(السعيد) في القواميس العربية ضد الشقي، صفة لا تعرف بذاتها بل بعكسها، وكأننا خلقنا أشقياء. وكأن السعادة نذير شؤم وإذا سعدنا بترقية أو..وحين نضحك كثيراً وتدمع أعيننا نردد (خير اللهم اجعله خير) خفنا الحسد وحملنا الهم قبل وقوعه. السعادة عندنا عبء ثقيل. حسب القواميس الأجنبية سيارة جديدة أو مولود، ظهرت كلمة (سعيد) في القرن الرابع عشر وكانت دائماً مرتبط بالحظ والفرصة الجيدة. هل تقودنا الفرصة الطيبة دائماً إلى السعادة؟ وفي حضارات أخرى (السعيد) هو الحكيم. من دخل منا عقل الحكيم وقلبه ليرى إن كان مثقلاً بالمتاعب أم لا؟
وحين يقول لك شخص إنه غير سعيد، أيعرف هو سر تعاسته؟ وهل تعرف أنت إن كان تصورك عن السعادة يشبه تصوره هو عن السعادة أم لا؟ ولماذا يسعدنا الشيء بالأمس ولا يعود يسعدنا بعد حين؟ هل السعادة في الوجهة أم في الرحلة؟ أسئلة لا أعرف لها إجابات قاطعة، لكني أعر ف جيداً أن السعادة شعور أقوى من أن نخطئه في القلب، نحسها في لحظات الصدق.
السعادة..فيض يغمرنا ونحن نرى زهرة تتفتح عند الصباح، السعادة برعم صغير يكبر ونحن نرعاه، السعادة سرب طيور يحلق عالياً بتناغم شديد يؤازر أفراده بعضهم البعض، جلسة على الشاطئ ساعة الغروب.السعادة سماع أغنية مفرحة بصوت مبهج، قراءة ممتعة لكتاب، السعادة شعور جميل نحسه عندما يقدرنا الآخرون، وعندما يؤمن بنا أحد. السعادة هي القدرة على العطاء. السعادة في اللا متوقع تأتيك هدية بدون مناسبة، كنسمة نهار حلوة، مكالمة من صديق تنهيها معه فتشعر بعدها بأنك أفضل بكثير جاءتك فقط لأنها تشبهك، رسالة قصيرة من شخص رأى شيئاً ذكره بك. صحبة جميلة لا لشيء سوى الدفء والثرثرة. سطر من كتاب قرأناه ونحن صغار أعجبنا فنظل نحفظه، بحة صوت جميل. دقة وتر تلمسنا وإن كانت حزينة. طبق لذيذ مصنوع بحب لأجلنا. مذاق الفراولة أو الشوكولاتة يغير مزاجنا.السعادة هي إحساسنا بأننا لم نخذل من أحبونا.سعادتنا في الذكريات البسيطة التي شكلت طفولتنا لعبة نلعبها مع صغارنا ونخسرها لأجل ابتسامتهم كفهم الصغيرة تربت على ظهورنا بحنان إحساسنا أننا ننتمي لعالم أكبر، السعادة في التحقق في رحلة الوصول إلى أهدافنا وبلوغها في التحدي نقوى عليه ونجتازه.
السعادة في الحلم إن صدقناه ورعيناه.
الطفولة السعيدة تزيد من احتمالات أن يظل الإنسان أميل للسعادة في كبره وأقل عرضة للاكتئاب فلتكن أكتب وأنا أسمع أغنية (هابي) التي أصبحت أيقونة، فلتكن بيوتنا معنية بالتفاصيل السعيدة لأجلهم لأجل أبنائنا السعادة منذ صدورها السعادة معدية ومحفزة لكنها أختيار وليست هدية فلنكن مصدر السعادة إن استطعنا.
أعرف أن فكرة الاحتفال بيوم عالمي للسعادة جاءت مناصرة للفقراء الأشقياء الذين يعيشون على الكفاف في عالم محموم بالنزعات الشرائية ومكوي باقتصاد السوق وسعاره لكنني أعرف تماماً أن السعادة لا تشترى وأن المال لا يجلب دائماً السعادة. فقراء العالم يحتاجون عدلاً ولا يحتاجون شفقة وصدقة.