لقد حدث بالتحديد ( لولا لطف الله ، ثم شجاعة المواجهة، وحزم القوات المسلحة والأمن ) ما كان مخططاً له، وفي إطار ما يجري تنفيذه منذ أمد لضرب أركان، ومداميك الدولة الاتحادية الجديدة، الناشئة بمقتضى مخرجات الحوار الوطني الشامل؛ وذلك بهدف العودة الانتقامية، السوداء إلى المربع الأول، والانقضاض على كل المكتسبات الثورية المحققة بقيادة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية؛ الذي تمكن بحكمته، وخبرته، وحنكته القيادية، والتفاف المؤسسة العسكرية والأمنية، وكل جماهير الشعب الشريفة حوله من إسقاط كل المؤامرات المحاكة ( تباعاً ) والهادفة إلى إسقاط خيار الدولة الاتحادية الجديدة، وتمزيق الوطن، وتحويله إلى دويلات طائفية، عشائرية، متناحرة، تحرق الأخضر قبل اليابس .
وإذا كان التعديل الوزاري الذي أصدره فخامة الأخ الرئيس أمس، والذي مس بعض الوزارات التي تعرضت للعرقلات في إطار هذه المؤامرة الظلامية قد جاء (سياسياً ) في وقته الحرج كضربة معلم، وأتى بكثير من الوجوه المجربة، والجديدة ذات الوزن، فإننا ننبه أيضاً إلى أن النجاح في مواجهة هذه المؤامرة المتواصلة من معاقلها، المحصنة، المنتنة لا يكمن فقط بتغيير الوجوه؛ ولكن يكمن كذلك بمد هذه الوجوه بعناصر النجاح الكامنة في مضمون السلطة، وهيبتها، وفي المقدمة عصا الجيش والأمن؛ كلما دعت الحاجة، وعلى نحو سريع.
وحتى نكون واضحين؛ فإن قوى الثورة المضادة؛ بمختلف تشكيلات الطابور الخامس، ومسمياته المصطنعة، والمدارة من مستنقع واحد؛ أصبحت تعمل كما هو واضح موحدة، ومنسقة، وباستماتة عجيبة، وبكل صور الوقاحة، وبالمال العام المنهوب، ومن خزينة بعض الدول التي لا تريد الخير لليمنيين، وفي ظروف جد مشددة للوصول إلى غاياتها، وإن كانت في الحقيقة منتحرة لا محالة، ودون أدنى ريب .
وكما يبدو؛ فإن وصول الخبراء المساعدين للجنة العقوبات الدولية أول من أمس، وهم الخبراء الثلاثة التابعون لهذه اللجنة ، المتخصصون بتحديد معرقلي التسوية؛ قد أفقدهم الرشد تماماً، وطير عقولهم، ولاسيما أن هدف الفريق سيفسد عليهم ما كانوا يطبخونه لإفشال العملية السياسية، وللإطاحة بمخرجات الحوار، فضلاً عن أن الكثيرين من (السمان) سيضيعون في حيص بيص بسبب الملفات المتخمة، المعمدة بالأدلة حول جرائمهم وأعمالهم الهادفة إلى عرقلة مسيرة بناء الدولة اليمنية الاتحادية، الحديثة.
لقد آن الأوان لكي توقف الدولة كل هذا العبث، والتلاعب بمصير البلد، وحياة الإنسان اليمني التواق للعدالة، والديمقراطية، والمواطنة المتساوية .. لقد آن الأوان للجد، والبدء من آخر الكلام، بكشف حقيقة ما جرى، ويجري من خراب، وتخريب في كل المحافظات، وقتل للجنود، والكوادر العسكرية والأمنية، وخصوصاً كوادر الأمن السياسي، وآن معه الأوان لإعلان القائمة السوداء بكل المعتدين على مصالح البلد والشعب، وبكل من عملوا على إعاقة التسوية، وإحالة الواقفين خلف كل ما جرى من تخريب، وفوضى منذ بداية 2012م للتحقيق، والمحاسبة ؛ وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بشأن العملية الانتقالية ومعرقليها في بلادنا .
إن ما جرى ويجري من إضرار بمصالح الشعب أمر أصبح فوق مستوى الاحتمال، لا معنى له، ولا هدف سوى إعاقة التغيير، ومخرجات الحوار، وبالتالي الوصول شيئاً فشيئاً إلى هاوية الفشل، وإسقاط كل آمال الشعب في الديمقراطية وإنهاء جبروت الطغيان، والفساد .
هكذا يجب أن نفهم، ومن هنا ينبغي أن نبدأ، وإذا كان الباطل والظلم قد استوحشا بالأمس لدفن آمالنا البسيطة في الحرية والديمقراطية والمواطنة المتساوية، فإن أصحاب الحق قد أصبحوا مطالبين اليوم بأن يكونوا أكثر التفافاً حول قائدهم فخامة الأخ الرئيس وأكثر وعياً في إدراك ما يحيكه الطغاة، وأكثر استعداداً للوقوف الواعي إزاء كل التحديات .