ظهر جليا وبالوثائق الارتباك الشديد إزاء معضلة إغلاق مطاحن الأسماك وإعادة فتحها ، وأكد ذلك الارتباك غياب المحددات والأهداف لأسباب الاغلاق والفتح، وان ردود أفعال الحكومة بوزرائها ماهي الا ردود أفعال لضغوط مورست عليها (كما يبدو) فقط كانت تارة مع الاغلاق وتارة أخرى مع إعادة الفتح.
ومن تلك العثرات والتي بدأت بقرار في شهر أغسطس 2024م صدر من معالي وزير الزراعة والري والثروة السمكية بإغلاق معامل طحن الأسماك إغلاقا فوريا، وقيام وزير الزراعة بتوجيه رسالة أخرى إلى رئيس الحكومة يطالبه بإصدار قرار مماثل بإغلاق معامل طحن الأسماك وكان له ما أراد.
شهران ونجد وزارة الصناعة والتجارة تحمل على ظهرها مظالم المستثمرين الذين أغلقت عليهم معامل طحن الأسماك، لترفع لرئيس الحكومة برسالة مفادها أهمية إعادة فتح معامل طحن الأسماك مبينة أهمية معامل طحن الأسماك (التي لا تتعدى عدد اصابع اليد) على الاقتصاد الوطني والضرر الناجم من اغلاقها، وأسندت تلك الرسالة بمجهودات الغرفة التجارية لعدن بهذا الشأن.
وتأتي رسالة رئيس الحكومة بالموافقة على إعادة فتح مطاحن السمك بحسب رفع وزارة الصناعة والتجارة، ليلحقها قرار آخر من وزير الزراعة والري والثروة السمكية بالسماح لمعامل طحن الأسماك بفتح أبوابها معللة أهمية تلك المعامل الخاصة بطحن الأسماك على الاقتصاد الوطني، وليصدر قراران بنفس التاريخ من رئيس الحكومة ووزير الزراعة والثروة السمكية برفع من وزير الصناعة والتجارة باعادة فتح معامل الطحن.
الضحية في هذا المشهد المرتبك حكوميا هو سمك السردين (العيدة) فهو الذي يقدم قربانا لتلك المطاحن التي لاتنفك تطلبه لما يحتوي من زيوت مميزة، وتقديمه كقربان ليتسبب طحنه بكميات مهولة، بضرر أساسي على دورة الحياة في الأحياء البحرية، ومن المعلوم أن غياب سمك السردين وبسبب ندرته تغيب وتختفي بسببه الأسماك الكبيرة بأنواعها باعتبار سمك السردين الطُعم الأساسي لتلك الأسماك.
إن طحن الأسماك لاستخراج زيتها والذي لا يشكل أكثر من 3 ٪ من وزن الأسماك المطحونة والاستفادة من مسحوقها كسماد وأعلاف للحيوانات والتي تصدر لاستخدامه في عدد من دول أوروبا كاعلاف .. يأتي ضمن عمليات أخرى تدخل في صناعات الأغذية كصناعة تعليب الأسماك وبسبب ما تخلفه هذه العملية من مخلفات للاسماك التي تتسبب بضرر كبير على المخزون الاستراتيجي السمكي ويدفع بما تبقى من اسماك كبيرة إلى مغادرة مياهنا الإقليمية، وبسببها تشتعل أسعار الأسماك محليا تحت قانون العرض والطلب.
وعندما تتم المفاضلة إما باستمرار 6 معامل لطحن الأسماك في عموم الجمهورية أو تعافي المخزون الاستراتيجي السمكي في بحارنا، فمن المؤكد أن المصلحة العامة تقتضي الذهاب بعيدا للحفاظ على ثروتنا السمكية وتنميتها، وعدم السماح بتعرضها للطحن.
وبالاستناد اللجنة المتخصصة المكلفة بالنزول بقرار من رئيس الوزراء، والتي قالت كلمتها بعد دراسة متأنية وعلمية للأثر البيئي والأضرار الناجمة عن معامل الطحن واوصت بإغلاق تلك المطاحن لما له من أثر كارثي على المخزون السمكي والبيئة البحرية.
ستتحمل الجهات، التي سمحت بإعادة تشغيل تلك المطاحن تحت أي مبرر، المسئولية في هدم البيئة البحرية، والهدر القائم للمخزون السمكي والتسبب في غلاء الأسعار.