريخية.
لقد تحولت القوات الجنوبية من مجرد وجود عسكري إلى رمز للطمأنينة والأمان، وتحولت القيادة من مجرد شعارات إلى فعل ملموس ونتائج حقيقية، وهو ما يجب أن يفهمه كل من يحاول إثارة الفوضى أو التلاعب برأي الناس. حضرموت اليوم تقول بصوت هادئ لكنه واضح: الأمن خط أحمر، وبقاء القوات الجنوبية ضرورة لحماية الاستقرار والمواطنين.
هنا يأتي الدور الأكبر لأبناء حضرموت: الوعي، التعاون، وحماية السلم الاجتماعي. على كل مواطن أن يكون شريكًا في الاستقرار، وأن يدعم القوات التي تعمل على حمايته، وأن يرفض الفوضى والشائعات التي تهدف لتفكيك المجتمع، وأن يشارك في بناء حضرموت آمنة ومستقرة، بعيدًا عن أي حسابات ضيقة أو مصالح شخصية.
التحية للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، الذي أثبت أن القيادة الحقيقية تقاس بما تحققه على الأرض، لا بما يقال في المنابر، وأن المسؤولية تتطلب شجاعة وحسمًا لا مجال فيه للتردد. والتحية للقوات الجنوبية التي وقفت في صف الناس لا فوقهم، وحمت الأرض دون استعراض، وحمت المواطنين دون تمييز، لتصبح نموذجًا يحتذى به في الالتزام بالواجب الوطني.
حضرموت اليوم أكثر أمانًا، ليس لأن الجميع راضٍ، بل لأن القرار الصحيح اتُّخذ، والقيادة كانت حاسمة، والقوات الجنوبية موجودة حيث يجب أن تكون، لتؤكد أن الأمن مسؤولية فعلية قبل أن يكون شعارات، وأن القيادة الحقيقية تُعرف بأفعالها قبل كلماتها.
حضرموت اليوم تعلمنا درسًا مهمًا: الاستقرار ليس مجرد رفاهية سياسية، بل خيار استراتيجي يضمن سلامة الناس وحماية مؤسسات الدولة، ويجعل أي محاولات للعبث أو استغلال الفوضى تصطدم بواقع القوة والانضباط.
