ابن عمر .. جاء إلينا هذه المرة؛ ليس فقط ليسجل ملاحظاته على ما يجري في الساحة اليمنية من تنفيذ عملي لمخرجات الحوار الوطني الشامل، سواء أكان في إطار صياغة الدستور الاتحادي الجديد كمسألة آنية، جد ضرورية، أو في إطار تعزيز الأمن والاستقرار والسكينة، وبسط نفوذ الدولة على كل ترابها الوطني ( من صعدة وحتى المهرة، وسقطرة ) ولكن أيضاً ليضع النقاط على الحروف أمام من تصعب عليهم قراءة الواقع على خارطة الأفعال الحية، المتحركة، التي تصنعها القيادة السياسية، وجماهير الشعب في معزوفة المجد، وسيمفونية اليمن الاتحادي الجديد، وليفهم أولئك الذين ما زالوا أسارى أحلام اليقظة، أو أماني العودة إلى دياجير القرون الوسطى، أو عهود العبث، وأزمنة الفساد، والقهر، والاستحواذ، فضلاً عن أولئك المبحرين ضد التيار؛ الذين يحاولون استغفال عقول الناس، والمتاجرة بقضاياهم، ومصائرهم، أو بوطنهم ورقابهم من المفسدين، المفلسين سياسياً، واجتماعياً .. ليفهمهم باللغة التي تروق لهم، وليقول لهم : يكفي ما قد كان .. يكفي لعباً بالنار، إلى هنا فقط .. وليؤكد للجميع موقف المجتمع الدولي الداعم للقيادة السياسية وحكومة الوفاق، والداعم للعمل الجاد لإنجاح المرحلة الانتقالية بصورة تامة، وكاملة بقيادة فخامة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية .
ومن المؤكد أن ( شابوك ) ابن عمر؛ المتمثل بقرارات مجلس الأمن؛ المعد للتعامل مع العقول ( الناشفة ) سيكون هذه المرة مفعَّلاً على نحو جيد، وبما يفي تماماً بالغرض؛ ليفهم المرضى ( عبيد العصا ) أن المجتمع الدولي لا يلعب، ولن يتهاون، وأن خيار اليمن الموحد الذي غدا خيار كل اليمنيين الشرفاء؛ هو أيضاً خيار المجتمع الدولي، والمصالح التجارية الدولية الجادة؛ باعتبار اليمن يشرف على أهم المضايق المائية الدولية (الاستراتيجية) التي تمر بها هذه التجارة والمصالح المختلفة ( من وإلى) على مستوى المعمورة .
ويكفي دليلاً على ذلك استقبال فخامة الأخ الرئيس ( السبت المنصرم ) للسيد ابن عمر، ومناقشته معه التطورات، والمستجدات، والحرب التي تشنها الدولة على الإرهاب على مستوى الوطن، وخصوصاً، وعلى نحو أكثر تركيزاً في محافظات : أبين، وشبوة، وحضرموت، والبيضاء، ومأرب .
وتأتي هذه الزيارة الروتينية للسيد جمال بن عمر مستشار أمين عام الأمم المتحدة، ومبعوثه إلى بلادنا في أعقاب تقارير دولية تؤكد أن إنقاذ اليمن غدا مرهوناً بسرعة صياغة الدستور، وإجراء الانتخابات، كما تأتي من جهة أخرى في أعقاب تطورات الأزمة الاقتصادية المفتعلة، التي تؤججها العقول المتخلفة، المشلولة، وقوى الفساد، والتخريب، والتي انعكست على الموازنة الجديدة، وما اعتورها من عجز كبير؛ ازداد تفاقما بما شهدته البلاد مؤخراً من أزمة خانقة في التموين بالوقود والكهرباء .
وأذا كان المجتمع الدولي قد شمر، وعلى يد مبعوثه السيد ابن عمر عن ساعد الجد لموجهة قوى العبث، والهدم، والإرهاب، والتخريب، والفساد، واللعب بالمصائر؛ فإننا اليوم قد غدونا ـ لذلك ـ مطالَبين أكثر من أي وقت مضى بأن نقف بشجاعة وإصرار مع أنفسنا، ومع قضايانا العادلة، بعيداً عن التخاذل، واللامبالاة، اللذين لم نذق منهما سوى مرارة الفقر، وألم الجوع، ودوَّامات الأمراض، وأعاصير الخوف المظلم .
لقد آن الأوان أن نكون، فإذا كانت القيادة السياسية ومن منطلق الفهم العميق قد بدأت خطى سريعة وحثيثة لتنفيذ مخرجات الحوار، وفي المقدمة العمل على إنجاز صياغة الدستور، وبسط نفوذ الدولة، والعمل على استعادة السلاح من المليشيات المختلفة، باعتبار كل ذلك قد غدا يمثل بحق جوهر التغيير وأساس الإصلاح؛ فإن المطلوب، بل الواجب الملقى على عاتق الجميع اليوم يفترض بجد أن نغدو جميعاً فعلاً إيجابياً عامراً بالحياة .. وعلى كل الصعد ، وأن نبدأ من الدستور، وننطلق من قاعدته .. نحو يمن جديد، وعهد جديد، على أساس العدالة ، وعلى أجنحة الحرية، وتحت سقف المساواة .. هذا هو الطريق لمن أراد الحياة الحرة، فاحذروا السبل !!